قوله : ( باب الجهر في المغرب ) اعترض الزين بن المنير على هذه الترجمة والتي بعدها بأن الجهر فيهما لا خلاف فيه ، وهو عجيب ؛ لأن الكتاب موضوع لبيان الأحكام من حيث هي ، وليس هو مقصورا على الخلافيات .
[ ص: 290 ] قوله : ( عن محمد بن جبير ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من طريق سفيان عن الزهري " حدثني محمد بن جبير " .
قوله : ( قرأ في المغرب بالطور ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر " يقرأ " وكذا هو في الموطأ وعند مسلم ، زاد المصنف في الجهاد من طريق محمد بن عمرو عن الزهري " وكان جاء في أسارى بدر " nindex.php?page=showalam&ids=13053ولابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن الزهري " في فداء أهل بدر " وزاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق معمر " وهو يومئذ مشرك " وللمصنف في المغازي من طريق معمر أيضا في آخره قال " وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي " nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من رواية أسامة بن زيد عن الزهري نحوه وزاد " فأخذني من قراءته الكرب " nindex.php?page=showalam&ids=16000ولسعيد بن منصور عن هشيم عن الزهري " فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن " واستدل به على صحة أداء ما تحمله الراوي في حال الكفر ، وكذا الفسق إذا أداه في حال العدالة . وستأتي الإشارة إلى زوائد أخرى فيه لبعض الرواة قوله : ( بالطور ) أي بسورة الطور ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : يحتمل أن تكون الباء بمعنى من كقوله تعالى : عينا يشرب بها عباد الله وسنذكر ما فيه قريبا . قال الترمذي : ذكر عن مالك أنه كره أن يقرأ في المغرب بالسور الطوال نحو الطور والمرسلات .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا أكره ذلك بل أستحبه . وكذا نقله البغوي في شرح السنة عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والمعروف عند الشافعية أنه لا كراهية في ذلك ولا استحباب . وأما مالك فاعتمد العمل بالمدينة بل وبغيرها . قال ابن دقيق العيد : استمر العمل على تطويل القراءة في الصبح وتقصيرها في المغرب ، والحق عندنا أن ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وثبتت مواظبته عليه فهو مستحب ، وما لم تثبت مواظبته عليه فلا كراهة فيه . قلت : الأحاديث التي ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في القراءة هنا ثلاثة مختلفة المقادير لأن الأعراف من السبع الطوال ، والطور من طوال المفصل ، والمرسلات من أوساطه . وفي nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من حديث ابن عمر أنه قرأ بهم في المغرب بالذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ، ولم أر حديثا مرفوعا فيه التنصيص على القراءة فيها بشيء من قصار المفصل إلا حديثا في ابن ماجه عن ابن عمر نص فيه على الكافرون والإخلاص ، ومثله nindex.php?page=showalam&ids=13053لابن حبان عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة .
فأما حديث ابن عمر فظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : أخطأ فيه بعض رواته . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ففيه سعيد بن سماك وهو متروك ، والمحفوظ أنه قرأ بهما في الركعتين بعد المغرب واعتمد بعض أصحابنا وغيرهم حديث سليمان بن يسار عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قال " ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فلان ، قال سليمان : فكان يقرأ في الصبح بطوال المفصل وفي المغرب بقصار المفصل " الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة وغيره . وهذا يشعر بالمواظبة على ذلك ، لكن في الاستدلال به نظر يأتي مثله في " باب جهر الإمام بالتأمين " بعد ثلاثة عشر بابا . نعم حديث رافع الذي تقدم في المواقيت أنهم كانوا ينتضلون بعد صلاة المغرب يدل على تخفيف القراءة فيها ، وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أحيانا يطيل القراءة في المغرب إما لبيان الجواز وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين ، وليس في حديث جبير بن مطعم دليل على أن ذلك تكرر منه ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل ، ولو كان مروان يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على ذلك لاحتج به على [ ص: 291 ] زيد ، لكن لم يرد زيد منه فيما يظهر المواظبة على القراءة بالطوال ، وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي حديث أم الفضل إشعار بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الصحة بأطول من المرسلات لكونه كان في حال شدة مرضه وهو مظنة التخفيف ، وهو يرد على أبي داود ادعاء نسخ التطويل لأنه روى عقب حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت من طريق عروة أنه كان يقرأ في المغرب بالقصار ، قال : وهذا يدل على نسخ حديث زيد ، ولم يبين وجه الدلالة ، وكأنه لما رأى عروة راوي الخبر عمل بخلافه حمله على أنه اطلع على ناسخه ، ولا يخفى بعد هذا الحمل ، وكيف تصح دعوى النسخnindex.php?page=showalam&ids=11696وأم الفضل تقول : إن آخر صلاة صلاها بهم قرأ بالمرسلات . قال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في صحيحه : هذا من الاختلاف المباح ، فجائز للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب ، إلا أنه إذا كان إماما استحب له أن يخفف في القراءة كما تقدم اهـ .
وهذا أولى من قول القرطبي : ما ورد في مسلم وغيره من تطويل القراءة فيما استقر عليه التقصير أو عكسه فهو متروك ، وادعى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أنه لا دلالة في شيء من الأحاديث الثلاثة على تطويل القراءة ، لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة . ثم استدل لذلك بما رواه من طريق هشيم عن الزهري في حديث جبير بلفظ : فسمعته يقول إن عذاب ربك لواقع قال فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة هي هذه الآية خاصة اهـ . وليس في السياق ما يقتضي قوله " خاصة " مع كون رواية هشيم عن الزهري بخصوصها مضعفة ، بل جاء في روايات أخرى ما يدل على أنه قرأ السورة كلها ، فعند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التفسير " سمعته يقرأ في المغرب بالطور ، فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون الآيات إلى قوله : المصيطرون كاد قلبي يطير " ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=16802لقاسم بن أصبغ ، وفي رواية أسامة ومحمد بن عمرو المتقدمتين " سمعته يقرأ والطور وكتاب مسطور ومثله لابن سعد ، وزاد في أخرى فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد .
ثم ادعى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أن الاحتمال المذكور يأتي في حديث زيد بن ثابت ، وكذا أبداه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي احتمالا ، وفيه نظر لأنه لو كان قرأ بشيء منها يكون قدر سورة من قصار المفصل لما كان لإنكار زيد معنى . وقد روى حديث زيد nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عنه أنه قال لمروان " nindex.php?page=hadith&LINKID=844054إنك لتخف القراءة في الركعتين من المغرب فوالله لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيها بسورة الأعراف في الركعتين جميعا " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة . واختلف على هشام في صحابيه والمحفوظ عن عروة أنه nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وقال أكثر الرواة : عن هشام عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت أو أبي أيوب ، وقيل عن عائشة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مقتصرا على المتن دون القصة ، واستدل به nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره على امتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق ، وفيه نظر لأن من قال إن لها وقتا واحدا لم يحده بقراءة معينة بل قالوا : لا يجوز تأخيرها عن أول غروب الشمس ، وله أن يمد القراءة فيها ولو غاب الشفق . واستشكل المحب الطبري إطلاق هذا ، وحمله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي قبله على أنه يوقع ركعة في أول الوقت ويديم الباقي ولو غاب الشفق ، ولا يخفى ما فيه ، لأن تعمد إخراج بعض الصلاة عن الوقت ممنوع ، ولو أجزأت فلا يحمل ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك . واختلف في المراد بالمفصل مع الاتفاق على أن منتهاه آخر القرآن هل هو من أول الصافات أو الجاثية أو القتال أو الفتح أو الحجرات أو ق أو الصف أو تبارك أو سبح أو الضحى إلى آخر القرآن أقوال أكثرها مستغرب اقتصر في شرح المهذب على أربعة من الأوائل سوى الأول والرابع ، وحكى الأول والسابع والثامن ابن أبي الصيف اليمني ، وحكى الرابع [ ص: 292 ] والثامن الدزماري في " شرح التنبيه " وحكى التاسع المرزوقي في شرحه ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي العاشر ، والراجح الحجرات ذكره النووي . ونقل المحب الطبري قولا شاذا أن المفصل جميع القرآن ، وأما ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق زرارة بن أوفى قال : أقرأني أبو موسى كتاب عمر إليه : اقرأ في المغرب آخر المفصل . وآخر المفصل من ( لم يكن ) إلى آخر القرآن فليس تفسيرا للمفصل بل لآخره ، فدل على أن أوله قبل ذلك .