قوله : ( باب متى يصح سماع الصغير ) زاد الكشميهني : " الصبي الصغير " . ومقصود الباب الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطا في التحمل . وقال الكرماني : إن معنى الصحة هنا جواز قبول مسموعه . قلت : وهذا تفسير لثمرة الصحة لا لنفس الصحة . وأشار المصنف بهذا إلى اختلاف وقع بين nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين رواه الخطيب في الكفاية عن عبد الله بن أحمد وغيره أن يحيى قال : أقل سن التحمل خمس عشرة [ ص: 206 ] سنة لكون ابن عمر رد يوم أحد إذ لم يبلغها . فبلغ ذلك أحمد فقال : بل إذا عقل ما يسمع ، وإنما قصة ابن عمر في القتال . ثم أورد الخطيب أشياء مما حفظها جمع من الصحابة ومن بعدهم في الصغر وحدثوا بها بعد ذلك وقبلت عنهم ، وهذا هو المعتمد ، وما قاله ابن معين إن أراد به تحديد ابتداء الطلب بنفسه فموجه ، وإن أراد به رد حديث من سمع اتفاقا أو اعتنى به فسمع وهو صغير فلا ، وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر الاتفاق على قبول هذا ، وفيه دليل على أن مراد ابن معين الأول ، وأما احتجاجه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد البراء وغيره يوم بدر ممن كان لم يبلغ خمس عشرة فمردود بأن القتال يقصد فيه مزيد القوة والتبصر في الحرب ، فكانت مظنته سن البلوغ ، والسماع يقصد فيه الفهم فكانت مظنته التمييز . وقد احتج الأوزاعي لذلك بحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502570مروهم بالصلاة لسبع .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل ) هو ابن أبي أويس ، وقد ثبت ذلك في رواية كريمة .
قوله : ( على حمار ) هو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى كقولك بعير . وقد شذ حمارة في الأنثى حكاه في الصحاح . وأتان بفتح الهمزة وشذ كسرها كما حكاه الصغاني هي الأنثى من الحمير ، وربما قالوا للأنثى أتانة حكاه يونس وأنكره غيره ، فجاء في الرواية على اللغة الفصحى . وحمار أتان بالتنوين فيهما على النعت أو البدل ، وروي بالإضافة . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أنثى للاستدلال بطريق الأولى على أن الأنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهن أشرف ، وهو قياس صحيح من حيث النظر ، إلا أن الخبر الصحيح لا يدفع بمثله كما سيأتي البحث فيه في الصلاة إن شاء الله تعالى .
قوله : ( بين يدي بعض الصف ) هو مجاز عن الأمام بفتح الهمزة ; لأن الصف ليس له يد . وبعض الصف يحتمل أن يراد به صف من الصفوف أو بعض من أحد الصفوف قاله الكرماني .
قوله : ( ترتع ) بمثناتين مفتوحتين وضم العين أي : تأكل ما تشاء ، وقيل تسرع في المشي ، وجاء أيضا بكسر العين بوزن يفتعل من الرعي ، وأصله ترتعي لكن حذفت الياء تخفيفا ، والأول أصوب ، ويدل عليه رواية المصنف في الحج نزلت عنها فرتعت .
قوله : ( فلم ينكر ذلك علي أحد ) قيل فيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة ; لأن المرور مفسدة خفيفة ، والدخول في الصلاة مصلحة راجحة ، واستدل ابن عباس على الجواز بعدم الإنكار لانتفاء الموانع إذ ذاك ، ولا يقال منع من الإنكار اشتغالهم بالصلاة لأنه نفى الإنكار مطلقا فتناول ما بعد الصلاة . وأيضا فكان الإنكار يمكن بالإشارة . وفيه ما ترجم له أن التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية وإنما يشترط عند الأداء . ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر . وقامت حكاية ابن عباس لفعل النبي [ ص: 207 ] - صلى الله عليه وسلم - وتقريره مقام حكاية قوله ، إذ لا فرق بين الأمور الثلاثة في شرائط الأداء . فإن قيل : التقييد بالصبي والصغير في الترجمة لا يطابق حديث ابن عباس ، أجاب الكرماني بأن المراد بالصغير غير البالغ ، وذكر الصبي معه من باب التوضيح . ويحتمل أن يكون لفظ الصغير يتعلق بقصة محمود ، ولفظ الصبي يتعلق بهما معا والله أعلم . وسيأتي باقي مباحث هذا الحديث في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى .