[ ص: 377 ] قوله : ( باب من لم يرد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة ) أورد فيه حديث عتبان كما ذكرنا ، واعتماده فيه على قوله " ثم سلم وسلمنا حين سلم " فإن ظاهره أنهم سلموا نظير سلامه ، وسلامه إما واحدة وهي التي يتحلل بها من الصلاة وإما هي وأخرى معها ، فيحتاج من استحب تسليمة ثالثة على الإمام بين التسليمتين - كما تقوله المالكية - إلى دليل خاص ، وإلى رد ذلك أشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقال ابن بطال : أظنه قصد الرد على من يوجب التسليمة الثانية ، وقد نقله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن الحسن بن الحسن . انتهى . وفي هذا الظن بعد ، والله أعلم .
قوله : ( وزعم ) الزعم يطلق على القول المحقق وعلى القول المشكوك فيه وعلى الكذب ، وينزل في كل موضع على ما يليق به ، والظاهر أن المراد به هنا الأول ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=7820محمود بن الربيع موثق عند الزهري ، فقوله عنده مقبول .
قوله : ( من دلو كانت في دارهم ) قال الكرماني : كانت صفة لموصوف محذوف أي من بئر كانت في دارهم ، ولفظ الدلو يدل عليه . وقال غيره : بل الدلو يذكر ويؤنث فلا يحتاج إلى تقدير .
قوله : ( سمعت عتبان بن مالك الأنصاري ثم أحد بني سالم ) بنصب أحد عطفا على قوله الأنصاري ، وهو بمعنى قوله الأنصاري ثم السالمي ، هذا الذي يكاد من له أدنى ممارسة بمعرفة الرجال أن يقطع به ، وقال الكرماني : يحتمل أن يكون عطفا على عتبان يعني سمعت عتبان ثم سمعت أحد بني سالم أيضا ، قال : والمراد به فيما يظهر الحصين بن محمد ، فكأن محمودا سمع من عتبان ، ومن الحصين . قال : وهو بخلاف ما تقدم في " باب المساجد في البيوت " أن الزهري هو الذي سمع محمودا والحصين ، قال : ولا منافاة بينهما لاحتمال أن الزهري ومحمودا سمعا جميعا من الحصين ، قال : ولو روي برفع أحد بأن يكون عطفا على محمود لساغ ووافق الرواية الأولى ، يعني فيصير التقدير : قال الزهري أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=7820محمود بن الربيع ثم أخبرني أحد بني سالم أي الحصين . انتهى .
وكأن الحامل له على ذلك كله قول الزهري في الرواية السابقة " ثم سألت الحصين بن محمد الأنصاري وهو أحد بني سالم " فكأنه ظن أن المراد بقوله ثم أحد بني سالم هنا هو المراد بقوله أحد بني سالم هناك ، ولا حاجة لذلك ، فإن عتبان من بني سالم أيضا ، وهو عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زياد بن غنم بن سالم بن عوف ، وقيل في نسبه غير ذلك مع الاتفاق على أنه من بني سالم ، والأصل عدم التقدير في إدخال أخبرني بين ثم وأحد ، وعلى الاحتمال الذي ذكره إشكال آخر لأنه يلزم منه أن يكون الحصين بن محمد هو صاحب القصة المذكورة ، أو أنها تعددت له ولعتبان ، وليس كذلك فإن الحصين المذكور لا صحبة له ، بل لم أر من ذكر أباه في الصحابة . وقد ذكر ابن أبي حاتم الحصين بن محمد في الجرح والتعديل ولم يذكر له شيخا غير عتبان بن مالك ، ونقل عن أبيه أن روايته عنه مرسلة ، ولم يذكر أحد ممن صنف في الرجال لمحمود بن الربيع رواية عن الحصين ، والله أعلم .
قوله : ( فلوددت ) أي فوالله لوددت .
[ ص: 378 ] قوله : ( اشتد النهار ) أي ارتفعت الشمس .
قوله : ( فأشار إليه من المكان الذي أحب أن يصلي فيه ) قال الكرماني فاعل أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن للتبعيض ، قال : ولا ينافي ما تقدم أنه قال فأشرت له إلى المكان ، لا مكان وقوع الإشارتين منه ومن النبي - صلى الله عليه وسلم - إما معا وإما سابقا ولاحقا . قلت : والذي يظهر أن فاعل أشار هو عتبان ، لكن فيه التفات ، إذ ظاهر السياق أن يقول : فأشرت إلخ ، وبهذا تتوافق الروايات ، والله أعلم .