باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال وكان nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه
قوله : ( باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال ) قال الزين بن المنير : جمع في الترجمة بين الانفتال والانصراف للإشارة إلى أنه لا فرق في الحكم بين الماكث في مصلاه إذا انفتل لاستقبال المأمومين ، وبين المتوجه لحاجته إذا انصرف إليها .
قوله : ( وكان أنس بن مالك إلخ ) وصله مسدد في مسنده الكبير من طريق سعيد عن قتادة قال : كان أنس " فذكره وقال فيه " ويعيب على من يتوخى ذلك أن لا ينفتل إلا عن يمينه ويقول : يدور كما يدور الحمار " وقوله " يتوخى " بخاء معجمة مشددة أي يقصد ، وقوله : ( أو يعمد ) شك من الراوي . قلت : وظاهر هذا الأثر عن أنس يخالف ما رواه مسلم من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال " سألت أنسا كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري ؟ قال : أما أنا فأكثر ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه " ويجمع بينهما بأن أنسا عاب من يعتقد تحتم ذلك ووجوبه ، وأما إذا استوى الأمران فجهة اليمين أولى .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان ) هو الأعمش .
قوله : ( عن عمارة ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الأعمش " سمعت عمارة بن عمير " وفي الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون في نسق آخرهم nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود وهو ابن يزيد النخعي .
قوله : ( لا يجعل ) في رواية الكشميهني " لا يجعلن " بزيادة نون التأكيد .
قوله : ( شيئا من صلاته ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وغيره عن الأعمش عند مسلم " جزءا من صلاته " .
قوله : ( يرى ) بفتح أوله أي يعتقد ، ويجوز الضم أي يظن . و قوله : ( أن حقا عليه ) هو بيان للجعل في قوله : لا يجعل " .
[ ص: 394 ] قوله : ( أن لا ينصرف ) أي يرى أن عدم الانصراف حق عليه ، فهو من باب القلب قاله الكرماني في الجواب عن ابتدائه بالنكرة قال : أو لأن النكرة المخصوصة كالمعروفة .
قوله : ( كثيرا ينصرف عن يساره ) في رواية مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=844224أكثر ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن شماله فأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فلا تعارض حديث أنس الذي أشرت إليه عند مسلم ، وأما رواية مسلم فظاهرة التعارض لأنه عبر في كل منهما بصيغة أفعل ، قال النووي : يجمع بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل تارة هذا وتارة هذا ، فأخبر كل منهما بما اعتقد أنه الأكثر ، وإنما كره ابن مسعود أن يعتقد وجوب الانصراف عن اليمين . قلت : وهو موافق للأثر المذكور أولا عن أنس ، ويمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر ، وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد ، لأن حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت من جهة يساره ، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر ، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود لأنه أعلم وأسن وأجل وأكثر ملازمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس ، وبان في إسناد حديث أنس من تكلم فيه وهو nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، وبأنه متفق عليه بخلاف حديث أنس في الأمرين ، وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال لأن حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت على جهة يساره كما تقدم .
ثم ظهر لي أنه يمكن الجمع بين الحديثين بوجه آخر ، وهو أن من قال كان أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته في حال الصلاة ، ومن قال كان أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حالة استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة ، فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة ، ومن ثم قال العلماء . يستحب الانصراف إلى جهة حاجته . لكن قالوا : إذا استوت الجهتان في حقه فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن كحديث عائشة المتقدم في كتاب الطهارة . قال ابن المنير : فيه أن المندوبات قد تنقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها ، لأن التيامن مستحب في كل شيء أي من أمور العبادة ، لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته ، والله أعلم .