باب المشي إلى الجمعة وقول الله جل ذكره فاسعوا إلى ذكر الله ومن قال السعي العمل والذهاب لقوله تعالى وسعى لها سعيها وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما يحرم البيع حينئذ وقال عطاء تحرم الصناعات كلها وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري إذا أذن المؤذن يوم الجمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد
قوله : ( باب المشي إلى الجمعة وقول الله جل ذكره فاسعوا إلى ذكر الله ومن قال السعي العمل والذهاب لقوله تعالى : وسعى لها سعيها . قال ابن المنير في الحاشية : لما قابل الله بين الأمر بالسعي والنهي عن البيع دل أن المراد بالسعي العمل الذي هو الطاعة لأنه هو الذي يقابل بسعي الدنيا كالبيع والصناعة . [ ص: 454 ] والحاصل أن المأمور به سعي الآخرة ، والمنهي عنه سعي الدنيا . وفي الموطأ عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن هذه الآية فقال : كان عمر يقرؤها " إذا نودي للصلاة فامضوا " وكأنه فسر السعي بالذهاب ، قال مالك : وإنما السعي العمل لقول الله تعالى وإذا تولى سعى في الأرض وقال وأما من جاءك يسعى قال مالك : وليس السعي الاشتداد اهـ . وقراءة عمر المذكورة سيأتي الكلام عليها في التفسير . وقد أورد المصنف في الباب حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=856665لا تأتوها وأنتم تسعون إشارة منه إلى أن السعي المأمور به في الآية غير السعي المنهي عنه في الحديث ، والحجة فيه أن السعي في الآية فسر بالمضي ، والسعي في الحديث فسر بالعدو . لمقابلته بالمشي حيث قال : لا تأتوها تسعون وأتوها تمشون .
قوله : ( وقال ابن عباس يحرم البيع حينئذ ) أي إذا نودي بالصلاة ، وهذا الأثر ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم من طريق عكرمة عن ابن عباس بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=856666لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادى للصلاة ، فإذا قضيت الصلاة فاشتر وبع " ورواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا ، وإلى القول بالتحريم ذهب الجمهور ، وابتداؤه عندهم من حين الأذان بين يدي الإمام لأنه الذي كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي قريبا . وروى عمر بن شبة في " أخبار المدينة " من طريق مكحول أن النداء كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذن يوم الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام ، وذلك النداء الذي يحرم عنده البيع ، وهو مرسل يعتضد بشواهد تأتي قريبا . وأما الأذان الذي عند الزوال فيجوز عندهم البيع فيه مع الكراهة ، وعن الحنفية يكره مطلقا ولا يحرم ، وهل يصح البيع مع القول بالتحريم ؟ قولان مبنيان على أن النهي هل يقتضي الفساد مطلقا أو لا ؟ .
قوله : ( وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري إلخ ) لم أره من رواية إبراهيم ، وقد ذكره ابن المنذر عن الزهري وقال : إنه اختلف عليه فيه فقيل عنه هكذا ، وقيل عنه مثل قول الجماعة إنه لا جمعة على مسافر ، كذا رواهnindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري ، قال ابن المنذر : وهو كالإجماع من أهل العلم على ذلك ، لأن الزهري اختلف عليه فيه اهـ . ويمكن حمل كلام الزهري على حالين ، فحيث قال " لا جمعة على مسافر " أراد على طريق الوجوب ، وحيث قال " فعليه أن يشهد " أراد على طريق الاستحباب .
ويمكن أن تحمل رواية إبراهيم بن سعد هذه على صورة مخصوصة ، وهو إذا اتفق حضوره في موضع تقام فيه الجمعة فسمع النداء لها ، لا أنها تلزم المسافر مطلقا حتى يحرم عليه السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخلها مجتازا مثلا ، وكأن ذلك رجح عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ويتأيد عنده بعموم قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فلم يخص مقيما من مسافر ، وأما ما احتج به ابن المنذر على سقوط الجمعة عن المسافر بكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر جميعا بعرفة وكان يوم جمعة فدل ذلك من فعله على أنه لا جمعة على مسافر فهو عمل صحيح ، إلا أنه لا يدفع الصورة التي ذكرتها . وقال الزين بن المنير : قرر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذه الترجمة إثبات المشي إلى الجمعة مع معرفته بقول من فسرها بالذهاب الذي يتناول المشي والركوب ، وكأنه حمل الأمر بالسكينة والوقار على عمومه في [ ص: 455 ] الصلوات كلها فتدخل الجمعة كما هو مقتضى حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة فيؤخذ من قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=856668وعليكم السكينة " فإنه يقتضي عدم الإسراع في حال السعي إلى الصلاة أيضا .
قوله : ( حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله ) هو ابن المديني .
قوله : ( يزيد ) بالتحتانية والزاي ، و ( عباية ) بفتح المهملة بعدها موحدة وهو ابن رفاعة بن رافع بن خديج .
قوله : ( أدركني أبو عبس ) بفتح المهملة وسكون الموحدة ، وهو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة واسمه عبد الرحمن على الصحيح ، وليس له في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الحديث الواحد .
قوله : ( وأنا أذهب ) كذا وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن القصة وقعت لعباية مع nindex.php?page=showalam&ids=9953أبي عبس ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية علي بن بحر وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم أن القصة وقعت ليزيد بن أبي مريم مع عباية ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن الحسين بن حريث عن الوليد ولفظه " حدثني يزيد قال : لحقني عباية بن رفاعة وأنا ماش إلى الجمعة " زاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في روايته " وهو راكب ، فقال : احتسب خطاك هذه " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي " فقال أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله ، فإني سمعت أبا عبس بن جبر " فذكر الحديث ، فإن كان محفوظا احتمل أن تكون القصة وقعت لكل منهما ، وسيأتي الكلام على المتن في كتاب الجهاد ، وأورده هنا لعموم قوله " في سبيل الله " فدخلت فيه الجمعة ، ولكون راوي الحديث استدل به على ذلك . وقال ابن المنير في الحاشية : وجه دخول حديث nindex.php?page=showalam&ids=9953أبي عبس في الترجمة من قوله " أدركني أبو عبس " لأنه لو كان يعدو لما احتمل وقت المحادثة لتعذرها مع الجري ، ولأن أبا عبس جعل حكم السعي إلى الجمعة حكم الجهاد .
وليس العدو من مطالب الجهاد فكذلك الجمعة ، انتهى . وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة تقدم الكلام عليه في أواخر أبواب الأذان ، وقد سبق في أول هذا الباب توجيه إيراده هنا .