قوله : ( باب صلاة الخوف رجالا وركبانا ) قيل : مقصوده أن الصلاة لا تسقط عند العجز عن النزول عن الدابة ولا تؤخر عن وقتها ، بل تصلى على أي وجه حصلت القدرة عليه بدليل الآية .
قوله : ( راجل : قائم ) يريد أن قوله " رجالا " جمع راجل والمراد به هنا القائم ، ويطلق على الماشي أيضا وهو المراد في سورة الحج بقوله تعالى : يأتوك رجالا أي مشاة ، وفي تفسير الطبري بسند صحيح عن مجاهد فإن خفتم فرجالا أو ركبانا إذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا .
قوله : ( عن نافع عن ابن عمر نحوا من قول مجاهد إذا اختلطوا قياما ، وزاد ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=856774وإن كانوا أكثر من ذلك فليصلوا قياما وركبانا هكذا أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مختصرا وأحال على قول مجاهد ، ولم يذكره هنا ولا في موضع آخر من كتابه ، فأشكل الأمر فيه فقال الكرماني : معناه أن نافعا روى عن ابن عمر نحوا مما روى مجاهد عن ابن عمر ، المروي المشترك بينهما هو ما إذا اختلطوا قياما ، وزيادة نافع على مجاهد قوله " وإن كانوا أكثر من ذلك إلخ " قال : ومفهوم كلام ابن بطال أن ابن عمر [ ص: 501 ] قال مثل قول مجاهد ، وأن قولهما مثلا في الصورتين ، أي في الاختلاط وفي الأكثرية ، وأن الذي زاد هو ابن عمر لا نافع اهـ . وما نسبه nindex.php?page=showalam&ids=12997لابن بطال بين في كلامه إلا المثلية في الأكثرية فهي مختصة بابن عمر وكلام ابن بطال هو الصواب وإن كان لم يذكر دليله . والحاصل أنهما حديثان : مرفوع وموقوف ، فالمرفوع من رواية ابن عمر وقد يروى كله أو بعضه موقوفا عليه أيضا ، والموقوف من قول مجاهد لم يروه عن ابن عمر ولا غيره ، ولم أعرف من أين وقع للكرماني أن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا روى هذا الحديث عن ابن عمر فإنه لا وجود لذلك في شيء من الطرق ، وقد رواه الطبري عن سعيد بن يحيى شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه بإسناده المذكور عن ابن عمر قال " إذا اختلطوا " يعني في القتال " فإنما هو الذكر وإشارة الرأس " قال ابن عمر : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=856775فإن كانوا أكثر من ذلك فيصلون قياما وركبانا هكذا اقتصر على حديث ابن عمر ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن الهيثم بن خلف عن سعيد المذكور مثل ما ساقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سواء ، وزاد بعد قوله " اختلطوا : فإنما هو الذكر وإشارة الرأس " اهـ .
وتبين من هذا أن قوله في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " قياما " الأولى تصحيف من قوله : فإنما " وقد ساقه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق أخرى بين لفظ مجاهد وبين فيها الواسطة بين nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وبينه ، فأخرجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال : إذا اختلطوا فإنما هو الإشارة بالرأس " قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج " حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر بمثل قول مجاهد إذا اختلطوا فإنما هو الذكر وإشارة الرأس " وزاد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=856776فإن كثروا فليصلوا ركبانا أو قياما على أقدامهم فتبين من هذا سبب التعبير بقوله " نحو قول مجاهد " لأن بين لفظه وبين لفظ ابن عمر مغايرة ، وتبين أيضا أن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا إنما قاله برأيه لا من روايته عن ابن عمر والله أعلم .
قوله : وإن كانوا أكثر من ذلك أي إن كان العدو ، والمعنى أن الخوف إذا اشتد والعدو إذا كثر فخيف من الانقسام لذلك جازت الصلاة حينئذ بحسب الإمكان ، وجاز ترك مراعاة ما لا يقدر عليه من الأركان ، فينتقل عن القيام إلى الركوع ، وعن الركوع والسجود إلى الإيماء إلى غير ذلك ، وبهذا قال [ ص: 502 ] الجمهور ولكن قال المالكية : لا يصنعون ذلك حتى يخشى فوات الوقت ، وسيأتي مذهب الأوزاعي في ذلك بعد باب .
( تنبيه ) : nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج سمع الكثير من نافع ، وقد أدخل في هذا الحديث بينه وبين نافع nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، ففي هذا التقوية لمن قال إنه أثبت الناس في نافع ، nindex.php?page=showalam&ids=13036ولابن جريج فيه إسناد آخر أخرجه عبد الرزاق عنه عن الزهري عن سالم عن أبيه .