قوله : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) الحراب بكسر المهملة جمع حربة والدرق جمع درقة وهي الترس . قال ابن بطال : حمل السلاح في العيد لا مدخل له في سنة العيد ولا في صفة الخروج إليه ، ويمكن أن يكون - صلى الله عليه وسلم - كان محاربا خائفا فرأى الاستظهار بالسلاح ، لكن ليس في حديث الباب أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج بأصحاب الحراب معه يوم العيد ، ولا أمر أصحابه بالتأهب بالسلاح ، يعني فلا يطابق الحديث الترجمة . وأجاب ابن المنير في الحاشية بأن مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الاستدلال على أن العيد يغتفر فيه من الانبساط ما لا يغتفر في غيره اهـ . وليس في الترجمة أيضا تقييده بحال الخروج إلى العيد ، بل الظاهر أن لعب الحبشة إنما كان بعد رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من المصلى ، لأنه كان يخرج أول النهار فيصلي ثم يرجع .
[ ص: 511 ] قوله : ( حدثنا أحمد ) كذا للأكثر غير منسوب ، وفي رواية أبي ذر nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر " حدثنا أحمد بن عيسى " وبه جزم أبو نعيم في المستخرج ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13265أبي علي بن شبويه " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح " وهو مقتضى إطلاق nindex.php?page=showalam&ids=12757أبي علي بن السكن حيث قال : كل ما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " حدثنا أحمد " غير منسوب فهو ابن صالح .
قوله : ( أخبرنا عمرو ) هو ابن الحارث المصري ، وشطر هذا الإسناد الأول مصريون والثاني مدنيون .
قوله : ( دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاد في رواية الزهري عن عروة " في أيام منى " وسيأتي بعد ثلاثة وعشرين بابا .
قوله : ( جاريتان ) زاد في الباب الذي بعده " من جواري الأنصار " nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من حديث أم سلمة أن إحداهما كانت nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان بن ثابت ، وفي الأربعين للسلمي أنهما كانتا nindex.php?page=showalam&ids=106لعبد الله بن سلام ، وفي العيدين nindex.php?page=showalam&ids=12455لابن أبي الدنيا من طريق فليح عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة " nindex.php?page=hadith&LINKID=856790وحمامة وصاحبتها تغنيان " وإسناده صحيح ، ولم أقف على تسمية الأخرى ، لكن يحتمل أن يكون اسم الثانية زينب وقد ذكره في كتاب النكاح ، ولم يذكر حمامة الذين صنفوا في الصحابة وهي على شرطهم .
قوله : ( تغنيان ) زاد في رواية الزهري " تدففان " بفاءين أي تضربان بالدف ، ولمسلم في رواية هشام أيضا " nindex.php?page=hadith&LINKID=856790تغنيان بدف " nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي " بدفين " والدف بضم الدال على الأشهر وقد تفتح ، ويقال له أيضا الكربال بكسر الكاف وهو الذي لا جلاجل فيه ، فإن كانت فيه فهو المزهر ، وفي حديث الباب الذي بعده " nindex.php?page=hadith&LINKID=856791بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث " أي قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء ، وللمصنف في الهجرة " بما تعازفت " بمهملة وزاي وفاء من العزف وهو الصوت الذي له دوي ، وفي رواية " تقاذفت " بقاف بدل العين وذال معجمة بدل الزاي وهو من القذف وهو هجاء بعضهم لبعض ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من رواية حماد بن سلمة عن هشام يذكر أن يوم بعاث يوم قتل فيه صناديد الأوس والخزرج اهـ .
وبعاث بضم الموحدة وبعدها مهملة وآخره مثلثة قال عياض ومن تبعه : أعجمها أبو عبيدة وحده ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في الكامل : أعجمها صاحب العين يعني الخليل وحده ، وكذا حكى أبو عبيد البكري في معجم البلدان عن الخليل ، وجزم أبو موسى في ذيل الغريب بأنه تصحيف وتبعه صاحب النهاية ، قال البكري : هو موضع من المدينة على ليلتين ، وقال أبو موسى وصاحب الهداية : هو اسم حصن للأوس ، وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=16142أبي الفرج الأصفهاني في ترجمة أبي قيس بن الأسلت : هو موضع في دار بني قريظة فيه أموال لهم ، وكان موضع الوقعة في مزرعة لهم هناك . ولا منافاة بين القولين . وقال صاحب المطالع : الأشهر فيه ترك الصرف . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : يوم بعاث يوم مشهور من أيام العرب كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج ، وبقيت الحرب قائمة مائة وعشرين سنة إلى الإسلام على ما ذكر ابن إسحاق وغيره .
قلت : تبعه على هذا جماعة من شراح الصحيحين ، وفيه نظر لأنه يوهم أن الحرب التي وقعت يوم بعاث دامت هذه المدة ، وليس كذلك فسيأتي في أوائل الهجرة قول عائشة " كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله فقدم المدينة وقد افترق ملؤهم وقتلت [ ص: 512 ] سراتهم " وكذا ذكره ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=15472والواقدي وغيرهما من أصحاب الأخبار ، وقد روى ابن سعد بأسانيده أن النفر الستة أو الثمانية الذين لقوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى أول من لقيه من الأنصار - وكانوا قد قدموا إلى مكة ليحالفوا قريشا - كان في جملة ما قالوه له لما دعاهم إلى الإسلام والنصر له : واعلم أنما كانت وقعة بعاث عام الأول ، فموعدك الموسم القابل ، فقدموا في السنة التي تليها فبايعوه ، وهي البيعة الأولى ، ثم قدموا الثانية فبايعوه وهم سبعون نفسا ، وهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوائل التي تليها . فدل ذلك على أن وقعة بعاث كانت قبل الهجرة بثلاث سنين ، وهو المعتمد ، وهو أصح من قول nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت من الاستيعاب : إنه كان يوم بعاث ابن ست سنين ، وحين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ابن إحدى عشرة ، فيكون يوم بعاث قبل الهجرة بخمس سنين . نعم دامت الحرب بين الحيين الأوس والخزرج المدة التي ذكرها في أيام كثيرة شهيرة ، وكان أولها فيما ذكر ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12861وهشام بن الكلبي وغيرهما أن الأوس والخزرج لما نزلوا المدينة وجدوا اليهود مستوطنين بها فحالفوهم وكانوا تحت قهرهم ، ثم غلبوا على اليهود في قصة طويلة بمساعدة أبي جبلة ملك غسان ، فلم يزالوا على اتفاق بينهم حتى كانت أول حرب وقعت بينهم حرب سمير - بالمهملة مصغرا - بسبب رجل يقال له كعب من بني ثعلبة نزل على مالك بن عجلان الخزرجي فحالفه ، فقتله رجل من الأوس يقال له سمير فكان ذلك سبب الحرب بين الحيين ، ثم كانت بينهم وقائع من أشهرها يوم السرارة بمهملات ، ويوم فارع بفاء ومهملة ، ويوم الفجار الأول والثاني ، وحرب حصين بن الأسلت ، وحرب حاطب بن قيس ، إلى أن كان آخر ذلك يوم بعاث وكان رئيس الأوس فيه حضيرا والد أسيد وكان يقال له حضير الكتائب ، وجرح يومئذ ثم مات بعد مدة من جراحته ، وكان رئيس الخزرج عمرو بن النعمان ، وجاءه سهم في القتال فصرعه فهزموا بعد أن كانوا قد استظهروا ، ولحسان وغيره من الخزرج وكذا لقيس بن الحطيم وغيره من الأوس في ذلك أشعار كثيرة مشهورة في دواوينهم .
قوله : ( فاضطجع على الفراش ) في رواية الزهري المذكورة أنه " تغشى بثوبه " وفي رواية مسلم " تسجى " أي التف بثوبه .
قوله : ( فانتهرني ) في رواية الزهري " فانتهرهما " أي الجاريتين ، ويجمع بأنه شرك بينهن في الانتهار والزجر ، أما عائشة فلتقريرها ، وأما الجاريتان فلفعلهما .
قوله : ( مزمارة الشيطان ) بكسر الميم يعني الغناء أو الدف ، لأن المزمارة أو المزمار مشتق من الزمير وهو الصوت الذي له الصفير ، ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء ، وسميت به الآلة المعروفة التي يزمر بها ، وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي ، فقد تشغل القلب عن الذكر . وفي رواية حماد بن سلمة عند أحمد " فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=856793يا عباد الله أبمزمور الشيطان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قال القرطبي : المزمور الصوت ، ونسبته إلى الشيطان ذم على ما ظهر لأبي بكر ، وضبطه عياض بضم الميم وحكي فتحها .
قوله : ( دعهما ) زاد في رواية هشام nindex.php?page=hadith&LINKID=856796يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا ففيه تعليل الأمر بتركهما ، وإيضاح خلاف ما ظنه الصديق من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه - صلى الله عليه وسلم - لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه فظنه نائما فتوجه له الإنكار على ابنته من هذه الأوجه مستصحبا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو ، فبادر إلى إنكار ذلك قياما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك مستندا إلى ما ظهر له ، فأوضح له النبي - صلى الله عليه وسلم - الحال ، وعرفه الحكم مقرونا ببيان الحكمة بأنه يوم عيد ، أي يوم سرور شرعي ، فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس ، وبهذا يرتفع الإشكال عمن قال : كيف ساغ للصديق إنكار شيء أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ وتكلف جوابا لا يخفى تعسفه .
ولا يسمى فاعله مغنيا وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح ، قال القرطبي : قولها " nindex.php?page=hadith&LINKID=3502633ليستا بمغنيتين " أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك ، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به ، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ، وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة لا يختلف في تحريمه ، قال : وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال وهذا - على التحقيق - من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة والله المستعان اهـ .
وينبغي أن يعكس مرادهم ويقرأ " سيئ " عوض النون الخفيفة المكسورة بغير همز بمثناة تحتانية ثقيلة مهموز . وأما الآلات فسيأتي الكلام على اختلاف العلماء فيها عند الكلام على حديث المعازف في كتاب الأشربة ، وقد حكى قوم الإجماع على تحريمها ، وحكى بعضهم عكسه ، وسنذكر بيان شبهة الفريقين إن شاء الله تعالى . ولا يلزم من إباحة الضرب بالدف في العرس ونحوه إباحة غيره من الآلات كالعود ونحوه كما سنذكر ذلك في وليمة العرس إن شاء الله تعالى . وأما التفافه - صلى الله عليه وسلم - بثوبه ففيه إعراض عن ذلك لكون مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إلى ذلك ، لكن عدم إنكاره دال [ ص: 514 ] على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقره إذ لا يقر على باطل ، والأصل التنزه عن اللعب واللهو فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل والله أعلم .
قوله : ( وكان يوم عيد ) هذا حديث آخر وقد جمعهما بعض الرواة وأفردهما بعضهم ، وقد تقدم هذا الحديث الثاني من وجه آخر عن الزهري عن عروة في أبواب المساجد ، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=14033الجوزقي في حديث الباب هنا " وقالت - أي عائشة - كان يوم عيد " فتبين بهذا أنه موصول كالأول .
وروى السراج من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن عروة عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ nindex.php?page=hadith&LINKID=856816لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ، إني بعثت بحنيفية سمحة وهذا يشعر بعدم التخصيص ، وكأن عمر بنى على الأصل في تنزيه المساجد فبين له النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه الجواز فيما كان هذا سبيله كما سيأتي تقريره ، أو لعله لم يكن علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يراهم .
وأجاب عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون ذلك قبل بلوغ عائشة ، وهذا قد تقدمت الإشارة إلى ما فيه ، قال : أو كانت تنظر إلى لعبهم بحرابهم لا إلى وجوههم وأبدانهم ، وإن وقع بلا قصد أمكن أن تصرفه في الحال . انتهى . وقد تقدمت بقية فوائده في أبواب المساجد . وسيأتي بعد ستة أبواب وجه الجمع بين ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الباب والباب الآتي هناك حيث قال " باب ما يكره من حمل السلاح في العيد " إن شاء الله تعالى .