وقال باب فضل العمل في أيام التشريق وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما وكبر محمد بن علي خلف النافلة
قوله : ( باب فضل العمل في أيام التشريق ) مقتضى كلام أهل اللغة والفقه أن أيام التشريق ما بعد يوم النحر ، على اختلافهم هل هي ثلاثة أو يومان ، لكن ما ذكروه من سبب تسميتها بذلك يقتضي دخول يوم العيد فيها . وقد حكى أبو عبيد أن فيه قولين : أحدهما لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي ، أي يقددونها ويبرزونها للشمس . ثانيهما لأنها كلها أيام تشريق لصلاة يوم النحر فصارت تبعا ليوم النحر . قال : وهذا أعجب القولين إلي ، وأظنه أراد ما حكاه غيره أن أيام التشريق سميت بذلك لأن صلاة العيد إنما تصلى بعد أن تشرق الشمس . وعن ابن الأعرابي قال : سميت بذلك لأن الهدايا والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12758يعقوب بن السكيت قال : هو من قول الجاهلية : أشرق ثبير كيما نغير ، أي ندفع لننحر . انتهى .
وأظنهم أخرجوا يوم العيد منها لشهرته بلقب يخصه وهو يوم العيد ، وإلا فهي في الحقيقة تبع له في التسمية كما تبين من كلامهم . ومن ذلك حديث علي " nindex.php?page=hadith&LINKID=856852لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع " أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح إليه موقوفا ، ومعناه لا صلاة جمعة ولا صلاة عيد . قال : وكان أبو حنيفة يذهب بالتشريق في هذا إلى التكبير في دبر الصلاة يقول : لا تكبير إلا على أهل الأمصار . قال : وهذا لم نجد أحدا يعرفه ، ولا وافقه عليه صاحباه ولا غيرهما . انتهى .
قوله : ( وكان ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر إلخ ) لم أره موصولا عنهما ، وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا معلقا عنهما وكذا البغوي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : كان مشايخنا يقولون بذلك أي بالتكبير في أيام العشر . وقد اعترض على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في ذكر هذا الأثر في ترجمة العمل في أيام التشريق ، وأجاب الكرماني بأن عادته أن يضيف إلى الترجمة ما له بها أدنى ملابسة استطرادا . انتهى . والذي يظهر أنه أراد تساوي أيام التشريق بأيام العشر لجامع ما بينهما مما يقع فيهما من أعمال الحج ، ويدل على ذلك أن أثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر صريح في أيام العشر ، والأثر الذي بعده في أيام التشريق . وسيأتي مزيد بيان لذلك بعد قليل .
قوله : ( وكبر محمد بن خلف النافلة ) هو أبو جعفر الباقر ، وقد وصله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في المؤتلف من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى القزاز قال حدثنا أبو وهنة رزيق المدني قال " رأيت أبا جعفر محمد بن علي يكبر بمنى في أيام التشريق خلف النوافل " وأبو وهنة بفتح الواو وسكون الهاء بعدها نون ، ورزيق بتقديم الراء مصغرا ، وفي سياق هذا الأثر تعقب على الكرماني حيث جعله يتعلق بتكبير أيام العشر كالذي قبله ، قال ابن التين : لم يتابع محمدا على هذا أحد ، كذا قال ، والخلاف ثابت عند المالكية والشافعية هل يختص التكبير الذي بعد الصلاة في العيد بالفرائض أو يعم ، واختلف الترجيح عند الشافعية ، والراجح عند المالكية الاختصاص .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان ) هو الأعمش ، ومسلم هو البطين بفتح الموحدة لقب بذلك لعظم بطنه ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة فصرح بسماع الأعمش له منه ولفظه " عن الأعمش قال سمعت مسلما " وهكذا رواه الثوري وأبو معاوية وغيرهما من الحفاظ عن الأعمش ، وأخرجه أبو داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن الأعمش فقال " عن مسلم ومجاهد وأبي صالح عن ابن عباس " فأما طريق مجاهد فقد [ ص: 532 ] رواه أبو عوانة من طريق موسى بن أبي عائشة عن مجاهد فقال " عن ابن عمر " بدل ابن عباس . وأما طريق أبي صالح فقد رواه أبو عوانة أيضا من طريق موسى بن أعين عن الأعمش فقال " عن أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " والمحفوظ في هذا حديث ابن عباس ، وفيه اختلاف آخر عن الأعمش رواه أبو إسحاق الفزاري عن الأعمش فقال : عن أبي وائل عن ابن مسعود " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وقد وافق الأعمش على روايته له عن مسلم البطين سلمة بن كهيل عند أبي عوانة أيضا ، ورواه عن سعيد بن جبير أيضا القاسم بن أبي أيوب عند الدارمي وأبو عوانة وأبو جرير السختياني عند أبي عوانة nindex.php?page=showalam&ids=16558وعدي بن ثابت عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وسنذكر ما في رواياتهم من الفوائد والزوائد إن شاء الله تعالى .
قوله : ( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه ) كذا لأكثر الرواة بالإبهام ، ووقع في رواية كريمة عن الكشميهني nindex.php?page=hadith&LINKID=856856ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه وهذا يقتضي نفي أفضلية العمل في أيام العشر على العمل في هذه الأيام إن فسرت بأنها أيام التشريق ، وعلى ذلك جرى بعض شراح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وحمله على ذلك ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري المذكورة فزعم أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فسر الأيام المبهمة في هذا الحديث بأنها أيام التشريق ، وفسر العمل بالتكبير لكونه أورد الآثار المذكورة المتعلقة بالتكبير فقط . وقال ابن أبي جمرة : الحديث دال على أن العمل في أيام التشريق أفضل من العمل في غيره ، قال : ولا يعكر على ذلك كونها أيام عيد كما تقدم من حديث عائشة ، ولا ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام nindex.php?page=hadith&LINKID=856857أنها أيام أكل وشرب كما رواه مسلم ، لأن ذلك لا يمنع العمل فيها ، بل قد شرع فيها أعلى العبادات وهو ذكر الله تعالى ، ولم يمنع فيها منها إلا الصيام .
قال : وسر كون العبادة فيها أفضل من غيرها أن العبادة في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها ، وأيام التشريق أيام غفلة في الغالب فصار للعابد فيها مزيد فضل على العابد في غيرها كمن قام في جوف الليل وأكثر الناس نيام ، وفي أفضلية أيام التشريق نكتة أخرى وهي أنها وقعت فيها محنة الخليل بولده ثم من عليه بالفداء ، فثبت لها الفضل بذلك اهـ . وهو توجيه حسن إلا أن المنقول يعارضه ، والسياق الذي وقع في رواية كريمة شاذ مخالف لما رواه أبو ذر وهو من الحفاظ عن الكشميهني شيخ كريمة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=856858ما العمل في أيام أفضل منها في هذا العشر وكذا أخرجه أحمد وغيره عن غندر عن شعبة بالإسناد المذكور . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة فقال " في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة " وكذا رواه الدارمي عن سعيد بن الربيع عن شعبة . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع المقدم ذكرها " nindex.php?page=hadith&LINKID=856859ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني أيام العشر ، وكذا رواه ابن ماجه من طريق أبي معاوية عن الأعمش ، ورواه الترمذي عن رواية أبي معاوية فقال " من هذه الأيام العشر " بدون يعني ، وقد ظن بعض الناس أن قوله " يعني أيام العشر " تفسير من بعض رواته ، لكن ما ذكرناه من رواية الطيالسي وغيره ظاهر في أنه من نفس الخبر . وكذا وقع في رواية القاسم بن أبي أيوب بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=856860ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى " وفي حديث جابر في صحيحي أبي عوانة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان " nindex.php?page=hadith&LINKID=856861ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة " فظهر أن المراد بالأيام في حديث الباب أيام عشر ذي الحجة ، لكنه مشكل على ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأيام التشريق ويجاب بأجوبة :
أحدها : أن الشيء يشرف بمجاورته للشيء الشريف ، وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر ، وقد ثبتت الفضيلة لأيام العشر بهذا الحديث فثبتت بذلك الفضيلة لأيام [ ص: 533 ] التشريق . ثانيها : أن عشر ذي الحجة إنما شرف لوقوع أعمال الحج فيه ، وبقية أعمال الحج تقع في أيام التشريق كالرمي والطواف وغير ذلك من تتماته فصارت مشتركة معها في أصل الفضل ، ولذلك اشتركت معها في مشروعية التكبير في كل منها ، وبهذا تظهر مناسبة إيراد الآثار المذكورة في صدر الترجمة لحديث ابن عباس كما تقدمت الإشارة إليها . ثالثها : أن بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهو يوم العيد ، وكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق ، فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركتها فيه أيام التشريق ، لأن يوم العيد بعض كل منها بل هو رأس كل منها وشريفه وعظيمه ، وهو يوم الحج الأكبر كما سيأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى .
قوله : ( قالوا ولا الجهاد ) في رواية سلمة بن كهيل المذكورة " فقال رجل " ولم أر في شيء من طرق هذا الحديث تعيين هذا السائل ، وفي رواية غندر عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي قال nindex.php?page=hadith&LINKID=856862ولا الجهاد في سبيل الله مرتين وفي رواية سلمة بن كهيل أيضا " حتى أعادها ثلاثا " ودل سؤالهم هذا على تقرر أفضلية الجهاد عندهم ، وكأنهم استفادوه من قوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب من سأله عن عمل يعدل الجهاد فقال : لا أجده الحديث . وسيأتي في أوائل كتاب الجهاد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ونذكر هناك وجه الجمع بينه وبين هذا الحديث إن شاء الله تعالى .
قوله : ( إلا رجل خرج ) ) كذا للأكثر ، والتقدير إلا عمل رجل ، وللمستملي " إلا من خرج " .
قوله : ( يخاطر ) أي يقصد قهر عدوه ولو أدى ذلك إلى قتل نفسه .
وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله ، وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة ، وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة ، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علق عملا من الأعمال بأفضل الأيام ، فلو أفرد يوما منها تعين يوم عرفة ، لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكورة ، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة ، جمعا بين حديث الباب وبين حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=856869خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة رواه مسلم ، أشار إلى ذلك كله النووي في شرحه ، وقال الداودي : لم يرد عليه الصلاة والسلام أن هذه الأيام خير من يوم الجمعة ؛ لأنه قد يكون فيها يوم الجمعة ، يعني فيلزم تفضيل [ ص: 534 ] الشيء على نفسه . وتعقب بأن المراد أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة سواء كان يوم الجمعة أم لا ، ويوم الجمعة فيه أفضل من الجمعة في غيره لاجتماع الفضلين فيه . واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل ، واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد ، وأجيب بأنه محمول على الغالب ، ولا يرد على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن عائشة قالت " nindex.php?page=hadith&LINKID=856870ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائما العشر قط " لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته ، كما رواه الصحيحان من حديث عائشة أيضا . والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره . وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم ؟ فيه احتمال . وقال ابن بطال وغيره : المراد بالعمل في أيام التشريق التكبير فقط ، لأنه ثبت أنها أيام أكل وشرب وبعال ، وثبت تحريم صومها ، وورد فيه إباحة اللهو بالحراب ونحو ذلك ، فدل على تفريغها لذلك ، مع الحض على الذكر المشروع منه فيها التكبير فقط ، ومن ثم اقتصر المصنف على إيراد الآثار المتعلقة بالتكبير . وتعقبه الزين بن المنير بأن العمل إنما يفهم منه عند إطلاقه العبادة ، وهي لا تنافي استيفاء حظ النفس من الأكل وسائر ما ذكر ، فإن ذلك لا يستغرق اليوم والليلة . وقال الكرماني : الحث على العمل في أيام التشريق لا ينحصر في التكبير ، بل المتبادر إلى الذهن منه أنه المناسك من الرمي وغيره الذي يجتمع مع الأكل والشرب ، قال : مع أنه لو حمل على التكبير وحده لم يبق لقول المصنف بعده " باب التكبير أيام منى " معنى ، ويكون تكرارا محضا اهـ . والذي يجتمع مع الأكل والشرب لكل أحد من العبادة هو الذكر المأمور به ، وقد فسر بالتكبير كما قال ابن بطال ، وأما المناسك فمختصة بالحاج ، وجزمه بأنه تكرار متعقب ، لأن الترجمة الأولى لفضل التكبير والثانية لمشروعيته وصفته ، أو أراد تفسير العمل المجمل في الأولى بالتكبير المصرح به في الثانية فلا تكرار .