قوله : ( باب الصلاة قبل العيد وبعدها ) أورد فيه أثر ابن عباس أنه كره الصلاة قبل العيد وحديثه المرفوع في ترك الصلاة قبلها وبعدها ولم يجزم بحكم ذلك لأن الأثر يحتمل أن يراد به منع التنفل أو نفي الراتبة ، وعلى المنع فهل هو لكونه وقت كراهة أو لأعم من ذلك . ويؤيد الأول الاقتصار على القبل ، وأما الحديث فليس فيه ما يدل على المواظبة فيحتمل اختصاصه بالإمام دون المأموم أو بالمصلى دون البيت ، وقد اختلف السلف في جميع ذلك فذكر ابن المنذر عن أحمد أنه قال : الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها ، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها ، والمدنيون لا قبلها ولا بعدها . وبالأول قال الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والحنفية ، وبالثاني قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وجماعة ، وبالثالث قال الزهري nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج وأحمد . وأما مالك فمنعه في المصلى ، وعنه في المسجد روايتان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم - ونقله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عنه في المعرفة بعد أن روى حديث ابن عباس حديث الباب - ما نصه : وهكذا يجب للإمام أن لا يتنفل قبلها ولا بعدها ، وأما المأموم فمخالف له في ذلك . ثم بسط الكلام في ذلك . وقال الرافعي : يكره للإمام التنفل قبل العيد وبعدها ، وقيده في البويطي بالمصلى ، وجرى على ذلك الصيمري فقال : لا بأس بالنافلة قبلها وبعدها مطلقا إلا للإمام في موضع الصلاة ، وأما النووي في شرح مسلم فقال : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماعة من السلف لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها ، فإن حمل كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المذكور ، ويؤيد ما في البويطي حديث أبي سعيد nindex.php?page=hadith&LINKID=856898أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي قبل العيد شيئا ، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن ، وقد صححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، وبهذا قال إسحاق ، ونقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لا يتنفل في المصلى ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : التنفل في المصلى لو فعل لنقل ، ومن أجازه رأى أنه وقت مطلق للصلاة ، ومن تركه رأى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله ، ومن اقتدى فقد اهتدى انتهى . والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة ، وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام ، والله أعلم .

قوله : ( وقال أبو المعلى ) بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة اسمه يحيى بن ميمون العطار الكوفي ، [ ص: 553 ] وليس له عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الموضع ، ولم أقف على أثره هذا موصولا . وقد تقدم حديث ابن عباس المرفوع بأتم من هذا السياق في " باب الخطبة بعد العيد " .

( خاتمة ) : اشتمل كتاب العيدين من الأحاديث المرفوعة على خمسة وأربعين حديثا ، المعلق منها أربعة والبقية موصولة ، المكرر منها فيه وفيما مضى ستة وعشرون والبقية خالصة ، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أنس في أكل التمر قبل صلاة عيد الفطر ، وحديث ابن عمر في قصته مع الحجاج ، وحديث ابن عباس في العمل في ذي الحجة ، حديث ابن عمر في الذبح بالمصلى . وحديث جابر في مخالفة الطريق ، وأما حديث عقبة بن عامر المشار إليه في الباب الماضي فإن كان مرادا زادت العدة واحدا معلقا ، وليس هو في مسلم ، وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين ثلاثة وعشرون أثرا معلقة إلا أثر أبي بكر وعمر وعثمان في الصلاة قبل الخطبة فإنها موصولة في حديث ابن عباس . والله الهادي إلى الصواب .