قوله : ( باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت ) قال الزين بن المنير : أتى بلفظ الاستفهام إشعارا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شيء . قلت ولعله أشار إلى ما رواه ابن عيينة عن الزهري عن عروة قال " لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت " وهذا موقوف صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور عنه وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه لكن الأحاديث الصحيحة تخالفه لثبوتها بلفظ الكسوف في الشمس من طرق كثيرة ، والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر واختاره ثعلب ، وذكر الجوهري أنه أفصح ، وقيل يتعين ذلك . وحكى عياض عن بعضهم عكسه وغلطه لثبوته بالخاء في القمر في القرآن ، وكأن هذا هو السر في استشهاد المؤلف به في الترجمة ، وقيل : يقال بهما في كل منهما وبه جاءت الأحاديث ، ولا شك أن مدلول الكسوف لغة غير مدلول الخسوف لأن الكسوف التغير إلى السواد ، والخسوف النقصان أو الذل ، فإذا قيل في الشمس كسفت أو خسفت لأنها تتغير ويلحقها النقص ساغ ، وكذلك القمر ، ولا يلزم من ذلك أن الكسوف والخسوف مترادفان . وقيل بالكاف في الابتداء وبالخاء في الانتهاء وقيل بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء لبعضه ، وقيل بالخاء لذهاب كل لون وبالكاف لتغيره .
قوله : ( وقال الله عز وجل : وخسف القمر في إيراده لهذه الآية احتمالان ،
أحدهما : أن يكون أراد أن يقال خسف القمر كما جاء في القرآن ولا يقال كسف ، وإذا اختص القمر بالخسوف أشعر باختصاص الشمس بالكسوف .
والثاني أن يكون أراد أن الذي يتفق للشمس كالذي يتفق للقمر ، وقد سمي في القرآن [ ص: 623 ] بالخاء في القمر فليكن الذي للشمس كذلك . ثم ساق المؤلف حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة بلفظ " خسفت الشمس " وهذا موافق لما قال عروة ، لكن روايات غيره بلفظ " كسفت " كثيرة جدا .