باب كيف يقبض العلم وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا حدثنا العلاء بن عبد الجبار قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار بذلك يعني حديث عمر بن عبد العزيز إلى قوله ذهاب العلماء
قوله : ( إلى أبي بكر بن حزم ) هو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري نسب إلى جد أبيه ولجده عمرو صحبة ، ولأبيه محمد رؤية ، وأبو بكر تابعي فقيه استعمله عمر بن عبد العزيز على إمرة المدينة وقضائها ولهذا كتب إليه . ولا يعرف له اسم سوى أبي بكر وقيل كنيته أبو عبد الملك واسمه أبو بكر وقيل اسمه كنيته .
[ ص: 235 ] قوله : ( انظر ما كان ) أي اجمع الذي تجد . ووقع هنا للكشميهني عندك أي : في بلدك .
قوله : ( فاكتبه ) يستفاد منه ابتداء تدوين الحديث النبوي . وكانوا قبل ذلك يعتمدون على الحفظ فلما خاف عمر بن عبد العزيز وكان على رأس المائة الأولى من ذهاب العلم بموت العلماء رأى أن في تدوينه ضبطا له وإبقاء . وقد روى أبو نعيم في تاريخ أصبهان هذه القصة بلفظ : كتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق انظروا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجمعوه .
قوله : ( ولا يقبل ) هو بضم الياء التحتانية وسكون اللام وبسكونها وكسرها معا في وليفشوا وليجلسوا .
قوله : ( حتى يعلم ) هو بضم أوله وتشديد اللام ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني يعلم بفتح أوله وتخفيف اللام .
قوله : ( يهلك ) بفتح أوله وكسر اللام .
قوله : ( حدثنا العلاء ) لم يقع وصل هذا التعليق عند الكشميهني ولا كريمة ولا nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر إلى قوله ذهاب العلماء ، وهو محتمل لأن يكون ما بعده ليس من كلام عمر أو من كلامه ولم يدخل في هذه الرواية ، والأول أظهر ، وبه صرح أبو نعيم في المستخرج ولم أجده في مواضع كثيرة إلا كذلك ، وعلى هذا فبقيته من كلام المصنف أورده تلو كلام عمر ، ثم بين أن ذلك غاية ما انتهى إليه كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .
قوله : ( حدثني مالك ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : لم يروه في الموطأ إلا nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى ، ورواه أصحاب مالك كابن وهب وغيره عن مالك خارج الموطأ ، وأفاد nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن سليمان بن يزيد رواه أيضا في الموطأ والله أعلم . وقد اشتهر هذا الحديث من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة فوقع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين والشام وخراسان ومصر وغيرها ، ووافقه على روايته عن أبيه عروة أبو الأسود المدني وحديثه في الصحيحين ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وحديثه في nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير وحديثه في صحيح أبي عوانة ، ووافق أباه على روايته عن عبد الله بن عمرو بن الحكم بن ثوبان وحديثه في مسلم .
قوله : ( رءوسا ) قال النووي : ضبطناه بضم الهمزة والتنوين جمع رأس . قلت : وفي رواية أبي ذر أيضا بفتح الهمزة ، وفي آخره همزة أخرى مفتوحة جمع رئيس .
قوله : ( بغير علم ) وفي رواية أبي الأسود في الاعتصام عند المصنف : " فيفتون برأيهم " ورواها مسلم كالأولى .
قوله : ( قال الفربري ) هذا من زيادات الراوي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في بعض الأسانيد ، وهي قليلة .
[ ص: 236 ] قوله : ( نحوه ) أي : بمعنى حديث مالك . ولفظ رواية قتيبة هذه أخرجها مسلم عنه ، وفي هذا الحديث الحث على حفظ العلم ، والتحذير من ترئيس الجهلة ، وفيه أن الفتوى هي الرياسة الحقيقية وذم من يقدم عليها بغير علم . واستدل به الجمهور على القول بخلو الزمان عن مجتهد ، ولله الأمر يفعل ما يشاء . وسيكون لنا في المسألة عود في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى .