[ ص: 663 ] قوله : ( باب يقصر إذا خرج من موضعه ) يعني إذا قصد سفرا تقصر في مثله الصلاة ، وهي من المسائل المختلف فيها أيضا . قال ابن المنذر أجمعوا على أن لمن يريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي يخرج منها ، واختلفوا فيما قبل الخروج عن البيوت : فذهب الجمهور إلى أنه لا بد من مفارقة جميع البيوت . وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله . ومنهم من قال : إذا ركب قصر إن شاء ، ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت ، واختلفوا فيما قبل ذلك ، فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر ، قال : ولا أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة .
قوله : ( وخرج علي فقصر وهو يرى البيوت ، فلما رجع قيل له : هذه الكوفة ، قال لا ، حتى ندخل ) وصله nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من رواية الثوري عن وقاء بن إياس وهو بكسر الواو وبعدها قاف ثم مدة عن nindex.php?page=showalam&ids=49علي بن ربيعة قال " خرجنا مع nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فقصرنا الصلاة ونحن نرى البيوت ، ثم رجعنا فقصرنا الصلاة ونحن نرى البيوت " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن وقاء بن إياس بلفظ " خرجنا مع علي متوجهين هاهنا - وأشار بيده إلى الشام - فصلى ركعتين ركعتين ، حتى إذا رجعنا ونظرنا إلى الكوفة حضرت الصلاة قالوا : يا أمير المؤمنين هذه الكوفة ، أتم الصلاة . قال : لا ، حتى ندخلها " وفهم ابن بطال من قوله في التعليق : لا ، حتى ندخلها " أنه امتنع من الصلاة حتى يدخل الكوفة ، قال لأنه لو صلى فقصر ساغ له ذلك ، لكنه اختار أن يتم لاتساع الوقت ا ه . وقد تبين من سياق أثر علي أن الأمر على خلاف ما فهمه ابن بطال ، وأن المراد بقوله : هذه الكوفة " أي فأتم الصلاة ، فقال " لا ، حتى ندخلها " أي لا نزال نقصر حتى ندخلها ، فإنا ما لم ندخلها في حكم المسافرين .
[ ص: 664 ] ( قوله في حديث أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=857150صليت الظهر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين ) في رواية الكشميهني " nindex.php?page=hadith&LINKID=857151والعصر بذي الحليفة ركعتين " وهي ثابتة في رواية مسلم ، وكذا في رواية أبي قلابة عن أنس عند المصنف في الحج ، واستدل به على استباحة قصر الصلاة في السفر القصير لأن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال ، وتعقب بأن ذا الحليفة لم تكن منتهى السفر وإنما خرج إليها حيث كان قاصدا إلى مكة فاتفق نزوله بها وكانت أول صلاة حضرت بها العصر فقصرها واستمر يقصر إلى أن رجع ، ومناسبة أثر علي لحديث أنس ثم لحديث عائشة أن حديث علي دال على أن القصر يشرع بفراق الحضر ، وكونه - صلى الله عليه وسلم - لم يقصر حتى رأى ذا الحليفة إنما هو لكونه أول منزل نزله ولم يحضر قبله وقت صلاة ، ويؤيده حديث عائشة ففيه تعليق الحكم بالسفر والحضر ، فحيث وجد السفر شرع القصر ، وحيث وجد الحضر شرع الإتمام . واستدل به على أن من أراد السفر لا يقصر حتى يبرز من البلد خلافا لمن قال من السلف يقصر ولو في بيته ، وفيه حجة على مجاهد في قوله : لا يقصر حتى يدخل الليل .