قوله : ( باب فضل الطهور بالليل والنهار ، وفضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار ) كذا ثبت في رواية الكشميهني ، ولغيره : " بعد الوضوء " . واقتصر بعضهم على الشق الثاني من الترجمة ، وعليه اقتصر nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي وأكثر الشراح ، والشق الأول ليس بظاهر في حديث الباب إلا إن حمل على أنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كما سنذكره من حديث بريدة .
قوله : ( عن أبي حيان ) هو يحيى بن سعيد التيمي وصرح به في رواية مسلم من هذا الوجه . nindex.php?page=showalam&ids=12007وأبو زرعة هو ابن عمرو بن عبد الله البجلي .
قوله : ( قال nindex.php?page=showalam&ids=115لبلال ) ؛ أي ابن رباح المؤذن ، وقوله : " عند صلاة الفجر " ؛ فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام ؛ لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقص ما رآه ويعبر ما رآه أصحابه كما سيأتي في كتاب التعبير بعد صلاة الفجر .
قوله : ( بأرجى عمل ) بلفظ أفعل التفضيل المبني من المفعول ، وإضافة العمل إلى الرجاء ؛ لأنه السبب الداعي إليه .
قوله : ( في الإسلام ) زاد مسلم في روايته : " منفعة عندك " .
قوله : ( أني ) بفتح الهمزة ، ومن مقدرة قبلها صلة لأفعل التفضيل ، وثبتت في رواية مسلم ، ووقع في رواية الكشميهني " أن " بنون خفيفة بدل : " أني " .
قوله : ( فإني سمعت ) زاد مسلم : " الليلة " ، وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام .
قوله : ( دف نعليك ) بفتح المهملة ، وضبطها المحب الطبري بالإعجام والفاء مثقلة ، وقد فسره [ ص: 42 ] المصنف في رواية كريمة بالتحريك ، وقال الخليل : دف الطائر إذا حرك جناحيه وهو قائم على رجليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي : الدف الحركة الخفيفة والسير اللين . ووقع في رواية مسلم " خشف " بفتح الخاء ، وسكون الشين المعجمتين ، وتخفيف الفاء ، قال أبو عبيد وغيره : الخشف الحركة الخفيفة . ويؤيده ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر : " سمعت خشفة " . ووقع في حديث بريدة عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما " خشخشة " بمعجمتين مكررتين وهو بمعنى الحركة أيضا .
قوله : ( طهورا ) زاد مسلم تاما ، والذي يظهر أنه لا مفهوم لها ، ويحتمل أن يخرج بذلك الوضوء اللغوي ، فقد يفعل ذلك لطرد النوم مثلا .
قوله : ( في ساعة ليل أو نهار ) بتنوين ساعة وخفض ليل على البدل ، وفي رواية مسلم : " في ساعة من ليل أو نهار " .
قوله : ( إلا صليت ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : " لربي " .
قوله : ( ما كتب لي ) أي قدر ، وهو أعم من الفريضة والنافلة . قال ابن التين : إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال ، وأن عمل السر أفضل من عمل الجهر ، وبهذا التقرير يندفع إيراد من أورد عليه غير ما ذكر من الأعمال الصالحة . والذي يظهر أن المراد بالأعمال التي سأله عن إرجائها : الأعمال المتطوع بها ، وإلا فالمفروضة أفضل قطعا . ويستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيت العبادة ، لأن بلالا توصل إلى ما ذكرنا بالاستنباط ، فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : فيه الحث على الصلاة عقب الوضوء لئلا يبقى الوضوء خاليا عن مقصوده . وقال المهلب : فيه أن الله يعظم المجازاة على ما يسره العبد من عمله . وفيه سؤال الصالحين عما يهديهم الله له من الأعمال الصالحة ليقتدي بها غيرهم في ذلك . وفيه أيضا سؤال الشيخ عن عمل تلميذه ليحضه عليه ، ويرغبه فيه إن كان حسنا ، وإلا فينهاه . واستدل به على جواز هذه الصلاة في الأوقات المكروهة لعموم قوله : " في كل ساعة " . وتعقب بأن الأخذ بعمومه ليس بأولى من الأخذ بعموم النهي . وتعقبه ابن التين بأنه ليس فيه ما يقتضي الفورية ، فيحمل على تأخير الصلاة قليلا ليخرج وقت الكراهة ، أو أنه كان يؤخر الطهور إلى آخر وقت الكراهة لتقع صلاته في غير وقت الكراهة . لكن عند الترمذي وابن خزيمة من حديث بريدة في نحو هذه القصة : nindex.php?page=hadith&LINKID=885500ما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها . nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من حديثه : nindex.php?page=hadith&LINKID=885501ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين . فدل على أنه كان يعقب الحدث بالوضوء ، والوضوء بالصلاة في أي وقت كان . وقال الكرماني : ظاهر الحديث أن السماع المذكور وقع في النوم ، لأن الجنة لا يدخلها أحد إلا بعد الموت . ويحتمل أن يكون في اليقظة لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج . وأما بلال فلا يلزم من هذه القصة أنه دخلها ، لأن قوله : " في الجنة " ظرف للسماع ، ويكون الدف بين يديه خارجا عنها . انتهى . ولا يخفى بعد هذا الاحتمال ، لأن السياق مشعر بإثبات فضيلة بلال ، لكونه جعل السبب الذي بلغه إلى ذلك ما ذكره من ملازمة التطهر والصلاة ، وإنما ثبتت له الفضيلة بأن يكون رئي داخل الجنة لا خارجا عنها . وقد وقع في حديث بريدة المذكور : nindex.php?page=hadith&LINKID=885502يا بلال ، بم سبقتني إلى الجنة ؟ . وهذا ظاهر في كونه رآه داخل الجنة . ويؤيد كونه وقع في المنام [ ص: 43 ] ما سيأتي في أول مناقب عمر من حديث جابر مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=885503رأيتني دخلت الجنة ، فسمعت خشفة ، فقيل : هذا بلال ، ورأيت قصرا بفنائه جارية ، فقيل : هذا لعمر . الحديث ، وبعده من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=885504بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقيل : هذا لعمر . الحديث ، فعرف أن ذلك وقع في المنام ، وثبتت الفضيلة بذلك لبلال ؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي ، ولذلك جزم النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك . ومشيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته في اليقظة ، فاتفق مثله في المنام ، ولا يلزم من ذلك دخول بلال الجنة قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه في مقام التابع ، وكأنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حال حياته ، واستمراره على قرب منزلته ، وفيه منقبة عظيمة لبلال . وفي الحديث استحباب إدامة الطهارة ، ومناسبة المجازاة على ذلك بدخول الجنة ، لأن من لازم الدوام على الطهارة أن يبيت المرء طاهرا ، ومن بات طاهرا عرجت روحه فسجدت تحت العرش ، كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب ، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، والعرش سقف الجنة كما سيأتي في هذا الكتاب . وزاد بريدة في آخر حديثه : " فقال النبي صلى الله عليه وسلم بهذا " . وظاهره أن هذا الثواب وقع بسبب ذلك العمل ، ولا معارضة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=885505لا يدخل أحدكم الجنة عمله . لأن أحد الأجوبة المشهورة بالجمع بينه وبين قوله تعالى : ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون أن أصل الدخول إنما يقع برحمة الله ، واقتسام الدرجات بحسب الأعمال ، فيأتي مثله في هذا . >[1] وفيه أن الجنة موجودة الآن خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة .
( تنبيه ) : قول الكرماني : لا يدخل أحد الجنة إلا بعد موته ، مع قوله : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها ليلة المعراج ، وكان المعراج في اليقظة على الصحيح ، ظاهرهما التناقض ، ويمكن حمل النفي إن كان ثابتا على غير الأنبياء ، أو يخص في الدنيا بمن خرج عن عالم الدنيا ، ودخل في عالم الملكوت ، وهو قريب مما أجاب به السهيلي عن استعمال طست الذهب ليلة المعراج .