قوله : ( كنا بالأهواز ) بفتح الهمزة وسكون الهاء ؛ هي بلدة معروفة بين البصرة وفارس ، فتحت في خلافة عمر ، قال في المحكم : ليس له واحد من لفظه ، قال أبو عبيد البكري : هي بلد يجمعها سبع كور فذكرها . قال ابن خرداذبه : هي بلاد واسعة متصلة بالجبل وأصبهان .
قوله : ( الحرورية ) بمهملات ؛ أي الخوارج ، وكان الذي يقاتلهم إذ ذاك nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب بن أبي صفرة كما في رواية عمرو بن مرزوق ، عن شعبة عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، وذكر محمد بن قدامة الجوهري في كتابه : " أخبار الخوارج " ، أن ذلك كان في سنة خمس وستين من الهجرة ، وكان الخوارج قد حاصروا أهل البصرة مع نافع بن الأزرق حتى قتل وقتل من أمراء البصرة جماعة إلى أن ولى عبد الله بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=14966الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي على البصرة ، وولى nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب بن أبي صفرة على قتال الخوارج ، وكذا ذكر المبرد في الكامل نحوه . وهو يعكر على من أرخ وفاة nindex.php?page=showalam&ids=88أبي برزة سنة أربع وستين أو قبلها .
قوله : ( على جرف نهر ) هو بضم الجيم والراء بعدها فاء ، وقد تسكن الراء ، وهو المكان الذي أكله السيل . nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني بفتح المهملة وسكون الراء ؛ أي جانبه ، ووقع في رواية حماد بن زيد ، عن الأزرق في الأدب : " كنا على شاطئ نهر قد نضب عنه الماء " ؛ أي زال ، وهو يقوي رواية الكشميهني ، وفي رواية مهدي بن [ ص: 99 ] ميمون ، عن الأزرق ، عن محمد بن قدامة : " كنت في ظل قصر مهران بالأهواز على شاطئ دجيل " . وعرف بهذا تسمية النهر المذكور ، وهو بالجيم مصغرا .
قوله : ( إذا رجل ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14170الحموي ، nindex.php?page=showalam&ids=15086والكشميهني : " إذ جاء رجل " .
قوله : ( قال شعبة هو أبو برزة الأسلمي ) أي الرجل المصلي ، وظاهره أن الأزرق لم يسمه لشعبة ، ولكن رواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة ، فقال في آخره : " فإذا هو أبو برزة الأسلمي " . وفي رواية عمرو بن مرزوق عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : " . فجاء أبو برزة " . وفي رواية حماد في الأدب : " فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس ، فصلى وخلاها ، فانطلقت فاتبعها " . ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأزرق بن قيس : " إن أبا برزة الأسلمي مشى إلى دابته وهو في الصلاة " ، الحديث . وبين مهدي بن ميمون في روايته أن تلك الصلاة كانت صلاة العصر ، وفي رواية عمرو بن مرزوق عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " فمضت الدابة في قبلته ، فانطلق فأخذها ، ثم رجع القهقرى " .
قوله : ( فجعل رجل من الخوارج يقول : اللهم افعل بهذا الشيخ ) في رواية الطيالسي : " فإذا بشيخ يصلي قد عمد إلى عنان دابته ، فجعله في يده ، فنكصت الدابة ، فنكص معها ، ومعنا رجل من الخوارج فجعل يسبه " . وفي رواية مهدي أنه قال : ألا ترى إلى هذا الحمار ، وفي رواية حماد : فقال : انظروا إلى هذا الشيخ ، ترك صلاته من أجل فرس .
قوله : ( أو ثمانيا ) كذا للكشميهني ، وفي رواية غيره : " أو ثماني " بغير ألف ولا تنوين ، وقال ابن مالك في شرح التسهيل : الأصل أو ثماني غزوات ، فحذف المضاف ، وأبقى المضاف إليه على حاله ، وقد رواه عمرو بن مرزوق بلفظ : " سبع غزوات " بغير شك .
قوله : ( وشهدت تيسيره ) كذا في جميع الأصول وفي جميع الطرق : " من التيسير " ، وحكى ابن التين ، عن الداودي أنه وقع عنده : " وشهدت تستر " بضم المثناة وسكون المهملة ، وفتح المثناة ، وقال : معنى شهدت تستر ؛ أي فتحها ، وكان في زمن عمر . انتهى . ولم أر ذلك في شيء من الأصول ، ومقتضاه ، أن لا يبقى في القصة شائبة رفع ، بخلاف الرواية المحفوظة ، فإن فيها إشارة إلى أن ذلك كان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم تجويز مثله ، وزاد عمرو بن مرزوق في آخره : " قال : فقلت للرجل : ما أرى الله إلا مخزيك ، شتمت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ " . وفي رواية مهدي بن ميمون : " فقلت : اسكت ، فعل الله بك ، هل تدري من هذا ؟ هو أبو برزة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم " . ولم أقف في شيء من الطرق على تسمية الرجل المذكور .
وفي هذا الحديث من الفوائد جواز حكاية الرجل مناقبه إذا احتاج إلى ذلك ، ولم يكن في سياق الفخر ، وأشار أبو برزة بقوله : " ورأيت تيسيره " . إلى الرد على من شدد عليه في أن يترك دابته تذهب ، ولا يقطع صلاته ، وفيه حجة للفقهاء في قولهم : أن كل شيء يخشى إتلافه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله .
وقوله : " مألفها " يعني الموضع الذي ألفته واعتادته ، وهذا بناء على غالب أمرها ، ومن الجائز أن لا ترجع إلى مألفها ، بل تتوجه إلى حيث لا يدري بمكانها ، فيكون فيه تضييع المال المنهي عنه .
( تنبيه ) : ظاهر سياق هذه القصة أن nindex.php?page=showalam&ids=88أبا برزة لم يقطع صلاته ، ويؤيده قوله في رواية عمرو بن [ ص: 100 ] مرزوق : " فأخذها ، ثم رجع القهقرى " . فإنه لو كان قطعها ما بالى أن يرجع مستدبر القبلة ، وفي رجوعه القهقرى ما يشعر بأن مشيه إلى قصدها ما كان كثيرا ، وهو مطابق لثاني حديثي الباب ؛ لأنه يدل أنه صلى الله عليه وسلم تأخر في صلاته وتقدم ولم يقطعها ، فهو عمل يسير ، ومشي قليل ، فليس فيه استدبار القبلة فلا يضر . وفي مصنف ابن أبي شيبة " سئل الحسن عن رجل صلى ، فأشفق أن تذهب دابته ، قال : ينصرف . قيل له أفيتم ؟ قال : إذا ولى ظهره القبلة استأنف " . وقد أجمع الفقهاء على أن المشي الكثير في الصلاة المفروضة يبطلها ، فيحمل حديث nindex.php?page=showalam&ids=88أبي برزة على القليل كما قررناه ، وقد تقدم أن في بعض طرقه أن الصلاة المذكورة كانت العصر .
قوله : ( وإني إن كنت أن أرجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ) . قال السهيلي : إني وما بعدها : اسم مبتدأ ، وأن أرجع : اسم مبدل من الاسم الأول ، وأحب : خبر عن الثاني ، وخبر " كان " محذوف ، أي : إني إن كنت راجعا أحب إلي . وقال غيره : أن كنت ؛ بفتح الهمزة ، وحذفت اللام ، وهي مع كنت بتقدير كوني ، وفي موضع البدل من الضمير في : إني ، وأن الثانية بالفتح أيضا مصدرية . ووقع في رواية حماد : " فقال : إن منزلي متراخ - أي متباعد - فلو صليت وتركته - أي الفرس - لم آت أهلي إلى الليل " ؛ أي لبعد المكان .