قوله : ( باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة ) وجه التسوية بينهما أنه ربما ظهر من كل منهما حرفان ، وهما أقل ما يتألف منه الكلام ، وأشار المصنف إلى أن بعض ذلك يجوز وبعضه لا يجوز ، فيحتمل أنه يرى التفرقة بين ما إذا حصل من كل منهما كلام مفهوم أم لا ، أو الفرق ما إذا كان حصول ذلك محققا ففعله يضر وإلا فلا .
قوله : ( ويذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ) أي ابن العاص ( نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده في كسوف ) هذا طرف من حديث أخرجه أحمد ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من طريق عطاء بن السائب عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=885596كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام وقمنا معه . ، الحديث بطوله . وفيه ؛ " وجعل ينفخ في الأرض ويبكي وهو ساجد " . وذلك في الركعة الثانية ، وإنما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بصيغة التمريض ، لأن عطاء بن السائب مختلف في الاحتجاج به ، وقد اختلط في آخر عمره ، لكن أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عنه ، وهو ممن سمع منه قبل اختلاطه ، وأبوه وثقه العجلي ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وليس هو من شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ثم أورد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب حديث ابن عمر ، وحديث أنس في النهي عن البزاق في القبلة ، فأما حديث ابن عمر ، فقوله فيه : " إن الله قبل أحدكم " . بكسر القاف وفتح الموحدة ؛ أي مواجهه ، وقد تقدم في " باب حك البزاق باليد من المسجد " من أبواب المساجد مع الكلام عليه ، [ ص: 102 ] وزاد في هذه الرواية : " فتغيظ على أهل المسجد " . ففيه جواز معاتبة المجموع على الأمر الذي ينكر ، وإن كان الفعل صدر من بعضهم لأجل التحذير من معاودة ذلك .
قوله : ( فلا يبزقن ، أو قال : لا يتنخمن ) . في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : " لا يبزقن أحدكم بين يديه " .
قوله فيه : ( وقال ابن عمر رضي الله عنهما : إذا بزق أحدكم فليبزق على يساره ) . في رواية الكشميهني : " عن يساره " . هكذا ذكره موقوفا ، ولم تتقدم هذه الزيادة من حديث ابن عمر ، لكن وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن حماد بن زيد بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=885597لا يبزقن أحدكم بين يديه ، ولكن ليبزق خلفه ، أو عن شماله ، أو تحت قدمه . فساقه كله معطوفا بعضه على بعض ، وقد بينت رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن المرفوع منه انتهى إلى قوله : " فلا يبزقن بين يديه " ، والباقي موقوف . وقد اقتصر مسلم ، وأبو داود وغيرهما على المرفوع منه مع أن هذا الموقوف عن ابن عمر قد ثبت مثله من حديث أنس مرفوعا .
وقد تقدم الكلام على فوائد الحديث في الباب الذي أشرت إليه قبل ، وفيما بعده ، قال ابن بطال : وروي عن مالك كراهة النفخ في الصلاة ، ولا يقطعها كما يقطعها الكلام ، وهو قول أبي يوسف ، وأشهب ، وأحمد ، وإسحاق . وفي المدونة : النفخ بمنزلة الكلام يقطع الصلاة . وعن أبي حنيفة ، ومحمد : إن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام ، وإلا فلا ، قال : والقول الأول أولى ، وليس في النفخ من النطق بالهمزة والفاء أكثر مما في البصاق من النطق بالتاء والفاء . قال : وقد اتفقوا على جواز البصاق في الصلاة ، فدل على جواز النفخ فيها ، إذ لا فرق بينهما ، ولذلك ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري معه في الترجمة . انتهى كلامه . ولم يذكر قول الشافعية في ذلك ، والمصحح عندهم أنه إن ظهر من النفخ ، أو التنخم ، أو البكاء ، أو الأنين ، أو التأوه ، أو التنفس ، أو الضحك ، أو التنحنح حرفان بطلت الصلاة ، وإلا فلا ، قال ابن دقيق العيد : ولقائل أن يقول : لا يلزم من كون الحرفين يتألف منهما الكلام أن يكون كل حرفين كلاما ، وإن لم يكن كذلك فالإبطال به لا يكون بالنص ، بل بالقياس ، فليراع شرطه في مساواة الفرع للأصل ، قال : والأقرب أن ينظر إلى مواقع الإجماع والخلاف ، حيث لا يسمى الملفوظ به كلاما ، فما أجمع على إلحاقه بالكلام ألحق به ، وما لا فلا . قال : ومن ضعيف التعليل قولهم : إبطال الصلاة بالنفخ بأنه يشبه الكلام ، فإنه مردود لثبوت السنة الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم نفخ في الكسوف . انتهى . وأجيب بأن نفخه صلى الله عليه وسلم محمول على أنه لم يظهر منه شيء من الحروف ، ورد بما ثبت في أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو فإن فيه : " ثم نفخ في آخر سجوده ، فقال : أف أف " . فصرح بظهور الحرفين . وفي الحديث أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=885598وعرضت علي النار ، فجعلت أنفخ خشية أن يغشاكم حرها . والنفخ لهذا الغرض لا يقع إلا بالقصد إليه ، فانتفى قول من حمله على الغلبة ، والزيادة المذكورة من رواية حماد بن سلمة ، عن عطاء ، وقد سمع منه قبل الاختلاط في قول nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين ، وأبي داود ، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي وغيرهم . وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي بأن أف لا تكون كلاما حتى يشدد الفاء ، قال : والنافخ في نفخة لا يخرج الفاء صادقة من مخرجها ، وتعقبه ابن الصلاح بأنه لا يستقيم على قول الشافعية أن الحرفين كلام مبطل ، أفهما أو لم يفهما ، وأشار nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إلى أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ، ورد بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل .
( تنبيهان ) : ( الأول ) : نقل ابن المنذر الإجماع على أن الضحك يبطل الصلاة ، ولم يقيده بحرف [ ص: 103 ] ولا حرفين ، وكأن الفرق بين الضحك والبكاء أن الضحك يهتك حرمة الصلاة بخلاف البكاء ونحوه ، ومن ثم قال الحنفية وغيرهم : إن كان البكاء من أجل الخوف من الله تعالى لا تبطل به الصلاة مطلقا . ( الثاني ) ورد في كراهة النفخ في الصلاة حديث مرفوع أخرجه الترمذي من حديث أم سلمة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=885599رأى النبي صلى الله عليه وسلم غلاما لنا - يقال له : أفلح - إذا سجد نفخ ، فقال : يا أفلح ، ترب وجهك . رواه الترمذي وقال : ضعيف الإسناد . قلت : ولو صح لم يكن فيه حجة على إبطال الصلاة بالنفخ ، لأنه لم يأمره بإعادة الصلاة ، وإنما يستفاد من قوله : ترب وجهك ؛ استحباب السجود على الأرض ، فهو نحو النهي عن مسح الحصى . وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الأوسط nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني وعن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وعن أنس ، وبريدة عند البزار ، وأسانيد الجميع ضعيفة جدا ، وثبت كراهة النفخ عن ابن عباس كما رواه ابن أبي شيبة ، والرخصة فيه عن قدامة بن عبد الله ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .