[ ص: 108 ] قوله : ( باب تفكر الرجل الشيء في الصلاة ) الشيء بالنصب على المفعولية . والتقييد بالرجل لا مفهوم له ، لأن بقية المكلفين في حكم ذلك سواء . قال المهلب : التفكر أمر غالب لا يمكن الاحتراز منه في الصلاة ، ولا في غيرها لما جعل الله للشيطان من السبيل على الإنسان ، ولكن يفترق الحال في ذلك ، فإن كان في أمر الآخرة والدين كان أخف مما يكون في أمر الدنيا .
قوله : ( وقال عمر : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة ) . وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي عنه بهذا سواء . قال ابن التين : إنما هذا فيما يقل فيه التفكر ، كأن يقول : أجهز فلانا ، أقدم فلانا ، أخرج من العدد كذا وكذا ، فيأتي على ما يريد في أقل شيء من الفكرة . فأما أن يتابع التفكر ويكثر حتى لا يدري كم صلى ، فهذا اللاهي في صلاته ، فيجب عليه الإعادة . انتهى . وليس هذا الإطلاق على وجهه ، وقد جاء عن عمر ما يأباه ، فروى ابن أبي شيبة من طريق عروة بن الزبير قال : قال عمر : " إني لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة " . وروى صالح بن أحمد بن حنبل في " كتاب المسائل " عن أبيه من طريق همام بن الحارث أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ ، فلما انصرف قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنك لم تقرأ ، فقال : إني حدثت نفسي وأنا في الصلاة بعير جهزتها من المدينة حتى دخلت الشام ، ثم أعاد وأعاد القراءة . ومن طريق عياض الأشعري قال : صلى عمر المغرب ، فلم يقرأ ، فقال له أبو موسى : إنك لم تقرأ ، فأقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال : صدق ، فأعاد . فلما فرغ قال : لا صلاة ليست فيها قراءة ، إنما شغلني [ ص: 109 ] عير جهزتها إلى الشام فجعلت أتفكر فيها " . . وهذا يدل على أنه إنما أعاد لترك القراءة ، لا لكونه كان مستغرقا في الفكرة . ويؤيده ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق ضمضم بن جوس ، عن عبد الرحمن >[1]بن حنظلة بن الراهب : إن عمر صلى المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى ، فلما كانت الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين ، فلما فرغ وسلم سجد سجدتي السهو " . ورجال هذه الآثار ثقات ، وهي محمولة على أحوال مختلفة ، والأخير كأنه مذهب لعمر . ولهذه المسألة التفات إلى مسألة الخشوع في الصلاة ، وقد تقدم البحث فيه في مكانه .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15903روح ) هو ابن عبادة ، وعمر بن سعيد هو ابن أبي حسين المكي .
وقد تقدم هذا الحديث وشيء من فوائده في أواخر صفة الصلاة ، وهو ظاهر فيما ترجم له ، لأنه صلى الله عليه وسلم تفكر في أمر التبر المذكور ، ثم لم يعد الصلاة .