قوله : ( باب إذا صلى خمسا ) قيل : أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري التفرقة بين ما إذا كان السهو بالنقصان أو الزيادة ، ففي الأول يسجد قبل السلام ، كما في الترجمة الماضية ، وفي الزيادة يسجد بعده ، وبالتفرقة هكذا ، قال مالك ، والمزني ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور من الشافعية ، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أنه أولى من قول غيره للجمع بين الخبرين ، قال : وهو موافق للنظر ، لأنه في النقص جبر ، فينبغي أن يكون من أصل الصلاة ، وفي الزيادة ترغيم للشيطان فيكون خارجها . وقال ابن دقيق العيد : لا شك أن الجمع أولى من الترجيح وادعاء النسخ ، ويترجح الجمع المذكور بالمناسبة المذكورة ، وإذا كانت المناسبة ظاهرة ، وكان الحكم على وفقها كانت علة ، فيعم الحكم جميع محالها ، فلا تخصص إلا بنص ، وتعقب بأن كون السجود في الزيادة ترغيما للشيطان فقط ممنوع ، بل هو جبر أيضا لما وقع من الخلل ، فإنه وإن كان زيادة فهو نقص في المعنى ، وإنما سمى النبي صلى الله عليه وسلم سجود السهو ترغيما للشيطان في حالة الشك كما في حديث أبي سعيد عند مسلم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : لم يرجع من فرق بين الزيادة والنقصان إلى فرق صحيح . وأيضا فقصة ذي اليدين وقع السجود فيها بعد السلام ، وهي عن نقصان ، وأما قول النووي : أقوى المذاهب فيها قول مالك ثم أحمد ، فقد قال غيره : بل طريق أحمد أقوى ، لأنه قال : يستعمل كل حديث فيما ورد فيه ، وما لم يرد فيه شيء يسجد قبل السلام ، قال : ولولا ما روي [ ص: 114 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لرأيته كله قبل السلام ، لأنه من شأن الصلاة ، فيفعله قبل السلام . وقال إسحاق مثله ، إلا أنه قال : ما لم يرد فيه شيء يفرق فيه بين الزيادة والنقصان ، فحرر مذهبه من قولي أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، وهو أعدل المذاهب فيما يظهر . وأما داود فجرى على ظاهريته ، فقال : لا يشرع سجود السهو إلا في المواضع التي سجد النبي صلى الله عليه وسلم فيها فقط . وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سجود السهو كله قبل السلام . وعند الحنفية كله بعد السلام ، واعتمد الحنفية على حديث الباب . وتعقب بأنه لم يعلم بزيادة الركعة إلا بعد السلام حين سألوه : هل زيد في الصلاة ؟ وقد اتفق العلماء في هذه الصورة على أن سجود السهو بعد السلام لتعذره قبله لعدم علمه بالسهو ، وإنما تابعه الصحابة لتجويزهم الزيادة في الصلاة ، لأنه كان زمان توقع النسخ . وأجاب بعضهم بما وقع في حديث ابن مسعود من الزيادة ، وهي : nindex.php?page=hadith&LINKID=885610إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ، فليتم عليه ، ثم ليسلم ، ثم يسجد سجدتين . وقد تقدم في أبواب القبلة ، وأجيب بأنه معارض بحديث أبي سعيد عند مسلم ، ولفظه : nindex.php?page=hadith&LINKID=885611إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ، فليطرح الشك ، وليبن على ما استيقن ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم . وبه تمسك الشافعية . وجمع بعضهم بينهما بحمل الصورتين على حالتين . ورجح nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي طريقة التخيير في سجود السهو قبل السلام أو بعده . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي وغيره الإجماع على الجواز ، وإنما الخلاف في الأفضل . وكذا أطلق النووي . وتعقب بأن إمام الحرمين نقل في " النهاية " الخلاف في الإجزاء عن المذهب ، واستبعد القول بالجواز ، وكذا نقل القرطبي الخلاف في مذهبهم ، وهو مخالف لما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إنه لا خلاف عن مالك أنه لو سجد للسهو كله قبل السلام أو بعده أن لا شيء عليه . فيجمع بأن الخلاف بين أصحابه ، والخلاف عند الحنفية قال nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري : لو سجد للسهو قبل السلام ، روي عن بعض أصحابنا : لا يجوز لأنه أداء قبل وقته ، وصرح صاحب الهداية بأن الخلاف عندهم في الأولوية . وقال ابن قدامة في " المقنع " من ترك سجود السهو الذي قبل السلام بطلت صلاته إن تعمد ، وإلا فيتداركه ما لم يطل الفصل . ويمكن أن يقال : الإجماع الذي نقله nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي وغيره قبل هذه الآراء في المذاهب المذكورة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : لا حجة للعراقيين في حديث ابن مسعود لأنهم خالفوه ، فقالوا : إن جلس المصلي في الرابعة مقدار التشهد أضاف إلى الخامسة سادسة ، ثم سلم وسجد للسهو ، وإن لم يجلس في الرابعة لم تصح صلاته . ولم ينقل في حديث ابن مسعود إضافة سادسة ولا إعادة ، ولا بد من أحدهما عندهم . قال : ويحرم على العالم أن يخالف السنة بعد علمه بها .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم ) هو ابن عتيبة الفقيه الكوفي .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ) ؛ هو ابن يزيد النخعي .
قوله : ( صلى الظهر خمسا ) كذا جزم به الحكم ، وقد تقدم في أبواب القبلة من رواية منصور ، عن إبراهيم أتم من هذا السياق ، وفيه قال إبراهيم : لا أدري : زاد أو نقص .
( تنبيه ) : روى الأعمش ، عن إبراهيم هذا الحديث مختصرا ، ولفظه : nindex.php?page=hadith&LINKID=885614إن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام . أخرجه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن خزيمة وغيرهم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : إن كان المراد بالكلام قوله : " وما ذاك " في جواب قولهم : " أزيد في الصلاة ؟ " فهذا نظير ما وقع في قصة ذي اليدين ، وسيأتي البحث فيه فيها ، وإن كان المراد به قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=885615إنما أنا بشر أنسى كما تنسون . فقد اختلف الرواة في الموضع الذي قالها فيه ، ففي رواية منصور أن ذلك كان بعد سلامه من سجدتي السهو ، وفي رواية غيره أن ذلك كان قبل ، ورواية منصور أرجح . والله أعلم .
قوله : ( فسجد سجدتين بعدما سلم ) يأتي في خبر الواحد من طريق شعبة أيضا بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=885616فثنى رجليه وسجد سجدتين . وتقدم في رواية منصور : " واستقبل القبلة " . وفيه الزيادة المشار إليها ، وهي : nindex.php?page=hadith&LINKID=885617إذا شك أحدكم في صلاة فليتحر الصواب ، فليتم عليه . ولمسلم من طريق مسعر ، عن منصور : " nindex.php?page=hadith&LINKID=885618فأيكم شك في صلاة فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب " . وله من طريق شعبة ، عن منصور : " nindex.php?page=hadith&LINKID=885619فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب " . وله من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض ، عن منصور : nindex.php?page=hadith&LINKID=885620فليتحر الذي يرى أنه الصواب . زاد nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من طريق مسعر : " فليتم عليه " . واختلف في المراد بالتحري ، فقال الشافعية : هو البناء على اليقين لا على الأغلب ، لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط إلا بيقين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : التحري في حديث ابن مسعود يفسره حديث أبي سعيد ، يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=885621وإذا لم يدر أصلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك ، وليبن على ما استيقن . وروى سفيان في جامعه عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=885622إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخ حتى يعلم أنه قد أتم " . انتهى . وفي كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نحوه ، ولفظه : قوله " فليتحر " ؛ أي في الذي يظن أنه نقصه فليتمه ، فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ، ويبني على ما استيقن ، وهو كلام عربي مطابق لحديث أبي سعيد ، إلا أن الألفاظ تختلف . وقيل : التحري الأخذ بغالب الظن ، وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه : البناء غير التحري ، فالبناء أن يشك في الثلاث أو الأربع مثلا ، فعليه أن يلغي الشك ، والتحري أن يشك في صلاته فلا يدري ما صلى ، فعليه أن يبني على الأغلب عنده . وقال غيره : التحري لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى ، فيبني على غلبة ظنه ، وبه قال مالك وأحمد ، وعن أحمد في المشهور : التحري يتعلق بالإمام فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه ، وأما المنفرد فيبني على اليقين دائما . وعن أحمد رواية أخرى كالشافعية ، وأخرى كالحنفية . وقال أبو حنيفة : إن طرأ الشك أولا استأنف ، وإن كثر بنى على غالب ظنه ، وإلا فعلى اليقين . ونقل النووي أن الجمهور مع nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأن التحري هو القصد ، قال الله تعالى : ( فأولئك تحروا رشدا ) ، وحكى الأثرم ، عن أحمد في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=885623لا غرار في صلاة . قال : أن لا يخرج منها إلا على يقين ، فهذا يقوي قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وأبعد من زعم أن لفظ التحري في الخبر مدرج من كلام ابن مسعود أو ممن دونه لتفرد منصور بذلك عن إبراهيم دون رفقته ، لأن الإدراج لا يثبت بالاحتمال ، واستدل به على أن من صلى خمسا ساهيا ولم يجلس في الرابعة أن صلاته لا تفسد خلافا للكوفيين ، وقولهم [ ص: 116 ] يحمل على أنه قعد في الرابعة يحتاج إلى دليل ، بل السياق يرشد إلى خلافه ، وعلى أن الزيادة في الصلاة على سبيل السهو لا تبطلها خلافا لبعض المالكية إذا كثرت ، وقيد بعضهم الزيادة بما يزيد على نصف الصلاة ، وعلى أن من لم يعلم بسهوه إلا بعد السلام يسجد للسهو ، فإن طال الفصل ، فالأصح عند الشافعية أنه يفوت محله ، واحتج له بعضهم من هذا الحديث بتعقيب إعلامهم لذلك بالفاء ، وتعقيبه السجود أيضا بالفاء ، وفيه نظر لا يخفى . وعلى أن الكلام العمد فيما يصلح به الصلاة لا يفسدها ، وسيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده ، وأن من تحول عن القبلة ساهيا لا إعادة عليه ، وفيه إقبال الإمام على الجماعة بعد الصلاة . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي على أن عزوب النية بعد الإحرام بالصلاة لا يبطلها . وقد تقدمت بقية مباحثه في أبواب القبلة .