[ ص: 137 ] قوله : ( باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه ) ؛ أي لف فيها ، قال ابن رشيد : موقع هذه الترجمة من الفقه أن الموت لما كان سبب تغيير محاسن الحي التي عهد عليها - ولذلك أمر بتغميضه وتغطيته - كان ذلك مظنة للمنع من كشفه ، حتى قال النخعي : ينبغي أن لا يطلع عليه إلا الغاسل له ومن يليه ، فترجم البخاري على جواز ذلك ، ثم أورد فيه ثلاثة أحاديث : أولها : حديث عائشة في دخول أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن مات ، وسيأتي مستوفى في باب الوفاة آخر المغازي ، ومطابقته للترجمة واضحة كما سنبينه ، وأشد ما فيه إشكالا قول أبي بكر : " لا يجمع الله عليك موتتين " . ، وعنه أجوبة : فقيل [ ص: 138 ] هو على حقيقته ، وأشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا ، فيقطع أيدي رجال ، لأنه لو صح ذلك للزم أن يموت موتة أخرى ، فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره كالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف ، وكالذي مر على قرية ، وهذا أوضح الأجوبة وأسلمها . وقيل : أراد لا يموت موتة أخرى في القبر كغيره ؛ إذ يحيا ليسأل ثم يموت ، وهذا جواب الداودي . وقيل : لا يجمع الله موت نفسك وموت شريعتك . وقيل : كنى بالموت الثاني عن الكرب ، أي لا تلقى بعد كرب هذا الموت كربا آخر . ثانيها : حديث أم العلاء الأنصارية في قصة عثمان بن مظعون ، وسيأتي بأتم من هذا السياق في " باب القرعة " آخر الشهادات ، وفي التعبير . ثالثها : حديث جابر في موت أبيه ، وسيأتي في كتاب الجهاد . ودلالة الأول والثالث مشكلة ، لأن أبا بكر إنما دخل قبل الغسل فضلا عن التكفين وعمر ينكر حينئذ أن يكون مات ، ولأن جابرا كشف الثوب عن وجه أبيه قبل تكفينه . وقد يقال في الجواب عن الأول : إن الذي وقع دخول أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى أي مغطى ، فيؤخذ منه أن الدخول على الميت يمتنع إلا إن كان مدرجا في أكفانه ، أو في حكم المدرج ، لئلا يطلع منه على ما يكره الاطلاع عليه . وقال الزين بن المنير ما محصله : كان أبو بكر عالما بأنه صلى الله عليه وسلم لا يزال مصونا عن كل أذى ، فساغ له الدخول من غير تنقيب عن الحال ، وليس ذلك لغيره . وأما الجواب عن حديث جابر ، فأجاب ابن المنير أيضا بأن ثياب الشهيد التي قتل فيها هي أكفانه فهو كالمدرج ، ويمكن أن يقال : نهيهم له عن كشف وجهه يدل على المنع من الاقتراب من الميت ، ولكن يتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم ينهه ، ويجاب بأن عدم نهيهم عن نهيه يدل على تقرير نهيهم ، فتبين أن الدخول الثابت في الأحاديث الثلاثة كان في حالة الإدراج أو في حالة تقوم مقامها . قال ابن رشيد : المعنى الذي في الحديثين من كشف الميت بعد تسجيته مساو لحاله بعد تكفينه ، والله أعلم . وفي هذه الأحاديث جواز تقبيل الميت تعظيما وتبركا >[1] وجواز التفدية بالآباء والأمهات ، وقد يقال : هي لفظة اعتادت العرب أن تقولها ، ولا تقصد معناها الحقيقي ، إذ حقيقة التفدية بعد الموت لا تتصور ، وجواز البكاء على الميت ، وسيأتي مبسوطا .
قوله في حديث عائشة ( أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله ) هو ابن المبارك ، nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر هو ابن راشد ، nindex.php?page=showalam&ids=17423ويونس هو ابن يزيد ، والسنح بضم المهملة ، وسكون النون ، بعدها حاء مهملة : منازل بني الحارث بن الخزرج ، وكان أبو بكر متزوجا فيهم .
قوله : ( فتيمم ) أي قصد . وبرد حبرة بكسر المهملة وفتح الموحدة بوزن عنبة ، ويجوز فيه التنوين على الوصف ، وعدمه على الإضافة ، وهي نوع من برود اليمن مخططة غالية الثمن . وقوله : ( فقبله ) أي بين عينيه . وقد ترجم عليه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وأورده صريحا . وقوله : ( التي كتب الله ) في رواية الكشميهني " التي كتب " بضم أوله على البناء للمجهول .