[ ص: 140 ] قوله : ( باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه ) كذا في أكثر الروايات ، ووقع للكشميهني بحذف الموحدة ، وفي رواية الأصيلي بحذف " أهل " فعلى الرواية المشهورة يكون المفعول محذوفا والضمير في قوله : " بنفسه " للرجل الذي ينعى الميت إلى أهل الميت بنفسه . وقال الزين بن المنير : الضمير للميت لأن الذي ينكر عادة هو نعي النفس لما يدخل على القلب من هول الموت . انتهى . والأول أولى ، وأشار المهلب إلى أن في الترجمة خللا ، قال : والصواب الرجل ينعى إلى الناس الميت بنفسه ، كذا قال ، ولم يصنع شيئا إلا أنه أبدل لفظ الأهل بالناس ، وأثبت المفعول المحذوف ، ولعله كان ثابتا في الأصل فسقط ، أو حذف عمدا لدلالة الكلام عليه ، أو لفظ " ينعى " بضم أوله ، والمراد بالرجل الميت ، والضمير حينئذ له ، كما قال الزين بن المنير ، ويستقيم عليه رواية الكشميهني . وأما التعبير بالأهل فلا خلل فيه ، لأن مراده به ما هو أعم من القرابة ، وهو أخوة الدين ، وهو أولى من التعبير بالناس ، لأنه يخرج من ليس له به أهلية كالكفار ، وأما رواية الأصيلي ، فقال ابن رشيد : إنها فاسدة ، قال : وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعا كله ، وإنما نهي عما كان أهل الجاهلية يصنعونه ، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12887ابن المرابط : مراده أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله ، لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار وتنفيذ وصاياه ، وما يترتب على ذلك من الأحكام . وأما نعي الجاهلية ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور : " أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن ابن عون قال : قلت لإبراهيم : أكانوا يكرهون النعي ؟ قال : نعم . قال ابن عون : كانوا إذا توفي الرجل ركب رجل دابة ، ثم صاح في الناس : أنعي فلانا " . وبه إلى ابن عون ، قال : قال ابن سيرين : لا أعلم بأسا أن يؤذن الرجل صديقه وحميمه . وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يكره ، فإن زاد على ذلك فلا ، وقد كان بعض السلف يشدد في ذلك حتى . nindex.php?page=hadith&LINKID=885663كان حذيفة إذا مات له الميت يقول : لا تؤذنوا به أحدا ، إني أخاف أن يكون نعيا ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين ينهى عن النعي . أخرجه الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بإسناد حسن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات ، الأولى : إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح ، فهذا سنة ، الثانية : دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تكره ، الثالثة : الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم . ثم ذكر المصنف في الباب حديثين : أحدهما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الصلاة على النجاشي وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الجنائز ، ثانيهما : حديث أنس في قصة قتل الأمراء بمؤتة وسيأتي الكلام عليه في المغازي . وورد في علامات النبوة بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=885664 " إن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا ، وجعفرا " ، الحديث . قال الزين بن المنير : وجه دخول قصة الأمراء في الترجمة أن نعيهم كان لأقاربهم وللمسلمين الذين هم أهلهم من جهة الدين ، ووجه دخول قصة النجاشي كونه كان غريبا في ديار قومه ، فكان للمسلمين من حيث الإسلام أخا ، فكانوا أخص به من قرابته . قلت : [ ص: 141 ] ويحتمل أن يكون بعض أقرباء النجاشي كان بالمدينة حينئذ ممن قدم مع nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب من الحبشة ، كذي مخمر ابن أخي النجاشي ، فيستوي الحديثان في إعلام أهل كل منهما حقيقة ومجازا .