[ ص: 166 ] قوله : ( باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ) قال ابن التين : ضبط بعضهم يكف بضم أوله ، وفتح الكاف . وبعضهم بالعكس ، والفاء مشددة فيهما . وضبطه بعضهم بفتح أوله وسكون الكاف وتخفيف الفاء وكسرها ، والأول أشبه بالمعنى . وتعقبه ابن رشيد بأن الثاني هو الصواب ، قال : وكذا وقع في نسخة حاتم الطرابلسي ، وكذا رأيته في أصل أبي القاسم بن الورد ، قال : والذي يظهر لي أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لحظ قوله تعالى : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ؛ أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه سواء كان يكف عنه العذاب أو لا يكف ، استصلاحا للقلوب المؤلفة ، فكأنه يقول : يؤخذ من هذا التبرك بآثار الصالحين >[1] سواء علمنا أنه مؤثر في حال الميت أو لا . قال : ولا يصح أن يراد به سواء كان الثوب مكفوف الأطراف أو غير مكفوف ، لأن ذلك وصف لا أثر له . قال : وأما الضبط الثالث فهو لحن إذ لا موجب لحذف الياء الثانية فيه . انتهى . وقد جزم المهلب بأنه الصواب ، وأن الياء سقطت من الكاتب غلطا ، قال ابن بطال : والمراد طويلا كان القميص سابغا أو قصيرا ، فإنه يجوز أن يكفن فيه ، كذا قال ، ووجهه بعضهم بأن عبد الله كان مفرط الطول كما سيأتي في ذكر السبب في إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم له قميصه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم معتدل الخلق ، وقد أعطاه مع ذلك قميصه ليكفن فيه ، ولم يلتفت إلى كونه ساترا لجميع بدنه أو لا . وتعقب بأن حديث جابر دال على أنه كفن في غيره ، فلا تنتهض الحجة بذلك . وأما قول ابن رشيد : إن المكفوف الأطراف لا أثر له فغير مسلم ، بل المتبادر إلى الذهن أنه مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، كما فهمه ابن التين ، والمعنى أن التكفين في القميص ليس ممتنعا ، سواء كان مكفوف الأطراف أو غير مكفوف . أو المراد بالكف تزريره ، دفعا لقول من يدعي أن القميص لا يسوغ إلا إذا كانت أطرافه غير مكفوفة ، أو كان غير مزرر ليشبه الرداء ، وأشار بذلك إلى الرد على من خالف في ذلك ، وإلى أن التكفين في غير قميص مستحب ، ولا يكره التكفين في القميص . وفي الخلافيات nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي من طريق ابن عون ، قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين يستحب أن يكون قميص الميت كقميص الحي مكففا مزررا ، وسيأتي الكلام على حديث عبد الله بن عمر في قصة عبد الله بن أبي في تفسير : ( براءة ) ، إن شاء الله تعالى ، ويذكر فيه جواب الإشكال الواقع في قول عمر : أليس الله قد نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ مع أن نزول قوله تعالى : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا كان بعد ذلك كما سيأتي في سياق حديث الباب ، حيث قال : فنزلت : ولا تصل . ومحصل الجواب : أن عمر فهم من قوله : فلن يغفر الله لهم منع الصلاة عليهم ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن لا منع ، وأن الرجاء لم ينقطع بعد . ثم إن ظاهر قوله في حديث جابر : nindex.php?page=hadith&LINKID=885711أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعدما دفن ، فأخرجه ، فنفث فيه من ريقه ، وألبسه قميصه . مخالف لقوله في حديث ابن عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=885712لما مات عبد الله بن أبي جاء ابنه فقال : يا رسول الله ، أعطني قميصك أكفنه فيه . فأعطاه قميصه ، وقال : آذني أصلي عليه ، فآذنه ، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر : ، الحديث . وقد جمع بينهما بأن معنى قوله في حديث ابن عمر : " فأعطاه " ؛ أي أنعم له بذلك ، فأطلق على العدة اسم العطية مجازا لتحقق وقوعها . وكذا قوله في حديث جابر : " بعدما دفن عبد الله بن أبي " ؛ أي دلي في حفرته ، وكأن أهل عبد الله بن أبي خشوا على النبي صلى الله عليه وسلم المشقة [ ص: 167 ] في حضوره ، فبادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته ، فأمر بإخراجه إنجازا لوعده في تكفينه في القميص والصلاة عليه ، والله أعلم . وقيل : أعطاه صلى الله عليه وسلم أحد قميصيه أولا ، ثم لما حضر أعطاه الثاني بسؤال ولده . وفي " الإكليل " nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم ما يؤيد ذلك . وقيل : ليس في حديث جابر دلالة على أنه ألبسه قميصه بعد إخراجه من القبر ، لأن لفظه : nindex.php?page=hadith&LINKID=885713فوضعه على ركبتيه ، وألبسه قميصه . والواو لا ترتب ، فلعله أراد أن يذكر ما وقع في الجملة من إكرامه له من غير إرادة ترتيب . وسيأتي في الجهاد ذكر السبب في إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم قميصه nindex.php?page=showalam&ids=4897لعبد الله بن أبي ، وبقية القصة في التفسير ، وأن اسم ابنه المذكور عبد الله ، كاسم أبيه ، إن شاء الله تعالى . واستنبط منه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي جواز طلب آثار أهل الخير منهم للتبرك بها ، وإن كان السائل غنيا .