[ ص: 195 ] قوله : ( باب ليس منا من شق الجيوب ) قال الزين بن المنير : أفرد هذا القدر بترجمة ليشعر بأن النفي الذي حاصله التبري يقع بكل واحد من المذكورات لا بمجموعها . قلت : ويؤيده رواية لمسلم بلفظ : أو شق الجيوب ، أو دعا . إلخ .
قوله : ( حدثنا زبيد ) بزاي وموحدة ، مصغر .
. قوله : ( اليامي ) بالتحتانية والميم الخفيفة ، وفي رواية الكشميهني : " الأيامي " بزيادة همزة في أوله . والإسناد كله كوفيون ، nindex.php?page=showalam&ids=16004ولسفيان ، وهو الثوري فيه إسناد آخر سيذكر بعد بابين .
قوله : ( ليس منا ) أي من أهل سنتتا وطريقتنا ، وليس المراد به إخراجه عن الدين ، ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك ، كما يقول الرجل لولده عند معاتبته : لست منك ولست مني ، أي : ما أنت على طريقتي . وقال الزين بن المنير ما ملخصه : التأويل الأول يستلزم أن يكون الخبر إنما ورد عن أمر وجودي ، وهذا يصان كلام الشارع عن الحمل عليه . والأولى أن يقال : المراد أن الواقع في ذلك يكون قد تعرض لأن يهجر ويعرض عنه ، فلا يختلط بجماعة السنة تأديبا له على استصحابه حالة الجاهلية التي قبحها الإسلام ، فهذا أولى من الحمل على ما لا يستفاد منه قدر زائد على الفعل الموجود . وحكي عن سفيان أنه كان يكره الخوض في تأويله ، ويقول : ينبغي أن يمسك عن ذلك ليكون أوقع في النفوس ، وأبلغ في الزجر . وقيل : المعنى ليس على ديننا الكامل ، أي أنه خرج من فرع من فروع الدين ، وإن كان معه أصله ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي . ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التبري الآتي في حديث أبي موسى بعد باب ، حيث قال : " برئ منه النبي صلى الله عليه وسلم " . وأصل البراءة الانفصال من الشيء ، وكأنه توعده بأن لا يدخله في شفاعته مثلا . وقال المهلب : قوله : أنا بريء ؛ أي من فاعل ما ذكر وقت ذلك الفعل ، ولم يرد نفيه عن الإسلام . قلت : بينهما واسطة تعرف مما تقدم أول الكلام ، وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره . وكأن السبب في ذلك ما تضمنه ذلك من عدم الرضا بالقضاء ، فإن وقع التصريح بالاستحلال مع العلم بالتحريم أو التسخط مثلا بما وقع فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين .
قوله : ( لطم الخدود ) خص الخد بذلك لكونه الغالب في ذلك ، وإلا فضرب بقية الوجه داخل في ذلك .
قوله : ( وشق الجيوب ) جمع جيب بالجيم الموحدة ، وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس ، والمراد بشقه إكمال فتحه إلى آخره وهو من علامات التسخط .
[ ص: 196 ] قوله : ( ودعا بدعوى الجاهلية ) في رواية مسلم بدعوى أهل الجاهلية ، أي من النياحة ونحوها ، وكذا الندبة كقولهم : واجبلاه ، وكذا الدعاء بالويل والثبور كما سيأتي بعد ثلاثة أبواب .