[ ص: 202 ] قوله : ( باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة ) تقدم الكلام على ذلك في الترجمة التي قبلها ، ويظهر بضم أوله من الرباعي . وحزنه : منصوب على المفعولية .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب ) يعني القرظي بضم القاف وفتح الراء بعدها ظاء مشالة .
قوله : ( السيئ ) بفتح المهملة ، وتشديد التحتانية بعدها أخرى مهموزة ، والمراد به ما يبعث الحزن غالبا ، وبالظن السيئ اليأس من تعويض الله المصاب في العاجل ما هو أنفع له من الفائت ، أو الاستبعاد لحصول ما وعد به من الثواب على الصبر . وقد روى ابن أبي حاتم في تفسير سورة سأل ، من طريق أيوب بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد كقول محمد بن كعب هذا .
قوله : ( وقال يعقوب عليه السلام : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) قال الزين بن المنير : مناسبة هذه الآية للترجمة أن قول يعقوب لما تضمن أنه لا يشكو - بتصريح ولا تعريض - إلا لله وافق مقصود الترجمة ، وكان خطابه بذلك لبنيه بعد قوله : ( يا أسفى على يوسف ) . والبث بفتح الموحدة ، بعدها مثلثة ثقيلة : شدة الحزن .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15532بشر بن الحكم ) هو النيسابوري ، قال أبو نعيم في المستخرج : يقال : إن هذا الحديث مما تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن بشر بن الحكم . انتهى . يعني من هذا الوجه من حديث سفيان بن عيينة ، ولم يخرجه أبو نعيم ، ولا nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق إسحاق إلا من جهة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة ، وهو أخو إسحاق المذكور عن أنس ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين ، ومحمد بن سعد من طريق حميد الطويل ، كلاهما عن أنس ، وأخرجه مسلم وابن سعد أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان والطيالسي من طرق ، عن ثابت ، عن أنس أيضا ، وفي رواية بعضهم ما ليس في رواية بعض ، وسأذكر ما في كل من فائدة زائدة ، إن شاء الله تعالى .
قوله : ( اشتكى ابن لأبي طلحة ) أي مرض ، وليس المراد أنه صدرت منه شكوى ، لكن لما كان الأصل أن المريض يحصل منه ذلك استعمل في كل مرض لكل مريض . والابن المذكور هو أبو عمير الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمازحه ويقول له : nindex.php?page=hadith&LINKID=885753يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ كما سيأتي في كتاب الأدب ، [ ص: 203 ] ، بين ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في روايته من طريق عمارة بن زاذان ، عن ثابت ، وزاد من طريق جعفر بن سليمان ، عن ثابت في أوله قصة تزويج أم سليم بأبي طلحة بشرط أن يسلم ، وقال فيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=885754فحملت فولدت غلاما صبيحا ، فكان أبو طلحة يحبه حبا شديدا ، فعاش حتى تحرك فمرض ، فحزن أبو طلحة عليه حزنا شديدا حتى تضعضع ، وأبو طلحة يغدو ويروح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فراح روحة فمات الصبي . فأفادت هذه الرواية تسمية امرأة أبي طلحة ، ومعنى قوله : " وأبو طلحة خارج " . أي خارج البيت عند النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر النهار ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : nindex.php?page=hadith&LINKID=885755كان لأبي طلحة ولد فتوفي ، فأرسلت أم سليم أنسا يدعو أبا طلحة ، وأمرته أن لا يخبره بوفاة ابنه ، وكان أبو طلحة صائما .
قوله : ( هيأت شيئا ) قال الكرماني : أي أعدت طعاما لأبي طلحة وأصلحته ، وقيل : هيأت حالها وتزينت . قلت : بل الصواب أن المراد أنها هيأت أمر الصبي بأن غسلته وكفنته كما ورد في بعض طرقه صريحا ، ففي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي عن مشايخه عن ثابت : " فهيأت الصبي " ، وفي رواية حميد عند ابن سعد : " فتوفي الغلام فهيأت أم سليم أمره " . وفي رواية عمارة بن زاذان ، عن ثابت : " فهلك الصبي ، فقامت أم سليم فغسلته وكفنته وحنطته وسجت عليه ثوبا " .
قوله : ( ونحته في جانب البيت ) أي جعلته في جانب البيت ، وفي رواية جعفر ، عن ثابت " فجعلته في مخدعها " .
قوله : ( هدأت ) بالهمز ؛ أي سكنت و ( نفسه ) بسكون الفاء كذا للأكثر ، والمعنى أن النفس كانت قلقة منزعجة بعارض المرض ، فسكنت بالموت ، وظن أبو طلحة أن مرادها أنها سكنت بالنوم لوجود العافية ، وفي رواية أبي ذر : " هدأ نفسه " بفتح الفاء ؛ أي سكن ، لأن المريض يكون نفسه عاليا ، فإذا زال مرضه سكن ، وكذا إذا مات . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين : " هو أسكن ما كان " . ونحوه في رواية جعفر ، عن ثابت ، وفي رواية معمر ، عن ثابت : " أمسى هادئا " . وفي رواية حميد : " بخير ما كان " . ومعانيها متقاربة .
قوله : ( وأرجو أن يكون قد استراح ) لم تجزم بذلك على سبيل الأدب ، ويحتمل أنها لم تكن علمت أن الطفل لا عذاب عليه ، ففوضت الأمر إلى الله تعالى ، مع وجود رجائها بأنه استراح من نكد الدنيا .
قوله : ( وظن أبو طلحة أنها صادقة ) أي بالنسبة إلى ما فهمه من كلامها ، وإلا فهي صادقة بالنسبة إلى ما أرادت .
قوله : ( فبات ) أي معها ( فلما أصبح اغتسل ) فيه كناية عن الجماع ، لأن الغسل إنما يكون في الغالب منه ، وقد وقع التصريح بذلك في غير هذه الرواية : ففي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين : " فقربت إليه العشاء فتعشى ، ثم أصاب منها " . وفي رواية عبد الله : " ثم تعرضت له ، فأصاب منها " . وفي رواية حماد ، عن ثابت : " ثم تطيبت " . زاد جعفر ، عن ثابت : " فتعرضت له حتى وقع بها " . وفي رواية سليمان ، عن ثابت : " ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها " .
قوله : ( فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة ، عن ثابت عند مسلم " . فقالت : يا أبا طلحة ، أرأيت لو أن قوما أعاروا أهل بيت عارية ، فطلبوا عاريتهم ، ألهم أن يمنعوهم ؟ قال : لا . قالت : [ ص: 204 ] فاحتسب ابنك . فغضب وقال تركتني حتى تلطخت ، ثم أخبرتني بابني " . وفي رواية عبد الله : " فقالت : يا أبا طلحة ، أرأيت قوما أعاروا متاعا ثم بدا لهم فيه فأخذوه فكأنهم وجدوا في أنفسهم " . زاد حماد في روايته عن ثابت " فأبوا أن يردوها ، فقال أبو طلحة : ليس لهم ذلك ، إن العارية مؤداة إلى أهلها . ثم اتفقا ، فقالت : إن الله أعارنا فلانا ثم أخذه منا " . زاد حماد : " فاسترجع " .
قوله : ( لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما ) في رواية الأصيلي : " لهما في ليلتهما " . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين : " اللهم بارك لهما " . ولا تعارض بينهما فيجمع بأنه دعا بذلك ، ورجا إجابة دعائه ، ولم تختلف الرواة عن ثابت ، وكذا عن حميد في أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=885756بارك الله لكما في ليلتكما . وعرف من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين أن المراد الدعاء ، وإن كان لفظه لفظ الخبر . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين من الزيادة : " فولدت غلاما " . وفي رواية عبد الله بن عبد الله : " فجاءت بعبد الله بن أبي طلحة " . وسيأتي الكلام على قصة تحنيكه وغير ذلك ، حيث ذكره المصنف في العقيقة .
قوله : ( قال nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ) هو ابن عيينة بالإسناد المذكور .
قوله : ( فقال رجل من الأنصار . . . إلخ ) هو عباية بن رفاعة ، لما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، nindex.php?page=showalam&ids=17072ومسدد ، وابن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في " الدلائل " كلهم من طريق سعيد بن مسروق ، عن عباية بن رفاعة قال : " كانت أم أنس تحت أبي طلحة " . فذكر القصة شبيهة بسياق ثابت ، عن أنس ، وقال في آخره : " فولدت له غلاما ، قال عباية : فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن " . وأفادت هذه الرواية أن في رواية سفيان تجوزا في قوله : " لهما " لأن ظاهره أنه من ولدهما بغير واسطة ، وإنما المراد من أولاد ولدهما المدعو له بالبركة وهو عبد الله بن أبي طلحة . ووقع في رواية سفيان " تسعة " وفي هذه " سبعة " ، فلعل في أحدهما تصحيفا ، أو المراد بالسبعة من ختم القرآن كله وبالتسعة من قرأ معظمه ، وله من الولد فيما ذكر ابن سعد وغيره من أهل العلم بالأنساب إسحاق ، وإسماعيل ، وعبد الله ، ويعقوب ، وعمر ، والقاسم ، وعمارة ، وإبراهيم ، وعمير ، وزيد ، ومحمد ، وأربع من البنات . وفي قصة أم سليم هذه من الفوائد أيضا جواز الأخذ بالشدة ، وترك الرخصة مع القدرة عليها ، والتسلية عن المصائب ، وتزين المرأة لزوجها ، وتعرضها لطلب الجماع منه ، واجتهادها في عمل مصالحه ، ومشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورة إليها ، وشرط جوازها أن لا تبطل حقا لمسلم . وكان الحامل nindex.php?page=showalam&ids=11088لأم سليم على ذلك المبالغة في الصبر والتسليم لأمر الله تعالى ، ورجاء إخلافه عليها ما فات منها ، إذ لو أعلمت أبا طلحة بالأمر في أول الحال تنكد عليه وقته ، ولم تبلغ الغرض الذي أرادته ، فلما علم الله صدق نيتها بلغها مناها ، وأصلح لها ذريتها . وفيه إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن من ترك شيئا عوضه الله خيرا منه ، وبيان حال أم سليم من التجلد وجودة الرأي وقوة العزم ، وسيأتي في الجهاد والمغازي أنها كانت تشهد القتال وتقوم بخدمة المجاهدين ، إلى غير ذلك مما انفردت به عن معظم النسوة ، وسيأتي شرح حديث أبي عمير ما فعل النغير مستوفى في أواخر كتاب الأدب ، وفيه بيان ما كان سمي به غير الكنية التي اشتهر بها .