قوله : ( باب حمل الرجال الجنازة دون النساء ) قال ابن رشيد : ليست الحجة من حديث الباب بظاهرة في منع النساء ، لأنه من الحكم المعلق على شرط . وليس فيه أن لا يكون الواقع إلا ذلك ، ولو سلم فهو من مفهوم اللقب . ثم أجاب بأن كلام الشارع مهما أمكن حمله على التشريع لا يحمل على مجرد الإخبار عن الواقع ، ويؤيده العدول عن المشاكلة في الكلام حيث قال : إذا وضعت فاحتملها الرجال ، ولم يقل : فاحتملت ، فلما قطع احتملت عن مشاكلة وضعت دل على قصد تخصيص الرجال بذلك ، وأيضا فجواز ذلك للنساء وإن كان يؤخذ بالبراءة الأصلية ، لكنه معارض بأن في الحمل على الأعناق والأمر بالإسراع مظنة الانكشاف غالبا ، وهو مباين للمطلوب منهن من التستر مع ضعف نفوسهن عن مشاهدة الموتى غالبا ، فكيف بالحمل ، مع ما يتوقع من صراخهن عند حمله ووضعه وغير ذلك من وجوه المفاسد . انتهى ملخصا . وقد ورد ما هو أصرح من هذا في منعهن ، ولكنه على غير شرط المصنف ، ولعله أشار إليه وهو ما أخرجه أبو يعلى من حديث أنس >[1] قال nindex.php?page=hadith&LINKID=885783خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فرأى نسوة ، فقال : أتحملنه ؟ قلن : لا . قال : أتدفنه ؟ قلن : لا . قال : فارجعن مأزورات غير مأجورات . . ونقل النووي في " شرح المهذب " أنه لا خلاف في هذه المسألة بين العلماء ، والسبب فيه ما تقدم ، ولأن الجنازة لا بد أن يشيعها الرجال ، فلو حملها النساء لكان ذلك ذريعة إلى اختلاطهن بالرجال فيفضي إلى الفتنة . وقال ابن بطال : قد عذر الله النساء لضعفهن حيث قال : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء ) الآية ، وتعقبه الزين بن المنير بأن الآية لا تدل على اختصاصهن بالضعف ، بل على المساواة . انتهى . والأولى أن ضعف النساء بالنسبة إلى الرجال من الأمور المحسوسة التي لا تحتاج إلى دليل خاص .
قوله : ( عن أبيه أنه سمع أبا سعيد ) لسعيد المقبري فيه إسناد آخر رواه ابن أبي ذئب عنه ، عن عبد الرحمن بن مهران ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وقال : الطريقان جميعا محفوظان .
[ ص: 218 ] قوله : ( إذا وضعت الجنازة ) في رواية ابن أبي ذئب المذكورة : nindex.php?page=hadith&LINKID=885784إذا وضع الميت على السرير . فدل على أن المراد بالجنازة الميت . وقد تقدم أن هذا اللفظ يطلق على الميت ، وعلى السرير الذي يحمل عليه أيضا ، وسيأتي بقية الكلام عليه بعد باب .