[ ص: 249 ] قوله : ( باب الصلاة على الشهداء ) قال الزين بن المنير : أراد باب حكم الصلاة على الشهيد ، ولذلك أورد فيه حديث جابر الدال على نفيها ، وحديث عقبة الدال على إثباتها قال : ويحتمل أن يكون المراد باب مشروعية الصلاة على الشهيد في قبره لا قبل دفنه عملا بظاهر الحديثين ، قال : والمراد بالشهيد قتيل المعركة في حرب الكفار . انتهى . وكذا المراد بقوله بعد " من لم ير غسل الشهيد " ولا فرق في ذلك بين المرأة والرجل صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا صالحا أو غير صالح ، وخرج بقوله : " المعركة " من جرح في القتال وعاش بعد ذلك حياة مستقرة ، وخرج بحرب الكفار من مات بقتال المسلمين كأهل البغي ، وخرج بجميع ذلك من سمي شهيدا بسبب غير السبب المذكور ، وإنما يقال له شهيد بمعنى ثواب الآخرة ، وهذا كله على الصحيح من مذاهب العلماء . والخلاف في الصلاة على قتيل معركة الكفار مشهور ، قال الترمذي : قال بعضهم يصلى على الشهيد ، وهو قول الكوفيين وإسحاق ، وقال بعضهم : لا يصلى عليه . وهو قول المدنيين nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الأم " : جاءت الأخبار كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى أحد ، وما روي أنه صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح . وقد كان ينبغي لمن عارض بذلك هذه الأحاديث الصحيحة أن يستحيي على نفسه . قال : وأما حديث عقبة بن عامر ، فقد وقع في نفس الحديث أن ذلك كان بعد ثمان سنين ، يعني والمخالف يقول : لا يصلى على القبر إذا طالت المدة . قال : وكأنه صلى الله عليه وسلم دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب أجله مودعا لهم بذلك ، ولا يدل ذلك على نسخ الحكم الثابت . انتهى . وما أشار إليه من المدة والتوديع قد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا كما سننبه عليه بعد هذا . ثم إن الخلاف في ذلك في منع الصلاة عليهم على الأصح عند الشافعية ، وفي وجه أن الخلاف في الاستحباب وهو المنقول عن الحنابلة ، قال الماوردي >[1] عن أحمد : الصلاة على الشهيد أجود ، وإن لم يصلوا عليه أجزأ .
قوله : ( عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن جابر ) كذا يقول الليث ، عن ابن شهاب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : لا أعلم أحدا من ثقات أصحاب ابن شهاب تابع الليث على ذلك . ثم ساقه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن ثعلبة فذكر الحديث مختصرا ، وكذا أخرجه أحمد من طريق محمد بن إسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من طريق عبد الرحمن بن إسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=16700وعمرو بن الحارث كلهم عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن ثعلبة . وعبد الله له رؤية ، فحديثه من حيث السماع مرسل ، وقد رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، فزاد فيه جابرا ، وهو مما يقوي اختيار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فإن ابن شهاب صاحب حديث ، فيحمل على أن الحديث عنده عن شيخين ، ولا سيما أن في رواية عبد الرحمن بن كعب ما ليس في رواية عبد الله بن ثعلبة . وعلي بن شهاب فيه اختلاف [ ص: 250 ] آخر ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12308أسامة بن زيد الليثي عنه ، عن أنس ، أخرجه أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي . وأسامة سيئ الحفظ ، وقد حكى الترمذي في " العلل " عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن أسامة غلط في إسناده . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري ، عن ابن شهاب فقال : " عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه " . وابن عبد العزيز ضعيف ، وقد أخطأ في قوله : " عن أبيه " . وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه اختلافا آخر كما سيأتي بعد بابين .
قوله : ( ثم يقول : أيهما ) في رواية الكشميهني " أيهم " .
قوله : ( ولم يصل عليهم ) هو مضبوط في روايتنا بفتح اللام ، وهو اللائق بقوله بعد ذلك : " ولم يغسلوا " وسيأتي بعد بابين من وجه آخر عن الليث بلفظ : " ولم يصل عليهم ، ولم يغسلهم " وهذه بكسر اللام ، والمعنى : ولم يفعل ذلك بنفسه ولا بأمره .
وفي حديث جابر هذا مباحث كثيرة يأتي استيفاؤها في غزوة أحد من المغازي ، إن شاء الله تعالى . وفيه جواز تكفين الرجلين في ثوب واحد ، لأجل الضرورة ، إما بجمعهما فيه ، وإما بقطعه بينهما ، وعلى جواز دفن اثنين في لحد ، وعلى استحباب تقديم أفضلهما لداخل اللحد ، وعلى أن شهيد المعركة لا يغسل ، وقد ترجم المصنف لجميع ذلك .
( تنبيه ) : وقع في رواية أسامة المذكورة : " لم يصل عليهم " كما في حديث جابر ، وفي رواية عنه عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم : " ولم يصل على أحد غيره " . يعني حمزة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : هذه اللفظة غير محفوظة - يعني عن أسامة - والصواب الرواية الموافقة لحديث الليث والله أعلم .