باب الجريد على القبر وأوصى nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدان ورأى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما فسطاطا على قبر عبد الرحمن فقال انزعه يا غلام فإنما يظله عمله وقال خارجة بن زيد رأيتني ونحن شبان في زمن عثمان رضي الله عنه وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه وقال عثمان بن حكيم أخذ بيدي خارجة فأجلسني على قبر وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت قال إنما كره ذلك لمن أحدث عليه وقال نافع كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما يجلس على القبور
قوله : ( وأوصى بريدة الأسلمي إلخ ) وقع في رواية الأكثر : " في قبره " . وللمستملي : " على قبره " . وقد وصله ابن سعد من طريق مورق العجلي قال : أوصى بريدة أن يوضع في قبره جريدتان ، ومات بأدنى خراسان . قال nindex.php?page=showalam&ids=12887ابن المرابط وغيره : يحتمل أن يكون بريدة أمر أن يغرزا في ظاهر القبر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وضعه الجريدتين في القبرين ، ويحتمل أن يكون أمر أن يجعلا في داخل القبر لما في النخلة من البركة لقوله تعالى : كشجرة طيبة ، والأول أظهر ، ويؤيده إيراد المصنف حديث القبرين في آخر الباب ، وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه ، ولم يره خاصا بذينك الرجلين . قال ابن رشيد : ويظهر من تصرف nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن ذلك خاص بهما >[1] فلذلك عقبه بقول ابن عمر : " إنما يظله عمله " .
قوله : ( ورأى ابن عمر فسطاطا على قبر عبد الرحمن ) الفسطاط بضم الفاء وسكون المهملة وبطاءين مهملتين : هو البيت من الشعر ، وقد يطلق على غير الشعر ، وفيه لغات أخرى بتثليث الفاء وبالمثناتين بدل الطاءين ، وإبدال الطاء الأولى مثناة ، وإدغامهما في السين وكسر أوله في الثلاثة . nindex.php?page=showalam&ids=72وعبد الرحمن هو ابن أبي بكر الصديق ، بينه ابن سعد في روايته له موصولا من طريق أيوب بن عبد الله بن يسار ، قال : مر عبد الله بن [ ص: 265 ] عمر على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر أخي عائشة ، وعليه فسطاط مضروب ، فقال : يا غلام ، انزعه ، فإنما يظله عمله . قال الغلام : تضربني مولاتي . قال : كلا . فنزعه . ومن طريق ابن عون عن رجل >[2] قال : قدمت عائشة ذا طوى حين رفعوا أيديهم عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، فأمرت بفسطاط فضرب على قبره ووكلت به إنسانا وارتحلت ، فقدم ابن عمر . فذكر نحوه . وقد تقدم توجيه إدخال هذا الأثر تحت هذه الترجمة .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد ) أي ابن ثابت الأنصاري أحد ثقات التابعين ، وهو أحد السبعة الفقهاء من أهل المدينة إلخ . وصله المصنف في " التاريخ الصغير " من طريق ابن إسحاق " حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري سمعت nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد " . فذكره ، وفيه جواز تعلية القبر ورفعه عن وجه الأرض ، وقوله : " رأيتني " بضم المثناة والفاعل والمفعول ضميران لشيء واحد ، وهو من خصائص أفعال القلوب . ومظعون والد عثمان بظاء معجمة ساكنة ، ثم مهملة ، ومناسبته من وجه أن وضع الجريد على القبر يرشد إلى جواز وضع ما يرتفع به ظهر القبر عن الأرض ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة في آخر الجنائز . قال ابن المنير في الحاشية : أراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن الذي ينفع أصحاب القبور هي الأعمال الصالحة ، وأن علو البناء والجلوس عليه وغير ذلك لا يضر بصورته ، وإنما يضر بمعناه إذا تكلم القاعدون عليه بما يضر مثلا .
قوله : ( وقال عثمان بن حكيم : أخذ بيدي nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة ) أي ابن زيد بن ثابت إلخ . وصله مسدد في مسنده الكبير ، وبين فيه سبب إخبار خارجة لحكيم بذلك ولفظه : " حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا عثمان بن حكيم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس ، nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبو سلمة بن عبد الرحمن أنهما سمعا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : لأن أجلس على جمرة فتحرق ما دون لحمي حتى تفضي إلي ، أحب إلي من أن أجلس على قبر . قال عثمان : فرأيت nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد في المقابر ، فذكرت له ذلك ، فأخذ بيدي " الحديث . وهذا إسناد صحيح . وقد أخرج مسلم حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا من طريق سهل بن أبي صالح ، عن أبيه عنه ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق محمد بن كعب قال : إنما قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط ، فكأنما جلس على جمرة ، لكن إسناده ضعيف . قال ابن رشيد : الظاهر أن هذا الأثر والذي بعده من الباب الذي بعد هذا ، وهو : " باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله " . وكأن بعض الرواة كتبه في غير موضعه ، قال : وقد يتكلف له طريق يكون به من الباب ، وهي الإشارة إلى أن ضرب الفسطاط إن كان لغرض صحيح كالتستر من الشمس مثلا للحي لا لإظلال الميت فقط جاز ، وكأنه يقول : إذا أعلي القبر لغرض صحيح لا لقصد المباهاة جاز كما يجوز القعود عليه لغرض صحيح ، لا لمن أحدث عليه . قال : والظاهر أن المراد بالحدث هنا التغوط ، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك من إحداث ما لا يليق من الفحش قولا وفعلا لتأذي الميت بذلك . انتهى . ويمكن أن يقال : هذه الآثار المذكورة في هذا الباب تحتاج إلى بيان مناسبتها للترجمة ، وإلى مناسبة بعضها لبعض ، وذلك أنه لم يذكر حكم وضع الجريدة ، وذكر أثر بريدة ، وهو يؤذن بمشروعيتها ، ثم أثر ابن عمر المشعر [ ص: 266 ] بأنه لا تأثير لما يوضع على القبر ، بل التأثير للعمل الصالح ، وظاهرهما التعارض فلذلك أبهم حكم وضع الجريدة ، قاله الزين بن المنير . والذي يظهر من تصرفه ترجيح الوضع ، ويجاب عن أثر ابن عمر بأن ضرب الفسطاط على القبر لم يرد فيه ما ينتفع به الميت بخلاف وضع الجريدة لأن مشروعيتها ثبتت بفعله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان بعض العلماء قال : إنها واقعة عين يحتمل أن تكون مخصوصة بمن أطلعه الله تعالى على حال الميت ، وأما الآثار الواردة في الجلوس على القبر ، فإن عموم قول ابن عمر : " إنما يظله عمله " يدخل فيه أنه كما لا ينتفع بتظليله ولو كان تعظيما له ، لا يتضرر بالجلوس عليه ولو كان تحقيرا له . والله أعلم .
قوله : ( وقال نافع : كان ابن عمر يجلس على القبور ) ووصله nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا حدثه بذلك ، ولا يعارض هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه قال : لأن أطأ على رضف أحب إلي من أن أطأ على قبر . وهذه من المسائل المختلف فيها ، وورد فيها من صحيح الحديث ما أخرجه مسلم ، عن أبي مرثد الغنوي مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=885838لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلوا إليها . قال النووي : المراد بالجلوس القعود عند الجمهور . وقال مالك : المراد بالقعود الحدث ، وهو تأويل ضعيف أو باطل . انتهى . وهو يوهم انفراد مالك بذلك ، وكذا أوهمه كلام nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي حيث قال : جمهور الفقهاء على الكراهة خلافا لمالك . وصرح النووي في " شرح المهذب " بأن مذهب أبي حنيفة كالجمهور ، وليس كذلك ، بل مذهب أبي حنيفة وأصحابه كقول مالك ، كما نقله عنهم nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي واحتج له بأثر ابن عمر المذكور ، وأخرج عن علي نحوه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=885839إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور لحدث غائط أو بول . ورجال إسناده ثقات . ويؤيد قول الجمهور ما أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم الأنصاري مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=885840لا تقعدوا على القبور . وفي رواية له عنه : nindex.php?page=hadith&LINKID=885841رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متكئ على قبر فقال : لا تؤذ صاحب القبر . إسناده صحيح ، وهو دال على أن المراد بالجلوس القعود على حقيقته ، ورد nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم التأويل المتقدم بأن لفظ حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=885842لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده . قال : وما عهدنا أحدا يقعد على ثيابه للغائط ، فدل على أن المراد القعود على حقيقته . وقال ابن بطال : التأويل المذكور بعيد ، لأن الحدث على القبر أقبح من أن يكره ، وإنما يكره الجلوس المتعارف >[3] .
قوله : ( حدثنا يحيى ) قال أبو علي الجياني : لم أره منسوبا لأحد من المشايخ . قلت : قد نسبه أبو نعيم في " المستخرج " يحيى بن جعفر ، وجزم أبو مسعود في " الأطراف " وتبعه المزي بأنه يحيى بن يحيى ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13265أبي علي بن شبويه ، عن الفربري : " حدثنا يحيى بن موسى " . وهذا هو المعتمد . وقد تقدم الكلام على حديث ابن عباس في كتاب الوضوء بما فيه مقنع بعون الله تعالى . والله أعلم .