[ ص: 342 ] قوله : ( باب إذا تصدق ) أي الشخص ( على ابنه وهو لا يشعر ) قال الزين بن المنير : لم يذكر جواب الشرط اختصارا ، وتقديره جاز ، لأنه يصير لعدم شعوره كالأجنبي . ومناسبة الترجمة للخبر من جهة أن يزيد أعطى من يتصدق عنه ولم يحجر عليه ، وكان هو السبب في وقوع الصدقة في يد ولده ، قال : وعبر في هذه الترجمة بنفي الشعور وفي التي قبلها بنفي العلم ، لأن المتصدق في السابقة بذل وسعه في طلب إعطاء الفقير فأخطأ اجتهاده ، فناسب أن ينفي عنه العلم ، وأما هذا فباشر التصدق غيره ، فناسب أن ينفي عن صاحب الصدقة الشعور .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف ) هو الفريابي ، وأبو الجويرية بالجيم مصغرا اسمه حطان بكسر المهملة وكان سماعه من معن ، ومعن أمير على غزاة بالروم في خلافة معاوية ، كما رواه أبو داود من طريق أبي الجويرية . قوله : ( أنا وأبي وجدي ) اسم جده الأخنس بن حبيب السلمي كما جزم به nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان وغير واحد ، ووقع في الصحابة لمطين ، وتبعه البارودي ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، وابن منده ، وأبو نعيم أن اسم جد معن بن يزيد ثور ، فترجموا في كتبهم بثور ، وساقوا حديث الباب من طريق الجراح والد nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن أبي الجويرية ، عن معن بن يزيد بن ثور السلمي ، أخرجه مطين ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن جده ، ورواه البارودي ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن مطين ، ورواه ابن منده عن البارودي ، وأبو نعيم عن nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وجمهور الرواة عن أبي الجويرية ، لم يسموا جد معن ، بل تفرد سفيان بن وكيع بذلك ، وهو ضعيف ، وأظنه كان فيه عن معن بن يزيد أبي ثور السلمي فتصحفت أداة الكنية بابن ، فإن معنا كان يكنى أبا ثور ، فقد ذكر خليفة بن خياط في تاريخه أن معن بن يزيد ، وابنه ثورا قتلا يوم مرج راهط مع الضحاك بن قيس . وجمع nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان بين القولين بوجه آخر فقال في " الصحابة " : ثور السلمي جد معن بن يزيد بن الأخنس السلمي لأمه . فإن كان ضبطه فقد زال الإشكال ، والله أعلم . وروي عن يزيد بن أبي حبيب ، أن معن بن يزيد شهد بدرا هو وأبوه وجده ، ولم يتابع على ذلك . ، فقد روى أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، nindex.php?page=hadith&LINKID=886091عن يزيد بن الأخنس السلمي أنه أسلم فأسلم معه جميع أهله إلا امرأة واحدة أبت أن تسلم ، فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم : ولا تمسكوا بعصم الكوافر فهذا دال على أن إسلامه كان متأخرا ، لأن [ ص: 343 ] الآية متأخرة الإنزال عن بدر قطعا . وقد فرق البغوي وغيره في الصحابة بين يزيد بن الأخنس وبين يزيد والد معن ، والجمهور على أنه هو .
قوله : ( وخطب علي فأنكحني ) أي : طلب لي النكاح فأجيب ، يقال : خطب المرأة إلى وليها إذا أرادها الخاطب لنفسه ، وعلى فلان إذا أرادها لغيره ، والفاعل النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن مقصود الراوي بيان أنواع علاقاته به من المبايعة وغيرها . ولم أقف على اسم المخطوبة ، ولو ورد أنها ولدت منه لضاهى بيت الصديق في الصحبة من جهة كونهم أربعة في نسق ، وقد وقع ذلك nindex.php?page=showalam&ids=111لأسامة بن زيد بن حارثة ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " المستدرك " أن حارثة قدم فأسلم ، وذكر الواقدي في المغازي أن أسامة ولد له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تتبعت نظائر لذلك أكثرها فيه مقال ذكرتها في " النكت على علوم الحديث لابن الصلاح " .
) قوله : ( وكان أبي يزيد ) بالرفع على البدلية .
قوله : ( فوضعها عند رجل لم أقف على اسمه ، وفي السياق حذف تقديره : وأذن له أن يتصدق بها على محتاج إليها إذنا مطلقا .
قوله : ( فأتيته ) الضمير لأبيه أي : فأتيت أبي بالدنانير المذكورة .
قوله : ( والله ما إياك أردت ) يعني لو أردت أنك تأخذها لناولتها لك ولم أوكل فيها ، أو كأنه كان يرى أن الصدقة على الولد لا تجزئ ، أو يرى أن الصدقة على الأجنبي أفضل .
قوله : ( فخاصمته ) تفسير لقوله أولا : " وخاصمت إليه " .
قوله : ( لك ما نويت ) أي : إنك نويت أن تتصدق بها على من يحتاج إليها ، وابنك يحتاج إليها فوقعت الموقع ، وإن كان لم يخطر ببالك أنه يأخذها .
قوله : ( ولك ما أخذت يا معن أي : لأنك أخذتها محتاجا إليها . قال ابن رشيد : الظاهر أنه لم يرد بقوله : " والله ما إياك أردت " ؛ أي : إني أخرجتك بنيتي ، وإنما أطلقت لمن تجزئ عني الصدقة ولم تخطر أنت ببالي ، فأمضى النبي صلى الله عليه وسلم الإطلاق ، لأنه فوض للوكيل بلفظ مطلق فنفذ فعله . وفيه دليل على العمل بالمطلقات على إطلاقها وإن احتمل أن المطلق لو خطر بباله فرد من الأفراد لقيد اللفظ به ، والله أعلم . واستدل به على جواز دفع الصدقة إلى كل أصل وفرع ، ولو كان ممن تلزمه نفقته ، ولا حجة فيه لأنها واقعة حال فاحتمل أن يكون معن كان مستقلا لا يلزم أباه يزيد نفقته ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة مبسوطا في " باب الزكاة على الزوج " بعد ثلاثين بابا ، إن شاء الله تعالى . وفيه جواز الافتخار بالمواهب الربانية والتحدث بنعم الله . وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن ، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا . وجواز الاستخلاف في الصدقة ولا سيما صدقة التطوع ، لأن فيه نوع إسرار . وفيه أن للمتصدق أجر ما نواه سواء صادف المستحق أو لا . وأن الأب لا رجوع له في الصدقة على ولده بخلاف الهبة ، والله أعلم .