[ ص: 354 ] قوله : ( باب من تصدق في الشرك ثم أسلم ) أي : هل يعتد له بثواب ذلك أو لا ؟ قال الزين بن المنير : لم يبت الحكم من أجل قوة الاختلاف فيه . قلت : وقد تقدم البحث في ذلك مستوفى في كتاب الإيمان في الكلام على حديث : " إذا أسلم العبد فحسن إسلامه " . وأنه لا مانع من أن الله يضيف إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه في الكفر تفضلا وإحسانا .
قوله : ( أتحنث ) بالمثلثة أي : أتقرب ، والحنث في الأصل الإثم ، وكأنه أراد ألقي عني الإثم . ولما أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث في الأدب عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري قال في آخره : ويقال أيضا عن أبي اليمان : أتحنت يعني بالمثناة . ونقل عن أبي إسحاق : أن التحنت التبرر . قال : وتابعه nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه . وحديث هشام أورده في العتق بلفظ : " كنت أتحنت بها " . يعني أتبرر بها . قال عياض : رواه جماعة من الرواة في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالمثلثة وبالمثناة ، وبالمثلثة أصح رواية ومعنى .
قوله : ( من صدقة أو عتاقة أو صلة ) كذا هنا بلفظ : " أو " وفي رواية شعيب المذكورة بالواو في الموضعين ، وسقط لفظ " الصدقة " من رواية عبد الرزاق ، عن معمر ، وفي رواية هشام المذكورة أنه أعتق في الجاهلية مائتي رقبة ، وحمل على مائتي بعير . وزاد في آخره : فوالله لا أدع شيئا صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله .
قوله : ( أسلمت على ما سلف من خير ) قال المازري : ظاهره أن الخير الذي أسلفه كتب له ، والتقدير : أسلمت على قبول ما سلف لك من خير . وقال الحربي : معناه ما تقدم لك من الخير الذي عملته هو لك ، كما تقول : أسلمت على أن أحوز لنفسي ألف درهم ، وأما من قال : إن الكافر لا يثاب فحمل معنى الحديث على وجوه أخرى >[1] ، منها أن يكون المعنى أنك بفعلك ذلك اكتسبت طباعا جميلة فانتفعت بتلك الطباع في الإسلام ، وتكون تلك العادة قد مهدت لك معونة على فعل الخير ، أو أنك اكتسبت بذلك ثناء جميلا ، فهو باق لك في الإسلام ، أو أنك ببركة فعل الخير هديت إلى الإسلام ، لأن المبادئ عنوان الغايات ، أو أنك بتلك الأفعال رزقت الرزق الواسع . قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم ورى عن [ ص: 355 ] جوابه ، فإنه سأل : هل لي فيها من أجر ؟ فقال : أسلمت على ما سلف من خير . والعتق فعل خير ، وكأنه أراد أنك فعلت الخير ، والخير يمدح فاعله ويجازى عليه في الدنيا ، فقد روى مسلم من حديث أنس مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=886122إن الكافر يثاب في الدنيا بالرزق على ما يفعله من حسنة .