[ ص: 284 ] قوله : ( باب فضل الوضوء ، والغر المحجلون ) كذا في أكثر الروايات بالرفع ، وهو على سبيل الحكاية لما ورد في بعض طرق الحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=883624أنتم الغر المحجلون وهو عند مسلم ، أو الواو استئنافية والغر المحجلون مبتدأ وخبره محذوف تقديره لهم فضل ، أو الخبر قوله : " من آثار الوضوء " وفي رواية المستملي " والغر المحجلين " بالعطف على الوضوء أي : وفضل الغر المحجلين كما صرح به الأصيلي في روايته .
قوله : ( عن خالد ) هو ابن يزيد الإسكندراني أحد الفقهاء الثقات ، وروايته عن سعيد بن أبي هلال من باب رواية الأقران .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم المجمر ) بضم الميم وإسكان الجيم هو ابن عبد الله المدني ، وصف هو وأبوه بذلك لكونهما كانا يبخران مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - . وزعم بعض العلماء أن وصف عبد الله بذلك حقيقة ووصف ابنه نعيم بذلك مجاز ، وفيه نظر فقد جزم nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي بأن نعيما كان يباشر ذلك .
ورجال هذا الإسناد الستة نصفهم مصريون ، وهم الليث وشيخه والراوي عنه ، والنصف الآخر مدنيون .
قوله . ( رقيت ) بفتح الراء وكسر القاف أي : صعدت .
قوله : ( فتوضأ ) كذا لجمهور الرواة ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني يوما بدل قوله فتوضأ وهو تصحيف ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي وغيره من الوجه الذي أخرجه منه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظ " توضأ " وزاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي فيه " فغسل وجهه ويديه فرفع في عضديه ، وغسل رجليه فرفع في ساقيه " وكذا لمسلم من طريق عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال نحوه ، ومن طريق عمارة بن غزية عن نعيم وزاد في هذه : أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=883625 " هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ " فأفاد رفعه ، وفيه رد على من زعم أن ذلك من رأي nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بل من روايته ورأيه معا .
قوله : ( أمتي ) أي : أمة الإجابة وهم المسلمون ، وقد تطلق أمة محمد ويراد بها أمة الدعوة وليست مرادة هنا .
قوله : ( يدعون ) بضم أوله أي : ينادون أو يسمون .
قوله : ( غرا ) بضم المعجمة وتشديد الراء جمع أغر أي ذو غرة ، وأصل الغرة لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس ، ثم استعملت في الجمال والشهرة وطيب الذكر ، والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وغرا منصوب على المفعولية ليدعون أو على الحال ، أي : أنهم إذا دعوا على رءوس الأشهاد نودوا بهذا الوصف وكانوا على هذه الصفة .
قوله : ( محجلين ) بالمهملة والجيم من التحجيل وهو بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس ، وأصله من الحجل بكسر المهملة وهو الخلخال ، والمراد به هنا أيضا النور . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة ، وفيه نظر لأنه ثبت عند المصنف في قصة سارة رضي الله عنها مع الملك الذي أعطاها هاجر أن سارة لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي ، وفي قصة جريج الراهب أيضا أنه قام فتوضأ وصلى ثم كلم الغلام ، فالظاهر أن الذي اختصت به هذه الأمة هو الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء ، وقد صرح بذلك في رواية لمسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أيضا مرفوعا قال : سيما ليست لأحد [ ص: 285 ] غيركم وله من حديث حذيفة نحوه . و " سيما " بكسر المهملة وإسكان الياء الأخيرة أي : علامة .
قوله : ( من آثار الوضوء ) بضم الواو ، ويجوز فتحها على أنه الماء قاله ابن دقيق العيد .
قوله : ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) أي : فليطل الغرة والتحجيل . واقتصر على إحداهما لدلالتها على الأخرى نحو سرابيل تقيكم الحر واقتصر على ذكر الغرة وهي مؤنثة دون التحجيل وهو مذكر لأن محل الغرة أشرف أعضاء الوضوء ، وأول ما يقع عليه النظر من الإنسان .
على أن في رواية مسلم من طريق عمارة بن غزية ذكر الأمرين ، ولفظه " فليطل غرته وتحجيله " وقال ابن بطال : كنى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة بالغرة عن التحجيل لأن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله ، وفيما قال نظر لأنه يستلزم قلب اللغة ، وما نفاه ممنوع لأن الإطالة ممكنة في الوجه بأن يغسل إلى صفحة العنق مثلا . ونقل الرافعي عن بعضهم أن الغرة تطلق على كل من الغرة والتحجيل . ثم إن ظاهره أنه بقية الحديث ، لكن رواه أحمد من طريق فليح عن نعيم وفي آخره : قال نعيم لا أدري قوله من استطاع . . . إلخ من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة غير رواية نعيم هذه والله أعلم .
واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل فقيل : إلى المنكب والركبة ، وقد ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رواية ورأيا . وعن ابن عمر من فعله أخرجه ابن أبي شيبة ، وأبو عبيد بإسناد حسن ، وقيل المستحب الزيادة إلى نصف العضد والساق ، وقيل إلى فوق ذلك . وقال ابن بطال وطائفة من المالكية : لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق لقوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=883627من زاد على هذا فقد أساء وظلم وكلامهم معترض من وجوه ، ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال . وأما دعواهم اتفاق العلماء على خلاف مذهب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في ذلك فهي مردودة بما نقلناه عن ابن عمر ، وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية والحنفية . وأما تأويلهم الإطالة المطلوبة بالمداومة على الوضوء فمعترض بأن الراوي أدرى بمعنى ما روى ، كيف وقد صرح برفعه إلى الشارع - صلى الله عليه وسلم - >[1] وفي الحديث معنى ما ترجم له من فضل الوضوء ; لأن الفضل الحاصل بالغرة والتحجيل من آثار الزيادة على الواجب ، فكيف الظن بالواجب ؟ وقد وردت فيه أحاديث صحيحة صريحة أخرجها مسلم وغيره ، وفيه جواز الوضوء على ظهر المسجد لكن إذا لم يحصل منه أذى للمسجد أو لمن فيه . والله أعلم .