[ ص: 433 ] قوله : ( باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين ) ظاهره أنه يرى أنها تجب على العبد وإن كان سيده يتحملها عنه ، ويؤيده عطف الصغير عليه فإنها تجب عليه ، وإن كان الذي يخرجها غيره .
قوله : ( من المسلمين ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : لم تختلف الرواة عن مالك في هذه الزيادة ، إلا أن قتيبة بن سعيد رواه عن مالك بدونها ، وأطلق أبو قلابة الرقاشي ومحمد بن وضاح وابن الصلاح ومن تبعه أن مالكا تفرد بها دون أصحاب نافع ، وهو متعقب برواية عمر بن نافع المذكورة في الباب الذي قبله ، وكذا أخرجه مسلم من طريق الضحاك بن عثمان ، عن نافع بهذه الزيادة ، وقال أبو عوانة في صحيحه : لم يقل فيه " من المسلمين " غير مالك والضحاك ورواية عمر بن نافع ترد عليه أيضا ، وقال أبو داود بعد أن أخرجه من طريق مالك وعمر بن نافع : رواه عبد الله العمري ، عن نافع فقال : " على كل مسلم " . ورواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع فقال فيه : " من المسلمين " . والمشهور عن عبيد الله ليس فيه : " من المسلمين " . انتهى . وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " المستدرك " من طريق سعيد بن عبد الرحمن المذكورة ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، nindex.php?page=showalam&ids=12644وابن الجارود طريق عبد الله العمري ، وقال الترمذي في " الجامع " بعد رواية مالك : رواه غير واحد عن نافع ولم يذكر فيه " من المسلمين " ، وقال في " العلل " التي في آخر الجامع : روى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع ولم يذكر فيه " من المسلمين " ، وروى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه . انتهى . وهذه العبارة أولى من عبارته الأولى ، ولكن لا يدرى من عنى بذلك . وقال النووي في شرح مسلم : رواه ثقتان غير مالك : عمر بن نافع ، والضحاك . انتهى . وقد وقع لنا من رواية جماعة غيرهما منهم كثير بن فرقد عند الطحاوي والدارقطني والحاكم . nindex.php?page=showalam&ids=17423ويونس بن يزيد عند nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، والمعلى بن إسماعيل عند nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أخرجه من طريق عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن ابن أبي ليلى وعبيد الله بن عمر كلاهما عن نافع ، وهذه الطريق ترد على أبي داود في إشارته إلى أن سعيد بن عبد الرحمن تفرد بها عن عبيد الله بن عمر ، لكن يحتمل أن يكون بعض رواته حمل لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى على لفظ عبيد الله ، وقد اختلف فيه على أيوب أيضا ، كما اختلف على عبيد الله بن عمر : فذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر أن أحمد بن خالد ذكر عن بعض شيوخه عن يوسف القاضي ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد ، عن أيوب ، فذكر فيه : " من المسلمين " قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وهو خطأ والمحفوظ فيه عن أيوب ليس فيه : " من المسلمين " . انتهى . وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في صحيحه من طريق عبد الله بن شوذب ، عن أيوب وقال فيه أيضا : " من المسلمين " . وذكر شيخنا سراج الدين بن الملقن في شرحه تبعا لمغلطاي أن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أخرجه من طريق أيوب بن موسى وموسى بن عقبة ويحيى بن سعيد ثلاثتهم عن نافع ، وفيه الزيادة ، وقد تتبعت تصانيف nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي فلم أجد فيها هذه الزيادة من رواية أحد من هؤلاء الثلاثة . وفي الجملة ليس فيمن روى هذه الزيادة أحد مثل مالك ، لأنه لم يتفق على أيوب وعبيد الله في زيادتها ، وليس في الباقين مثل يونس ، لكن في الراوي عنه - وهو يحيى بن أيوب - مقال .
واستدل بهذه الزيادة على اشتراط الإسلام في وجوب زكاة الفطر ، ومقتضاه أنها لا تجب على الكافر عن نفسه ، وهو أمر متفق عليه ، وهل يخرجها عن غيره كمستولدته المسلمة مثلا ؟ نقل ابن المنذر فيه الإجماع على عدم الوجوب ، لكن فيه وجه للشافعية ورواية عن أحمد . وهل يخرجها المسلم عن عبده الكافر ؟ قال الجمهور : لا ، خلافا لعطاء [ ص: 434 ] والنخعي والثوري والحنفية وإسحاق ، واستدلوا بعموم قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=886192ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر . وقد تقدم ، وأجاب الآخرون بأن الخاص يقضي على العام ، فعموم قوله : " في عبده " مخصوص بقوله : " من المسلمين " . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : قوله من المسلمين صفة للمخرجين لا للمخرج عنهم ، وظاهر الحديث يأباه لأن فيه العبد ، وكذا الصغير في رواية عمر بن نافع وهما ممن يخرج عنه ، فدل على أن صفة الإسلام لا تختص بالمخرجين ، ويؤيده رواية الضحاك عند مسلم بلفظ : " على كل نفس من المسلمين حر أو عبد " . الحديث ، وقال القرطبي : ظاهر الحديث أنه قصد بيان مقدار الصدقة ومن تجب عليه ولم يقصد فيه بيان من يخرجها عن نفسه ممن يخرجها عن غيره بل ، شمل الجميع . ويؤيده حديث أبي سعيد الآتي ، فإنه دال على أنهم كانوا يخرجون عن أنفسهم وعن غيرهم لقوله فيه : " عن كل صغير وكبير " . لكن لا بد من أن يكون بين المخرج وبين الغير ملابسة ، كما بين الصغير ووليه ، والعبد وسيده ، والمرأة وزوجها . وقال الطيبي : قوله من المسلمين ؛ حال من العبد وما عطف عليه ، وتنزيلها على المعاني المذكورة أنها جاءت مزدوجة على التضاد للاستيعاب لا للتخصيص ، فيكون المعنى فرض على جميع الناس من المسلمين ، وأما كونها فيم وجبت ، وعلى من وجبت ؟ فيعلم من نصوص أخرى . انتهى . ونقل ابن المنذر أن بعضهم احتج بما أخرجه من حديث ابن إسحاق : " حدثني نافع أن ابن عمر كان يخرج عن أهل بيته : حرهم وعبدهم ، صغيرهم وكبيرهم ، مسلمهم وكافرهم من الرقيق " . قال : nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر راوي الحديث ، وقد كان يخرج عن عبده الكافر ، وهو أعرف بمراد الحديث . وتعقب بأنه لو صح حمل على أنه كان يخرج عنهم تطوعا ، ولا مانع منه ، واستدل بعموم قوله : " من المسلمين " على تناولها لأهل البادية خلافا للزهري وربيعة والليث في قولهم : إن زكاة الفطر تختص بالحاضرة ، وسنذكر بقية ما يتعلق بزكاة الفطر عن العبيد في أواخر أبواب صدقة الفطر ، إن شاء الله تعالى .