[ ص: 442 ] قوله : ( باب وجوب الحج وفضله ، وقول الله تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) كذا لأبي ذر ، وسقط لغيره البسملة وباب ، ولبعضهم قوله : " وقول الله " ، وفي رواية الأصيلي : " كتاب المناسك " . وقدم المصنف الحج على الصيام لمناسبة لطيفة تقدم ذكرها في المقدمة . ورتبه على مقاصد متناسبة : فبدأ بما يتعلق بالمواقيت ، ثم بدخول مكة وما معها ثم بصفة الحج ، ثم بأحكام العمرة ، ثم بمحرمات الإحرام ، ثم بفضل المدينة . ومناسبة هذا الترتيب غير خفية على الفطن . وأصل الحج في اللغة القصد ، وقال الخليل : كثرة القصد إلى معظم . وفي الشرع القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة . وهو بفتح المهملة وبكسرها لغتان ، نقل الطبري أن الكسر لغة أهل نجد ، والفتح لغيرهم ، ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين الجعفي أن الفتح الاسم ، والكسر المصدر . وعن غيره عكسه . ووجوب الحج معلوم من الدين بالضرورة . وأجمعوا على أنه لا يتكرر إلا لعارض كالنذر . واختلف ، هل هو على الفور أو التراخي ؟ وهو مشهور . وفي وقت ابتداء فرضه فقيل : قبل الهجرة وهو شاذ ، وقيل : بعدها . ثم اختلف في سنته ، فالجمهور على أنها سنة ست ، لأنها نزل فيها قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله وهذا [ ص: 443 ] ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض ، ويؤيده قراءة علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي بلفظ : " وأقيموا " أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عنهم ، وقيل : المراد بالإتمام الإكمال بعد الشروع ، وهذا يقتضي تقدم فرضه قبل ذلك . وقد وقع في قصة ضمام ذكر الأمر بالحج ، وكان قدومه على ما ذكر الواقدي سنة خمس ، وهذا يدل - إن ثبت - على تقدمه على سنة خمس أو وقوعه فيها ، وسيأتي مزيد بسط في الكلام على هذه المسألة في أول الكلام على العمرة . وأما فضله فمشهور ولا سيما في الوعيد على تركه في الآية ، وسيأتي في باب مفرد . ولكن لم يورد المصنف في الباب غير حديث الخثعمية ، وشاهد الترجمة منه خفي ، وكأنه أراد إثبات فضله من جهة تأكيد الأمر به بحيث إن العاجز عن الحركة إليه يلزمه أن يستنيب غيره ولا يعذر بترك ذلك ، وسيأتي الكلام على حديث الخثعمية والاختلاف في إسناده على الزهري في أواخر محرمات الإحرام . والمراد منه هنا تفسير الاستطاعة المذكورة في الآية ، وأنها لا تختص بالزاد والراحلة بل تتعلق بالمال والبدن ، لأنها لو اختصت للزم المعضوب أن يشد على الراحلة ولو شق عليه ، قال ابن المنذر : لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة ، والآية الكريمة عامة ليست مجملة فلا تفتقر إلى بيان ، وكأنه كلف كل مستطيع قدر بمال أو ببدن ، وسيأتي بيان الاختلاف في ذلك في الكلام على الحديث المذكور ، إن شاء الله تعالى .
( تقسيم ) : الناس قسمان ، من يجب عليه الحج ومن لا يجب ، الثاني العبد وغير المكلف وغير المستطيع . ومن لا يجب عليه إما أن يجزئه المأتي به أو لا ، الثاني العبد وغير المكلف . والمستطيع ، إما أن تصح مباشرته منه أو لا ، الثاني غير المميز . ومن لا تصح مباشرته إما أن يباشر عنه غيره أو لا ، الثاني الكافر . فتبين أنه لا يشترط لصحة الحج إلا الإسلام .