قوله : ( باب توريث دور مكة وبيعها وشراؤها ، وأن الناس في المسجد الحرام سواء خاصة لقوله تعالى : إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء الآية ) أشار بهذه الترجمة إلى تضعيف حديث علقمة بن نضلة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886347توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب ، من احتاج سكن . أخرجه ابن ماجه وفي إسناده انقطاع وإرسال ، وقال بظاهره ابن عمر ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، قال عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم ، فأخبرني أن عمر نهى أن تبوب دور مكة لأنها ينزل الحاج في عرصاتها ، فكان أول من بوب داره nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو واعتذر عن ذلك لعمر . وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد ، أنه قال : مكة مباح ، لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها . وروى عبد الرزاق من طريق إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد : عن ابن عمر : لا يحل بيع بيوت مكة ولا إجارتها . وبه قال الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وخالفه صاحبه أبو يوسف ، واختلف عن محمد ، وبالجواز قال الجمهور واختاره nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي . ويجاب عن حديث علقمة [ ص: 527 ] على تقدير صحته بحمله على ما سيجمع به ما اختلف عن عمر في ذلك . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بحديث أسامة الذي أورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الباب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فأضاف الملك إليه وإلى من ابتاعها منه ، وبقوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح : nindex.php?page=hadith&LINKID=886348من دخل دار أبي سفيان فهو آمن . فأضاف الدار إليه . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة بقوله تعالى : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم فنسب الله الديار إليهم كما نسب الأموال إليهم ، ولو كانت الديار ليست بملك لهم لما كانوا مظلومين في الإخراج من دور ليست بملك لهم ، قال : ولو كانت الدور التي باعها عقيل لا تملك لكان جعفر وعلي أولى بها إذ كانا مسلمين دونه . وسيأتي في البيوع أثر عمر أنه اشترى دارا للسجن بمكة . ولا يعارض ما جاء عن نافع ، عن ابن عمر : عن عمر أنه كان ينهى أن تغلق دور مكة في زمن الحاج . أخرجه عبد بن حميد ، وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن منصور ، عن مجاهد : إن عمر قال : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا ، لينزل البادي حيث شاء . وقد تقدم من وجه آخر عن عمر ، فيجمع بينهما بكرامة الكراء رفقا بالوفود ، ولا يلزم من ذلك منع البيع والشراء ، وإلى هذا جنح nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وآخرون . واختلف عن مالك في ذلك ، قال القاضي إسماعيل : ظاهر القرآن يدل على أن المراد به المسجد الذي يكون فيه النسك والصلاة لا سائر دور مكة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري : لم يختلف قول مالك وأصحابه في أن مكة فتحت عنوة ، واختلفوا : هل من بها على أهلها لعظم حرمتها أو أقرت للمسلمين ؟ ومن ثم جاء الاختلاف في بيع دورها والكراء ، والراجح عند من قال : إنها فتحت عنوة أن النبي صلى الله عليه وسلم من بها على أهلها فخالفت حكم غيرها من البلاد في ذلك ، ذكره السهيلي وغيره ، وليس الاختلاف في ذلك ناشئا عن هذه المسألة ، فقد اختلف أهل التأويل في المراد بقوله هنا : " المسجد الحرام " ، هل هو الحرم كله أو مكان الصلاة فقط ، واختلفوا أيضا هل المراد بقوله : " سواء " في الأمن والاحترام أو فيما هو أعم من ذلك وبواسطة ذلك نشأ الاختلاف المذكور أيضا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : لو كان المراد بقوله تعالى : سواء العاكف فيه والباد جميع الحرم ، وأن اسم المسجد الحرام واقع على جميع الحرم لما جاز حفر بئر ولا قبر ولا التغوط ولا البول ولا إلقاء الجيف والنتن . قال : ولا نعلم عالما منع من ذلك ولا كره لحائض ولا لجنب دخول الحرم ولا الجماع فيه ، ولو كان كذلك لجاز الاعتكاف في دور مكة وحوانيتها ، ولا يقول بذلك أحد ، والله أعلم . قلت : والقول بأن المراد بالمسجد الحرام الحرم كله ورد عن ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ومجاهد ، أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عنهم ، والأسانيد بذلك كلها إليهم ضعيفة ، وسنذكر في " باب فتح مكة " من المغازي الراجح من الخلاف في فتحها صلحا أو عنوة ، إن شاء الله تعالى .
قوله : ( البادي : الطارئ ) هو تفسير منه بالمعنى ، وهو مقتضى ما جاء عن ابن عباس وغيره كما رواه عبد بن حميد وغيره . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : البادي الذي يكون في البدو ، وكذا من كان ظاهر البلد فهو باد ، ومعنى الآية أن المقيم والطارئ سيان . وروىعبد الرزاق ، عن معمر عن قتادة ( سواء العاكف فيه والباد ) قال : سواء فيه أهل مكة وغيرهم .
قوله : ( معكوفا : محبوسا ) كذا وقع هنا ، وليست هذه الكلمة في الآية المذكورة ، وإنما هي في آية الفتح ، ولكن مناسبة ذكرها هنا قوله في هذه الآية : العاكف ، والتفسير المذكور قاله أبو عبيدة في المجاز ، [ ص: 528 ] والمراد بالعاكف : المقيم . وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من طريق سفيان ، عن أبي حصين قال : أردت أن أعتكف وأنا بمكة ، فسألت سعيد بن جبير ، فقال : أنت عاكف ، ثم قرأ هذه الآية .
قوله : ( عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ) في رواية مسلم ، عن حرملة وغيره عن ابن وهب : " أن علي بن الحسين أخبره أن عمرو بن عثمان أخبره " .
قوله : ( أين تنزل ، في دارك ) حذف أداة الاستفهام من قوله : " في دارك " بدليل رواية nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي ، عن يونس ، عن عبد الأعلى ، عن ابن وهب بلفظ : " أتنزل في دارك " وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14033الجوزقي من وجه آخر عن أصبغ شيخ البخاري فيه ، وللمصنف في المغازي من طريق محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري " أين تنزل غدا ؟ " فكأنه استفهمه أولا عن مكان نزوله ثم ظن أنه ينزل في داره فاستفهمه عن ذلك ، وظاهر هذه القصة أن ذلك كان حين أراد دخول مكة ، ويزيده وضوحا رواية زمعة بن صالح ، عن الزهري بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=886349لما كان يوم الفتح قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة قيل : أين تنزل ، أفي بيوتكم ، الحديث . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن محمد بن علي بن حسين قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3502755قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة : أين تنزل ؟ قال : وهل ترك لنا عقيل من طل . قال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني : ما أشك أن محمد بن علي بن الحسين أخذ هذا الحديث عن أبيه ، لكن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك حين أراد أن ينفر من منى ، فيحمل على تعدد القصة .
قوله : ( وهل ترك عقيل ) في رواية مسلم وغيره : " وهل ترك لنا " .
قوله : ( من رباع أو دور ) الرباع جمع ربع بفتح الراء وسكون الموحدة ، وهو المنزل المشتمل على أبيات ، وقيل : هو الدار ، فعلى هذا فقوله : " أو دور " إما للتأكيد أو من شك الراوي . وفي رواية محمد بن أبي حفصة : " من منزل " ، وأخرج هذا الحديث الفاكهي من طريق محمد بن أبي حفصة ، وقال في آخره : ويقال : إن الدار التي أشار إليها كانت دار هاشم بن عبد مناف ، ثم صارت لعبد المطلب ابنه ، فقسمها بين ولده حين عمر ، فمن ثم صار للنبي صلى الله عليه وسلم حق أبيه عبد الله ، وفيها ولد النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( وكان عقيل . . . إلخ ) محصل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استولى عقيل وطالب على الدار كلها باعتبار ما ورثاه من أبيهما لكونهما كانا لم يسلما ، وباعتبار ترك النبي صلى الله عليه وسلم لحقه منها بالهجرة ، وفقد طالب ببدر فباع عقيل الدار كلها . وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بأولاد عقيل إلى أن باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار >[1] وزاد في روايته من طريق محمد بن أبي حفصة : " فكان علي بن الحسين يقول من أجل ذلك : تركنا نصيبنا من الشعب " أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب . وقال الداودي وغيره : كان من هاجر من المؤمنين باع قريبه الكافر داره ، وأمضى النبي صلى الله عليه وسلم تصرفات الجاهلية تأليفا لقلوب من أسلم منهم ، وسيأتي في الجهاد مزيد بسط في هذه المسألة ، إن شاء الله تعالى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وعندي أن تلك الدار إن كانت قائمة على ملك عقيل فإنما لم ينزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها دور هجروها في الله تعالى ، فلم يرجعوا فيما تركوه . وتعقب بأن سياق الحديث يقتضي أن عقيلا باعها ، ومفهومه أنه لو تركها لنزلها .
[ ص: 529 ] قوله : ( فكان عمر ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح ، عن ابن وهب عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : " فمن أجل ذلك كان عمر يقول : " وهذا القدر الموقوف على عمر قد ثبت مرفوعا بهذا الإسناد ، وهو عند المصنف في المغازي من طريق محمد بن أبي حفصة ، ومعمر ، عن الزهري ، وأخرجه مفردا في الفرائض من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عنه ، وسيأتي الكلام عليه مستوفى هناك ، إن شاء الله تعالى . ويختلج في خاطري أن القائل : " وكان عمر . . . إلخ " هو ابن شهاب فيكون منقطعا عن عمر .
قوله : ( قال ابن شهاب : وكانوا يتأولون . . . إلخ ) أي كانوا يفسرون قوله تعالى : بعضهم أولياء بعض بولاية الميراث ، أي يتولى بعضهم بعضا في الميراث وغيره .