[ ص: 305 ] قوله : ( باب النهي عن الاستنجاء باليمين ) أي : باليد اليمنى ، وعبر بالنهي إشارة إلى أنه لم يظهر له هل هو للتحريم أو للتنزيه أو أن القرينة الصارفة للنهي عن التحريم لم تظهر له ، وهي أن ذلك أدب من الآداب ، وبكونه للتنزيه قاله الجمهور ، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للتحريم ، وفي كلام جماعة من الشافعية ما يشعر به ، لكن قال النووي : مراد من قال منهم لا يجوز الاستنجاء باليمين أي : لا يكون مباحا يستوي طرفاه ، بل هو مكروه راجح الترك ، ومع القول بالتحريم فمن فعله أساء وأجزأه . وقال أهل الظاهر وبعض الحنابلة : لا يجزئ ، ومحل هذا الاختلاف حيث كانت اليد تباشر ذلك بآلة غيرها كالماء وغيره ، أما بغير آلة فحرام غير مجزئ بلا خلاف ، واليسرى في ذلك كاليمنى والله أعلم .
قوله : ( حدثنا معاذ بن فضالة ) بفتح الفاء والضاد المعجمة ، وهو بصري من قدماء شيوخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
قوله : ( هو الدستوائي ) أي : ابن أبي عبد الله لا ابن حسان ، وهما بصريان ثقتان مشهوران من طبقة واحدة .
قوله : ( عن أبيه ) أي : nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة الحارث وقيل عمرو وقيل النعمان الأنصاري ، فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أول مشاهده أحد ومات سنة أربع وخمسين على الصحيح فيهما .
قوله : ( فلا يتنفس ) بالجزم و " لا " ناهية في الثلاثة ، وروي بالضم فيها على أن لا نافية .
قوله : ( في الإناء ) أي داخله ، وأما إذا أبانه وتنفس فهي السنة كما سيأتي في حديث أنس في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى . وهذا النهي للتأدب لإرادة المبالغة في النظافة ، إذ قد يخرج مع النفس بصاق أو مخاط أو بخار رديء فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره عن شربه .
قوله : ( وإذا أتى الخلاء ) أي : فبال كما فسرته الرواية التي بعدها .
قوله : ( ولا يتمسح بيمينه ) أي : لا يستنج . وقد أثار nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي هنا بحثا وبالغ في التبجح به وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنه ناظر رجلا من الفقهاء الخراسانيين فسأله عن هذه المسألة فأعياه جوابها ، ثم أجاب nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عنه بجواب فيه نظر ، ومحصل الإيراد أن المستجمر متى استجمر بيساره استلزم مس ذكره بيمينه ، ومتى أمسكه بيساره استلزم استجماره بيمينه وكلاهما قد شمله النهي ، ومحصل الجواب أنه يقصد الأشياء الضخمة التي لا تزول بالحركة كالجدار ونحوه من الأشياء البارزة فيستجمر بها بيساره ، فإن لم يجد فليلصق مقعدته بالأرض ويمسك ما يستجمر به بين عقبيه أو إبهامي رجليه ويستجمر بيساره فلا يكون متصرفا في شيء من ذلك بيمينه ، انتهى . وهذه هيئة منكرة بل يتعذر فعلها في غالب الأوقات ، وقد تعقبه الطيبي بأن النهي عن الاستجمار باليمين مختص بالدبر ، والنهي عن المس مختص بالذكر فبطل الإيراد من أصله ، كذا قال . وما ادعاه من تخصيص الاستنجاء بالدبر مردود ، والمس وإن كان مختصا بالذكر لكن يلحق به الدبر قياسا ، والتنصيص على الذكر لا مفهوم له بل فرج المرأة كذلك ، وإنما خص الذكر بالذكر لكون الرجال في الغالب هم المخاطبون والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما خص . والصواب في الصورة التي أوردها nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ما قاله إمام الحرمين ومن بعده كالغزالي في الوسيط والبغوي في التهذيب أنه يمر العضو بيساره على شيء يمسكه بيمينه وهي [ ص: 306 ] قارة غير متحركة فلا يعد مستجمرا باليمين ولا ماسا بها ، ومن ادعى أنه في هذه الحالة يكون مستجمرا بيمينه فقد غلط ، وإنما هو كمن صب بيمينه الماء على يساره حال الاستنجاء .