قوله : ( باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال ) أشار بهذه الترجمة إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين كما في الباب قبله محمول على المقيد بحالة البول فيكون ما عداه مباحا . وقال بعض العلماء : يكون ممنوعا أيضا من باب الأولى لأنه نهي عن ذلك مع مظنة الحاجة في تلك الحالة . وتعقبه أبو محمد بن أبي جمرة بأن مظنة الحاجة لا تختص بحالة الاستنجاء ، وإنما خص النهي بحالة البول من جهة أن مجاور الشيء يعطى حكمه ، فلما منع الاستنجاء باليمين منع مس آلته حسما للمادة .
ثم استدل على الإباحة بقوله - صلى الله عليه وسلم - لطلق بن علي حين سأله عن مس ذكره : " nindex.php?page=hadith&LINKID=883647إنما هو بضعة منك " فدل على الجواز في كل حال ، فخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح وبقي ما عداها على الإباحة ، انتهى . والحديث الذي أشار إليه صحيح أو حسن ، وقد يقال حمل المطلق على المقيد غير متفق عليه بين العلماء ، ومن قال به يشترط فيه شروطا ، لكن نبه ابن دقيق العيد على أن محل الاختلاف إنما هو حيث تتغاير مخارج الحديث بحيث يعد حديثين مختلفين ، فأما إذا اتحد المخرج وكان الاختلاف فيه من بعض الرواة فينبغي حمل المطلق على المقيد بلا خلاف ; لأن التقييد حينئذ يكون زيادة من عدل فتقبل .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف ) هو الفريابي ، وقد صرح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في روايته بسماع يحيى له من عبد الله بن أبي قتادة ، وصرح ابن المنذر في الأوسط بالتحديث في جميع الإسناد ، أورده من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي فحصل الأمن من محذور التدليس .
قوله : ( فلا يأخذن ) كذا لأبي ذر بنون التأكيد ولغيره بدونها ، وهو مطابق لقوله في الترجمة " لا يمسك " وكذا في مسلم التعبير بالمسك من رواية همام عن يحيى ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " لا يمس " فاعترض على ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأن المس أعم من المسك ، يعني فكيف يستدل بالأعم على الأخص ؟ ولا إيراد على nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من هذه الحيثية لما بيناه . واستنبط منه بعضهم منع الاستنجاء باليد التي فيها الخاتم المنقوش فيه اسم الله تعالى لكون النهي عن ذلك لتشريف اليمين فيكون ذلك من باب الأولى ، وما وقع في العتبية عن مالك من عدم الكراهة قد أنكره حذاق أصحابه ، وقيل : الحكمة في النهي لكون اليمين معدة للأكل بها فلو تعاطى ذلك بها لأمكن أن يتذكره عند الأكل فيتأذى بذلك . والله أعلم .
قوله : ( ولا يتنفس في الإناء ) جملة خبرية مستقلة إن كانت لا نافية ، وإن كانت ناهية فمعطوفة ، [ ص: 307 ] لكن لا يلزم من كون المعطوف عليه مقيدا بقيد أن يكون المعطوف مقيدا به ; لأن التنفس لا يتعلق بحالة البول وإنما هو حكم مستقل ، ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكرها هنا أن الغالب من أخلاق المؤمنين التأسي بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد كان إذا بال توضأ ، وثبت أنه شرب فضل وضوئه ، فالمؤمن بصدد أن يفعل ذلك ، فعلمه أدب الشرب مطلقا لاستحضاره ، والتنفس في الإناء مختص بحالة الشرب كما دل عليه سياق الرواية التي قبله . وللحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " nindex.php?page=hadith&LINKID=883648لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه " والله أعلم .