قوله : ( باب الاستنجاء : بالحجارة ) أراد بهذه الترجمة الرد على من زعم أن الاستنجاء مختص بالماء . والدلالة على ذلك من قوله " أستنفض " فإن معناه أستنجي كما سيأتي .
قوله : ( حدثنا أحمد بن محمد المكي ) هو أبو الوليد الأزرقي جد أبي الوليد محمد بن عبد الله صاحب تاريخ مكة ، وفي طبقته أحمد بن محمد المكي أيضا لكن كنيته أبو محمد واسم جده عون ويعرف بالقواس ، وقد وهم من زعم أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري روى عنه ، وإنما روى عن أبي الوليد ، ووهم أيضا من جعلهما واحدا .
قوله : ( عن جده ) يعني nindex.php?page=showalam&ids=15997سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن أمية القرشي الأموي ، nindex.php?page=showalam&ids=16695وعمرو بن سعيد هو المعروف بالأشدق الذي ولي إمرة المدينة وكان يجهز البعوث إلى مكة كما تقدم في حديث أبي شريح الخزاعي ، وكان عمرو هذا قد تغلب على دمشق في زمن nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، فقتله عبد الملك وسير أولاده إلى المدينة ، وسكن ولده مكة لما ظهرت دولة بني العباس فاستمروا بها ، ففي الإسناد مكيان ومدنيان .
قوله : ( اتبعت ) بتشديد التاء المثناة ، أي : سرت وراءه ، والواو في قوله " وخرج " حالية وفي قوله " وكان " استئنافية ، وفي رواية أبي ذر فكان بالفاء .
قوله : ( فدنوت منه ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " أستأنس وأتنحنح ، فقال : من هذا ؟ فقلت : nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة " .
قوله : ( ابغني ) بالوصل من الثلاثي أي : اطلب لي ، يقال : بغيتك الشيء أي : طلبته لك . وفي رواية بالقطع أي : أعني على الطلب ، يقال أبغيتك الشيء أي أعنتك على طلبه ، والوصل أليق بالسياق ، ويؤيده رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ائتني .
قوله : ( أستنفض ) بفاء مكسورة وضاد معجمة ، مجزوم لأنه جواب الأمر ، ويجوز الرفع على الاستئناف ، قال القزاز : قوله أستنفض أستفعل من النفض وهو أن تهز الشيء ليطير غباره ، قال : وهذا موضع أستنظف ، أي : بتقديم الظاء المشالة على الفاء ، ولكن كذا روي ، انتهى . والذي وقع في الرواية صواب [ ص: 308 ] ففي القاموس استنفضه استخرجه ، وبالحجر استنجى ، وهو مأخوذ من كلام المطرزي قال : الاستنفاض الاستخراج ، ويكنى به عن الاستنجاء ، ومن رواه بالقاف والصاد المهملة فقد صحف ، انتهى . ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي " أستنجي " بدل أستنفض وكأنها المراد بقوله في روايتنا أو نحوه ، ويكون التردد من بعض رواته .
قوله : ( ولا تأتني ) كأنه - صلى الله عليه وسلم - خشي أن يفهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة من قوله " أستنجي " أن كل ما يزيل الأثر وينقي كاف ولا اختصاص لذلك بالأحجار ، فنبهه باقتصاره في النهي على العظم والروث على أن ما سواهما يجزئ ، ولو كان ذلك مختصا بالأحجار - كما يقوله بعض الحنابلة والظاهرية - لم يكن لتخصيص هذين بالنهي معنى ، وإنما خص الأحجار بالذكر لكثرة وجودها ، وزاد المصنف في المبعث في هذا الحديث أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال له - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ " nindex.php?page=hadith&LINKID=883649ما بال العظم والروث ؟ قال : هما من طعام الجن " والظاهر من هذا التعليل اختصاص المنع بهما . نعم يلتحق بهما جميع المطعومات التي للآدميين قياسا من باب الأولى ، وكذا المحترمات كأوراق كتب العلم .
ومن قال علة النهي عن الروث كونه نجسا ألحق به كل نجس متنجس ، وعن العظم كونه لزجا فلا يزيل إزالة تامة ألحق به ما في معناه كالزجاج الأملس ، ويؤيده ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وصححه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجى بروث أو بعظم وقال إنهما لا يطهران وفي هذا رد على من زعم أن الاستنجاء بهما يجزئ وإن كان منهيا عنه ، وسيأتي في كتاب المبعث بيان قصة وفد الجن وأي وقت كانت إن شاء الله تعالى .
قوله : ( وأعرضت ) كذا في أكثر الروايات ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني " واعترضت " بزيادة مثناة بعد العين والمعنى متقارب .
قوله : ( فلما قضى ) أي : حاجته ( أتبعه ) بهمزة قطع أي ألحقه ، وكني بذلك عن الاستنجاء . وفي الحديث جواز اتباع السادات وإن لم يأمروا بذلك ، واستخدام الإمام بعض رعيته ، والإعراض عن قاضي الحاجة ، والإعانة على إحضار ما يستنجى به وإعداده عنده لئلا يحتاج إلى طلبها بعد الفراغ فلا يأمن التلوث . والله تعالى أعلم .