قوله : ( عطاء بن يزيد ) هو الليثي المدني . والإسناد كله مدنيون ، وفيه ثلاثة من التابعين : حمران وهو بضم المهملة ابن أبان ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب . وفي الإسناد الذي يليه أربعة من التابعين : حمران وعروة وهما قرينان ، nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب nindex.php?page=showalam&ids=16214وصالح بن كيسان وهما قرينان أيضا .
قوله : ( دعا بإناء ) وفي رواية شعيب الآتية قريبا " دعا بوضوء " ، وكذا لمسلم من طريق يونس ، وهو بفتح الواو اسم للماء المعد للوضوء وبالضم الذي هو الفعل ، وفيه الاستعانة على إحضار ما يتوضأ به .
قوله : ( فأفرغ ) أي : صب .
قوله : ( على كفيه ثلاث مرار ) كذا لأبي ذر nindex.php?page=showalam&ids=11925وأبي الوقت ، وللأصيلي وكريمة مرات بمثناة آخره ، وفيه غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ولو لم يكن عقب نوم احتياطا .
قوله : ( ثم أدخل يمينه ) فيه الاغتراف باليمين . واستدل به بعضهم على عدم اشتراط نية الاغتراف ، ولا دلالة فيه نفيا ولا إثباتا .
قوله : ( فمضمض واستنثر ) nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني " واستنشق " بدل واستنثر ، والأول أعم ، وثبتت الثلاثة في رواية شعيب الآتية في باب المضمضة ، ولم أر في شيء من طرق هذا الحديث تقييد ذلك بعدد . نعم ذكره ابن المنذر من طريق يونس عن الزهري وكذا ذكره أبو داود من وجهين آخرين عن عثمان واتفقت الروايات على تقديم المضمضة .
قوله : ( ثم غسل وجهه ) فيه تأخيره عن المضمضة والاستنشاق ، وقد ذكروا أن حكمة ذلك اعتبار أوصاف الماء ; لأن اللون يدرك بالبصر والطعم يدرك بالفم والريح يدرك بالأنف فقدمت المضمضة والاستنشاق وهما مسنونان قبل الوجه وهو مفروض ، احتياطا للعبادة . وسيأتي ذكر حكمة الاستنثار في الباب الذي يليه .
قوله : ( ويديه إلى المرفقين ) أي : كل واحدة كما بينه المصنف في رواية معمر عن الزهري في الصوم ، وكذا لمسلم من طريق يونس وفيها تقديم اليمنى على اليسرى والتعبير في كل منهما بثم وكذا القول في الرجلين أيضا
قوله : ( ثم مسح برأسه ) هو بحذف الباء في الروايتين المذكورتين ، وليس في شيء من طرقه في الصحيحين ذكر عدد المسح ، وبه قال أكثر العلماء . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يستحب التثليث في المسح كما في الغسل ، واستدل له بظاهر رواية لمسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=883652أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا ، وأجيب بأنه مجمل تبين في الروايات الصحيحة أن المسح لم يتكرر فيحمل على الغالب أو يختص بالمغسول ، قال أبو داود في السنن : أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة ; وكذا قال ابن المنذر : إن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح مرة واحدة ، وبأن المسح مبني على التخفيف فلا يقاس على الغسل المراد منه المبالغة في الإسباغ ، [ ص: 313 ] وبأن العدد لو اعتبر في المسح لصار في صورة الغسل ، إذ حقيقة الغسل جريان الماء ، والدلك ليس بمشترط على الصحيح عند أكثر العلماء . وبالغ أبو عبيدة فقال : لا نعلم أحدا من السلف استحب تثليث مسح الرأس إلا إبراهيم التيمي ، وفيما قال نظر ، فقد نقله ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أنس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وغيرهما ، وقد روى أبو داود من وجهين صحح أحدهما nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان تثليث مسح الرأس ، والزيادة من الثقة مقبولة >[1] .
قوله : ( نحو وضوئي هذا ) قال النووي : إنما لم يقل " مثل " لأن حقيقة مماثلته لا يقدر عليها غيره . قلت : لكن ثبت التعبير بها في رواية المصنف في الرقاق من طريق معاذ بن عبد الرحمن عن حمران عن عثمان ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=883653من توضأ مثل هذا الوضوء وله في الصيام من رواية معمر nindex.php?page=hadith&LINKID=883654من توضأ وضوئي هذا ، ولمسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن حمران nindex.php?page=hadith&LINKID=883655توضأ مثل وضوئي هذا وعلى هذا فالتعبير بنحو من تصرف الرواة لأنها تطلق على المثلية مجازا ، لأن " مثل " وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرا لكنها تطلق على الغالب ، فبهذا تلتئم الروايتان ويكون المتروك بحيث لا يخل بالمقصود . والله تعالى أعلم .
قوله : ( لا يحدث فيهما نفسه ) المراد به ما تسترسل النفس معه ويمكن المرء قطعه ; لأن قوله " يحدث " يقتضي تكسبا منه ، فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس ويتعذر دفعه فذلك معفو عنه . ونقل القاضي عياض عن بعضهم أن المراد من لم يحصل له حديث النفس أصلا ورأسا ، ويشهد له ما أخرجه ابن المبارك في الزهد بلفظ " لم يسر فيهما " . ورده النووي فقال : الصواب حصول هذه الفضيلة مع طريان الخواطر العارضة غير المستقرة . نعم من اتفق أن يحصل له عدم حديث النفس أصلا أعلى درجة بلا ريب . ثم إن تلك الخواطر منها ما يتعلق بالدنيا والمراد دفعه مطلقا ، ووقع في رواية للحكيم الترمذي في هذا الحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=883656لا يحدث نفسه بشيء من الدنيا . وهي في الزهد nindex.php?page=showalam&ids=16418لابن المبارك أيضا والمصنف nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة ، ومنها ما يتعلق بالآخرة فإن كان أجنبيا أشبه أحوال الدنيا ، وإن كان من متعلقات تلك الصلاة فلا ، وسيأتي بقية مباحث ذلك في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى .
قوله : ( من ذنبه ) ظاهره يعم الكبائر والصغائر ; لكن العلماء خصوه بالصغائر لوروده مقيدا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية ، وهو في حق من له كبائر وصغائر ، فمن ليس له إلا صغائر كفرت عنه ، ومن ليس له إلا كبائر خفف عنه منها بمقدار ما لصاحب الصغائر ، ومن ليس له صغائر ولا كبائر يزداد في حسناته بنظير ذلك .
وفي الحديث التعليم بالفعل لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم ، والترتيب في أعضاء الوضوء للإتيان في جميعها بثم ، والترغيب في الإخلاص ، وتحذير من لها في صلاته بالتفكير في أمور الدنيا من عدم القبول ، ولا سيما إن كان في العزم على عمل معصية فإنه يحضر المرء في حال صلاته ما هو مشغوف به أكثر من خارجها . ووقع في رواية المصنف في الرقاق في آخر هذا الحديث : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 314 ] لا تغتروا أي : فتستكثروا من الأعمال السيئة بناء على أن الصلاة تكفرها ، فإن الصلاة التي تكفر بها الخطايا هي التي يقبلها الله ، وأنى للعبد بالاطلاع على ذلك .
قوله : ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=12350إبراهيم ) أي : ابن سعد ، وهو معطوف على قوله " حدثني إبراهيم بن سعد " وزعم مغلطاي وغيره أنه معلق ، وليس كذلك ، فقد أخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه بالإسنادين معا ، وإذا كانا جميعا عند يعقوب فلا مانع أن يكونا عند الأويسي . ثم وجدت الحديث الثاني عند أبي عوانة في صحيحه - من حديث الأويسي المذكور - فصح ما قلته بحمد الله تعالى ، وقد أوضحت ذلك في تعليق التعليق .
قوله : ( ولكن عروة يحدث ) يعني أن شيخي ابن شهاب اختلفا في روايتهما له عن حمران عن عثمان ، فحدثه به عطاء على صفة وعروة على صفة ، وليس ذلك اختلافا وإنما هما حديثان متغايران ، وقد رواهما معاذ بن عبد الرحمن فأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريقه نحو سياق عطاء ، ومسلم من طريقه نحو سياق عروة ، وأخرجه أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه .
قوله : ( لولا آية ) زاد مسلم " في كتاب الله " ولأجل هذه الزيادة صحف بعض رواته آية فجعلها " أنه " بالنون المشددة وبهاء الشأن .
قوله : ( ويصلي الصلاة ) أي : المكتوبة ، وفي رواية لمسلم " فيصلي هذه الصلوات الخمس " .
قوله : ( وبين الصلاة ) أي التي تليها كما صرح به مسلم في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة .
قوله : ( حتى يصليها ) أي : يشرع في الصلاة الثانية .
قوله : ( قال عروة : الآية إن الذين يكتمون ما أنزلنا ) يعني الآية التي في البقرة إلى قوله : اللاعنون كما صرح به مسلم ، ومراد عثمان رضي الله عنه أن هذه الآية تحرض على التبليغ ، وهي وإن نزلت في أهل الكتاب لكن العبرة بعموم اللفظ ، وقد تقدم نحو ذلك nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة في كتاب العلم ، وإنما كان عثمان يرى ترك تبليغهم ذلك لولا الآية المذكورة خشية عليهم من الاغترار والله أعلم .
وقد روى مالك هذا الحديث في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، ولم يقع في روايته تعيين الآية فقال من قبل نفسه : أراه يريد وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ، انتهى . وما ذكره عروة راوي الحديث بالجزم أولى . والله أعلم .