[ ص: 322 ] قوله : ( باب غسل الرجلين في النعلين ) ليس في الحديث الذي ذكره تصريح بذلك وإنما هو مأخوذ من قوله : " يتوضأ فيها " لأن الأصل في الوضوء هو الغسل ، ولأن قوله " فيها " يدل على الغسل ، ولو أريد المسح لقال عليها .
قوله : ( ولا يمسح على النعلين ) أي : لا يكتفى بالمسح عليهما كما في الخفين ، وأشار بذلك إلى ما روي عن علي وغيره من الصحابة أنهما مسحوا على نعالهم في الوضوء ثم صلوا ، وروي في ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره من حديث المغيرة بن شعبة لكن ضعفه عبد الرحمن بن مهدي وغيره من الأئمة ، واستدل nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي على عدم الإجزاء بالإجماع على أن الخفين إذا تخرقا حتى تبدو القدمان أن المسح لا يجزئ عليهما ، قال : فكذلك النعلان لأنهما لا يفيدان القدمين ، انتهى . وهو استدلال صحيح ; لكنه منازع في نقل الإجماع المذكور ، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ، ولكن نشير إلى ملخص منها : فقد تمسك من اكتفى بالمسح بقوله تعالى وأرجلكم عطفا على وامسحوا برءوسكم فذهب إلى ظاهرها جماعة من الصحابة والتابعين ، فحكي عن ابن عباس في رواية ضعيفة والثابت عنه خلافه ، وعن عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وقتادة ، وهو قول الشيعة . وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري الواجب الغسل أو المسح ، وعن بعض أهل الظاهر يجب الجمع بينهما ، وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة المذكورة وغيرها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه بيان للمراد ، وأجابوا عن الآية بأجوبة منها أنه قرئ وأرجلكم بالنصب عطفا على أيديكم ، وقيل معطوف على محل برءوسكم كقوله : يا جبال أوبي معه والطير بالنصب . وقيل المسح في الآية محمول لمشروعية المسح على الخفين فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين وقراءة النصب على غسل الرجلين ، وقرر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي تقريرا حسنا فقال ما ملخصه : بين القراءتين تعارض ظاهر ، والحكم فيما ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بهما وجب ، وإلا عمل بالقدر الممكن ، ولا يتأتى الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة لأنه يؤدي إلى تكرار المسح لأن الغسل يتضمن المسح ، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار [ ص: 323 ] فبقي أن يعمل بهما في حالين توفيقا بين القراءتين وعملا بالقدر الممكن .
وقيل : إنما عطفت على الرءوس الممسوحة لأنها مظنة لكثرة صب الماء عليها فلمنع الإسراف عطفت ، وليس المراد أنها تمسح حقيقة . ويدل على هذا المراد قوله : إلى الكعبين لأن المسح رخصة فلا يقيد بالغاية ; ولأن المسح يطلق على الغسل الخفيف ، يقال : مسح أطرافه . لمن توضأ ، ذكره أبو زيد اللغوي وابن قتيبة وغيرهما .
قوله : ( عبيد بن جريج ) هو مدني مولى بني تميم ، وليس بينه وبين nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج الفقيه المكي مولى بني أمية نسب ، وقد تقدم في المقدمة أن الفقيه هو nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج فقد يظن أن هذا عمه وليس كذلك ، وهذا الإسناد كله مدنيون ، وفيه رواية الأقران لأن عبيدا وسعيدا تابعيان من طبقة واحدة .
قوله : ( أربعا ) أي أربع خصال .
قوله : ( لم أر أحدا من أصحابك ) أي : أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمراد بعضهم ، والظاهر من السياق انفراد ابن عمر بما ذكر دون غيره ممن رآهم عبيد . وقال المازري : يحتمل أن يكون مراده لا يصنعهن غيرك مجتمعة وإن كان يصنع بعضها .
قوله : ( الأركان ) أي أركان الكعبة الأربعة ، وظاهره أن غير ابن عمر من الصحابة الذين رآهم عبيد كانوا يستلمون الأركان كلها ، وقد صح ذلك عن معاوية وابن الزبير ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة في الحج إن شاء الله تعالى .
قوله : ( السبتية ) بكسر المهملة هي التي لا شعر فيها ، مشتقة من السبت وهو الحلق قاله في التهذيب ، وقيل : السبت جلد البقر المدبوغ بالقرظ ، وقيل بالسبت بضم أوله وهو نبت يدبغ به قاله صاحب المنتهى ، وقال الهروي : قيل لها سبتية لأنها انسبتت بالدباغ أي : لانت به ، يقال رطبة منسبتة أي : لينة .
قوله : ( تصبغ ) بضم الموحدة وحكي فتحها وكسرها ، وهل المراد صبغ الثوب أو الشعر ؟ يأتي الكلام على ذلك حيث ذكره المصنف في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .
قوله : ( أهل الناس ) أي : رفعوا أصواتهم بالتلبية من أول ذي الحجة .
قوله : ( ولم تهل أنت حتى كان ) ولمسلم حتى يكون ( يوم التروية ) أي : الثامن من ذي الحجة ، ومراده فتهل أنت حينئذ . وتبين من جواب ابن عمر أنه كان لا يهل حتى يركب قاصدا إلى منى ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة أيضا في الحج إن شاء الله تعالى .
قوله : ( قال عبد الله ) أي : ابن عمر مجيبا لعبيد . وللمصنف في اللباس " فقال له عبد الله بن عمر " .
قوله : ( اليمانيين ) تثنية يمان والمراد بهما الركن الأسود والذي يسامته من مقابلة الصفا ، وقيل للأسود يمان تغليبا .
قوله : ( فإني أحب أن أصبغ ) nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني والباقين " فأنا أحب " كالتي قبلها ، وسيأتي باقي الكلام على هذا الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .