قوله : ( أرأيت . . . إلخ ) فيه مشروعية القياس وضرب المثل ليكون أوضح وأوقع في نفس السامع ، وأقرب إلى سرعة فهمه ، وفيه تشبيه ما اختلف فيه وأشكل بما اتفق عليه . وفيه أنه يستحب للمفتي التنبيه على وجه الدليل إذا ترتبت على ذلك مصلحة وهو أطيب لنفس المستفتي وأدعى لإذعانه . وفيه أن وفاء الدين المالي عن الميت كان معلوما عندهم مقررا ، ولهذا حسن الإلحاق به . وفيه إجزاء الحج عن الميت ، وفيه اختلاف : فروى nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور وغيره عن ابن عمر بإسناد صحيح لا يحج أحد عن أحد ، ونحوه عن [ ص: 79 ] مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، وعن مالك أيضا إن أوصى بذلك فليحج عنه وإلا فلا ، وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي يليه .
قوله : ( أكنت قاضيته ) كذا للأكثر بضمير يعود على الدين ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني " قاضية " بوزن " فاعلة " على حذف المفعول . وفيه أن من مات وعليه حج وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من رأس ماله ، كما أن عليه قضاء ديونه ، فقد أجمعوا على أن دين الآدمي من رأس المال فكذلك ما شبه به في القضاء ، ويلتحق بالحج كل حق ثبت في ذمته من كفارة أو نذر أو زكاة أو غير ذلك ، وفي قوله : " فالله أحق بالوفاء " دليل على أنه مقدم على دين الآدمي ، وهو أحد أقوال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقيل : بالعكس ، وقيل : هما سواء . قال الطيبي : في الحديث إشعار بأن المسئول عنه خلف مالا ، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حق الله مقدم على حق العباد وأوجب عليه الحج عنه والجامع علة المالية . قلت : ولم يتحتم في الجواب المذكور أن يكون خلف مالا كما زعم ؛ لأن قوله : " أكنت قاضيته " أعم من أن يكون المراد مما خلفه أو تبرعا .