[ ص: 123 ] [ ص: 124 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم . كتاب الصوم ) كذا للأكثر ، وفي رواية النسفي " كتاب الصيام " وثبتت البسملة للجميع ، والصوم والصيام في اللغة : الإمساك ، وفي الشرع : إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة . وقال صاحب " المحكم " : الصوم ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام ، يقال : صام صوما وصياما ، ورجل صائم وصوم . وقال الراغب : الصوم في الأصل الإمساك عن الفعل ، ولذلك قيل : للفرس الممسك عن السير صائم ، وفي الشرع : إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب .
قوله : ( باب وجوب صوم رمضان ) كذا للأكثر ، وللنسفي " باب وجوب رمضان وفضله " وقد ذكر أبو الخير الطالقاني في كتابه " حظائر القدس " لرمضان ستين اسما ، وذكر بعض الصوفية أن آدم - عليه السلام - لما أكل من الشجرة ثم تاب تأخر قبول توبته مما بقي في جسده من تلك الأكلة ثلاثين يوما ، فلما صفا جسده منها تيب عليه ففرض على ذريته صيام ثلاثين يوما ، وهذا يحتاج إلى ثبوت السند فيه إلى من يقبل قوله في ذلك ، وهيهات وجدان ذلك .
قوله : ( وقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام الآية ) أشار بذلك إلى مبدأ فرض الصيام ، وكأنه لم يثبت عنده على شرطه فيه شيء ، فأورد ما يشير إلى المراد ، فإنه ذكر فيه ثلاثة أحاديث : حديث طلحة الدال على أنه لا فرض إلا رمضان ، وحديث ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة المتضمن الأمر بصيام عاشوراء ، وكأن المصنف أشار إلى أن الأمر في روايتهما محمول على الندب بدليل حصر الفرض في رمضان ، وهو ظاهر الآية ؛ لأنه تعالى قال : كتب عليكم الصيام ثم بينه فقال : شهر رمضان وقد اختلف السلف هل فرض على الناس صيام قبل رمضان أو لا؟
فالجمهور - وهو المشهور عند الشافعية - أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان ، وفي وجه ، وهو قول الحنفية : أول ما فرض صيام عاشوراء ، فلما نزل رمضان نسخ . فمن أدلة الشافعية حديث معاوية مرفوعا : " لم يكتب الله عليكم صيامه " وسيأتي في أواخر الصيام . ومن أدلة الحنفية ظاهر حديثي ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة المذكورين في هذا الباب بلفظ الأمر ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ الآتي وهو أيضا عند مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=886848من أصبح صائما فليتم صومه . قالت : فلم نزل نصومه ونصوم صبياننا وهم صغار الحديث . وحديث مسلمة مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=886849من أكل فليصم بقية يومه ، ومن لم يكن أكل فليصم الحديث . وبنوا على هذا الخلاف هل يشترط في صحة الصوم الواجب نية من الليل أو لا؟ وسيأتي البحث فيه بعد عشرين بابا . وقد تقدم الكلام على حديث طلحة في كتاب الإيمان ، وقوله : فيه " عن أبيه " هو مالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس الإمام ، وقوله : " عن طلحة " قال الدمياطي : في سماعه من طلحة نظر ، وتعقب بأنه ثبت سماعه من عمر فكيف يكون في سماعه من طلحة نظر؟ وقد تقدم في كتاب الإيمان في هذا الحديث ما يدل على أنه سمع منهما جميعا ، وسيأتي الكلام على حديثي ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة في أواخر الصيام ، إن شاء الله تعالى .