قوله : ( باب قول الله - عز وجل - : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ما كتب الله لكم ) كذا في رواية أبي ذر ، وساق غيره الآية كلها ، والمراد بهذه الترجمة بيان ما كان الحال عليه قبل نزول هذه الآية . ولما كانت هذه الآية منزلة على أسباب تتعلق بالصيام عجل بها المصنف . وقد تعرض لها في التفسير أيضا كما سيأتي . ويؤخذ من حاصل ما استقر عليه الحال من سبب نزولها ابتداء مشروعية السحور وهو المقصود في هذا المكان ؛ لأنه جعل هذه الترجمة مقدمة لأبواب السحور .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ) هو السبيعي ، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق المذكور ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق يوسف بن موسى وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه عن إسرائيل nindex.php?page=showalam&ids=15932وزهير هو ابن معاوية كلاهما عن أبي إسحاق عن البراء زاد فيه ذكر زهير وساقه على لفظ إسرائيل ، وقد رواه الدارمي وعبد بن حميد في " مسنديهما " عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى فلم يذكرا زهيرا ، وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من وجه آخر عن زهير به .
[ ص: 155 ] قوله : ( كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ) أي : في أول افتراض الصيام ، وبين ذلك ابن جرير في روايته من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا .
قوله : ( وإن قيس بن صرمة ) بكسر الصاد المهملة وسكون الراء هكذا سمي في هذه الرواية ، ولم يختلف على إسرائيل فيه إلا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=11798أبي أحمد الزبيري عنه فإنه قال : " صرمة بن قيس " أخرجه أبو داود ، ولأبي نعيم في " المعرفة " من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثله .
قال : وكذا رواه أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس ، ووقع عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق زهير عن أبي إسحاق أنه " أبو قيس بن عمرو " وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي المذكور : " حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له : أبو قيس بن صرمة " ولابن جرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان بفتح المهملة وبالموحدة الثقيلة مرسلا " صرمة بن أبي أنس " ولغير ابن جرير من هذا الوجه " صرمة بن قيس " كما قال أبو أحمد الزبيري ، وللذهلي في " الزهريات " من مرسل nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد : صرمة بن أنس ، ولابن جرير من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى " صرمة بن مالك " والجمع بين هذه الروايات أنه أبو قيس صرمة بن أبي أنس قيس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، كذا نسبه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وغيره ، فمن قال قيس بن صرمة قلبه كما جزم الداودي والسهيلي وغيرهما بأنه وقع مقلوبا في رواية حديث الباب ، ومن قال صرمة بن مالك نسبه إلى جده ، ومن قال صرمة بن أنس حذف أداة الكنية من أبيه ، ومن قال أبو قيس بن عمرو أصاب كنيته وأخطأ في اسم أبيه ، وكذا من قال أبو قيس بن صرمة ، وكأنه أراد أن يقول أبو قيس صرمة فزاد فيه " ابن " ، وقد صحفه بعضهم فرويناه في " جزء إبراهيم بن أبي ثابت " من طريق عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : " كان المسلمون إذا صلوا العشاء حرم عليهم الطعام والشراب والنساء ، وأن ضمرة بن أنس الأنصاري غلبته [ ص: 156 ] عينه " الحديث .
وقد استدرك nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في الصحابة ضمرة بن أنس في حرف الضاد المعجمة على من تقدمه ، وهو تصحيف وتحريف ولم يتنبه له ، والصواب صرمة بن أبي أنس كما تقدم ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب . وصرمة بن أبي أنس مشهور في الصحابة يكنى أبا قيس . قال ابن إسحاق فيما أخرجه السراج في تاريخه من طريقه بإسناده إلى عويم بن ساعدة قال : قال صرمة بن أبي أنس وهو يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - :
ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلقى صديقا مؤاتيا
الأبيات .
قال ابن إسحاق : وصرمة هذا هو الذي نزل فيه : كلوا واشربوا الآية . قال : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال : كان أبو قيس ممن فارق الأوثان في الجاهلية ، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة أسلم وهو شيخ كبير ، وهو القائل :
يقول أبو قيس وأصبح غاديا : ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا
الأبيات .
قوله : ( فقال لها : أعندك ) بكسر الكاف ( طعام؟ قالت : لا ، ولكن أنطلق أطلب لك ) ظاهره أنه لم يجئ معه بشيء ، لكن في مرسل nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أنه أتاها بتمر فقال : استبدلي به طحينا واجعليه سخينا ، فإن التمر أحرق جوفي . وفيه : لعلي آكله سخنا ، وأنها استبدلته له وصنعته . وفي مرسل nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى : فقال لأهله أطعموني . فقالت : حتى أجعل لك شيئا سخينا . ووصله أبو داود من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى فقال : " حدثنا أصحاب محمد " فذكره مختصرا .
قوله : ( وكان يومه ) بالنصب ( يعمل ) أي : في أرضه ، وصرح بها أبو داود في روايته . وفي مرسل nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " كان يعمل في حيطان المدينة بالأجرة " ، فعلى هذا فقوله : " في أرضه " إضافة اختصاص .
قوله : ( فغلبته عيناه ) أي : نام ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني " عينه " بالإفراد .
قوله : ( فقالت : خيبة لك ) بالنصب ، وهو مفعول مطلق محذوف العامل ، وقيل : إذا كان بغير لام يجب نصبه وإلا جاز . والخيبة الحرمان ، يقال : خاب يخيب إذا لم ينل ما طلب .
قوله : ( فلما انتصف النهار غشي عليه ) في رواية أحمد : " فأصبح صائما ، فلما انتصف النهار " وفي رواية أبي داود : " فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه " فيحمل الأول على أن الغشي وقع في آخر النصف الأول من النهار ، وفي رواية زهير عن أبي إسحاق : " فلم يطعم شيئا وبات حتى أصبح صائما حتى انتصف النهار ، فغشي عليه " وفي مرسل nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " فأيقظته ، فكره أن يعصي الله وأبى أن يأكل " وفي مرسل محمد بن يحيى : " فقالت له : كل . فقال : إني قد نمت . فقالت : لم تنم . فأبى ، فأصبح جائعا مجهودا " .
قوله : ( فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ) زاد في رواية زكريا عند nindex.php?page=showalam&ids=11868أبي الشيخ : " وأتى عمر امرأته وقد نامت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم " .
قوله : ( فنزلت هذه الآية أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت : وكلوا واشربوا كذا في هذه الرواية ، وشرح الكرماني على ظاهرها فقال : لما صار الرفث وهو الجماع هنا حلالا بعد أن كان حراما كان الأكل والشرب بطريق الأولى ، فلذلك فرحوا بنزولها وفهموا [ ص: 157 ] منها الرخصة ، هذا وجه مطابقة ذلك لقصة أبي قيس ، قال : ثم لما كان حلهما بطريق المفهوم نزل بعد ذلك : وكلوا واشربوا ليعلم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم صريحا ، ثم قال : أو المراد من الآية هي بتمامها .
قلت : وهذا هو المعتمد ، وبه جزم السهيلي وقال : إن الآية بتمامها نزلت في الأمرين معا ، وقدم ما يتعلق بعمر لفضله . قلت : وقد وقع في رواية أبي داود فنزلت : أحل لكم ليلة الصيام إلى قوله : من الفجر فهذا يبين أن محل قوله : " ففرحوا بها " بعد قوله : الخيط الأسود ووقع ذلك صريحا في رواية زكريا بن أبي زائدة ولفظه : " فنزلت أحل لكم إلى قوله من الفجر ) ففرح المسلمون بذلك " وسيأتي بيان قصة عمر في تفسير سورة البقرة مع بقية تفسير الآية المذكورة ، إن شاء الله تعالى .