قوله : ( باب بركة السحور من غير إيجاب ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا ولم يذكر السحور ) بضم " يذكر " على البناء للمجهول ، nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني والنسفي "لم يذكر سحور " قال الزين بن المنير : الاستدلال على الحكم إنما يفتقر إليه إذا ثبت الاختلاف أو كان متوقعا ، والسحور إنما هو أكل للشهوة وحفظ القوة ، لكن لما جاء الأمر به احتاج أن يبين أنه ليس على ظاهره من الإيجاب ، وكذا النهي عن الوصال يستلزم الأمر بالأكل قبل طلوع الفجر . انتهى .
وتعقب بأن النهي عن الوصال إنما هو أمر بالفصل بين الصوم والفطر ، فهو أعم من الأكل آخر الليل فلا يتعين السحور ، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ندبية السحور ، وقال ابن بطال : في هذه الترجمة غفلة من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ؛ لأنه قد أخرج بعد هذا حديث أبي سعيد : nindex.php?page=hadith&LINKID=886944 " أيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر " فجعل غاية الوصال السحر وهو وقت السحور ، [ ص: 166 ] قال : والمفسر يقضي على المجمل ، انتهى . وقد تلقاه جماعة بعده بالتسليم ، وتعقبه ابن المنير في " الحاشية " بأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم يترجم على عدم مشروعية السحور وإنما ترجم على عدم إيجابه . وأخذ من الوصال أن السحور ليس بواجب ، وحيث نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال لم يكن على سبيل تحريم الوصال وإنما هو نهي إرشاد لتعليله إياه بالإشفاق عليهم ، وليس في ذلك إيجاب للسحور ، ولما ثبت أن النهي عن الوصال للكراهة فضد نهي الكراهة الاستحباب فثبت استحباب السحور ، كذا قال .
ومسألة الوصال مختلف فيها ، والراجح عند الشافعية التحريم . والذي يظهر لي أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أراد بقوله : " لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا إلخ " الإشارة إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الآتي بعد خمسة وعشرين بابا فيه بعد النهي عن الوصال أنه : nindex.php?page=hadith&LINKID=886945واصل بهم يوما ثم يوما ، ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر لزدتكم فدل ذلك على أن السحور ليس بحتم ، إذ لو كان حتما ما واصل بهم فإن الوصال يستلزم ترك السحور سواء قلنا الوصال حرام أو لا ، وسيأتي الكلام على اختلاف العلماء في حكم الوصال وعلى حديث ابن عمر أيضا في الباب المشار إليه إن شاء الله تعالى . وقوله : " أظل " بفتح الهمزة والظاء القائمة المعجمة مضارع ظللت إذا عملت بالنهار ، وسيأتي هناك بلفظ : " أبيت " وهو دال على أن استعمال أظل هنا ليس مقيدا بالنهار .