[ ص: 231 ] قوله : ( باب : متى يحل فطر الصائم ) غرض هذه الترجمة الإشارة إلى أنه هل يجب إمساك جزء من الليل لتحقق مضي النهار أم لا؟ وظاهر صنيعه يقتضي ترجيح الثاني لذكره لأثر أبي سعيد في الترجمة ، لكن محله إذا ما حصل تحقق غروب الشمس .
قوله : ( وأفطر أبو سعيد الخدري حين غاب قرص الشمس ) وصله nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة من طريق عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال : " دخلنا على أبي سعيد فأفطر ونحن نرى أن الشمس لم تغرب " ووجه الدلالة منه أن أبا سعيد لما تحقق غروب الشمس لم يطلب مزيدا على ذلك ، ولا التفت إلى موافقة من عنده على ذلك ، فلو كان يجب عنده إمساك جزء من الليل لاشترك الجميع في معرفة ذلك ، والله أعلم . ثم ذكر المصنف في الباب حديثين .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ) هو ابن عيينة ، والإسناد كله حجازيون : nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي وسفيان مكيان ، والباقون مدنيون . وفيه رواية الأبناء عن الآباء ، ورواية تابعي صغير عن تابعي كبير : هشام عن أبيه ، وصحابي صغير عن صحابي كبير عاصم عن أبيه ، وكان مولد عاصم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن لم يسمع منه شيئا .
قوله : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من طريق أبي معاوية عن هشام " قال لي " .
قوله : ( إذا أقبل الليل من هاهنا ) أي : من جهة المشرق كما في الحديث الذي يليه ، والمراد به وجود الظلمة حسا ، وذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور ؛ لأنها وإن كانت متلازمة في الأصل لكنها قد تكون في [ ص: 232 ] الظاهر غير متلازمة ، فقد يظن إقبال الليل من جهة المشرق ولا يكون إقباله حقيقة بل لوجود أمر يغطي ضوء الشمس ، وكذلك إدبار النهار ، فمن ثم قيد بقوله : " وغربت الشمس " إشارة إلى اشتراط تحقق الإقبال والإدبار ، وأنهما بواسطة غروب الشمس لا بسبب آخر ، ولم يذكر ذلك في الحديث الثاني ، فيحتمل أن ينزل على حالين : أما حيث ذكرها ففي حال الغيم مثلا ، وأما حيث لم يذكرها ففي حال الصحو ، ويحتمل أن يكونا في حالة واحدة وحفظ أحد الراويين ما لم يحفظ الآخر ، وإنما ذكر الإقبال والإدبار معا لإمكان وجود أحدهما مع عدم تحقق الغروب ، قاله القاضي عياض . وقال شيخنا في " شرح الترمذي " : الظاهر الاكتفاء بأحد الثلاثة ؛ لأنه يعرف انقضاء النهار بأحدهما ، ويؤيده الاقتصار في رواية ابن أبي أوفى على إقبال الليل
قوله : ( فقد أفطر الصائم ) أي : دخل في وقت الفطر كما يقال : أنجد ، إذا أقام بنجد ، وأتهم إذا أقام بتهامة . ويحتمل أن يكون معناه : فقد صار مفطرا في الحكم لكون الليل ليس طرفا للصيام الشرعي ، وقد رد nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة هذا الاحتمال ، وأومأ إلى ترجيح الأول فقال : قوله : " فقد أفطر الصائم " لفظ خبر ، ومعناه الأمر ، أي : فليفطر الصائم ، ولو كان المراد فقد صار مفطرا كان فطر جميع الصوام واحدا ، ولم يكن للترغيب في تعجيل الإفطار معنى ا هـ . وقد يجاب بأن المراد فعل الإفطار حسا ليوافق الأمر الشرعي ، ولا شك أن الأول أرجح ، ولو كان الثاني معتمدا لكان من حلف أن لا يفطر فصام فدخل الليل حنث بمجرد دخوله ولو لم يتناول شيئا ، ويمكن الانفصال عن ذلك بأن الأيمان مبنية على العرف ، وبذلك أفتى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في مثل هذه الواقعة بعينها ، ومثل هذا لو قال : إن أفطرت فأنت طالق . فصادف يوم العيد لم تطلق حتى يتناول ما يفطر به ، وقد ارتكب بعضهم الشطط فقال : يحنث ، ويرجح الأول أيضا رواية شعبة أيضا بلفظ : " فقد حل الإفطار " وكذا أخرجه أبو عوانة من طريق الثوري عن الشيباني ، وسيأتي لذلك مزيد بيان في " باب الوصال " بعد ثلاثة أبواب .