قوله : ( باب صوم الصبيان ) أي : هل يشرع أم لا؟ والجمهور على أنه لا يجب على من دون البلوغ ، واستحب جماعة من السلف منهم ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وقال به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنهم يؤمرون به للتمرين عليه إذا أطاقوه ، وحده أصحابه بالسبع والعشر كالصلاة ، وحده إسحاق باثنتي عشرة سنة ، وأحمد في رواية بعشر سنين ، وقال الأوزاعي : إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يضعف فيهن حمل على الصوم ، والأول قول الجمهور ، والمشهور عن المالكية أنه لا يشرع في حق الصبيان ، ولقد تلطف المصنف في التعقب عليهم بإيراد أثر عمر في صدر الترجمة ؛ لأن أقصى ما يعتمدونه في معارضة الأحاديث دعوى عمل أهل المدينة على خلافها ، ولا عمل يستند إليه أقوى من العمل في عهد عمر مع شدة تحريه ووفور الصحابة في زمانه ، وقد قال للذي أفطر في رمضان موبخا له : " كيف تفطر وصبياننا صيام؟ " ، وأغرب ابن الماجشون من المالكية فقال : إذا أطاق الصبيان الصيام ألزموه ، فإن أفطروا لغير عذر فعليهم القضاء .
[ ص: 237 ] قوله : ( وقال عمر لنشوان . . . إلخ ) أي : لإنسان نشوان ، وهو بفتح النون وسكون المعجمة ، كسكران وزنا ومعنى ، وجمعه نشاوى كسكارى ، قال ابن خالويه : سكر الرجل وانتشى وثمل ونزف بمعنى ، وقال صاحب " المحكم " : نشى الرجل وانتشى وتنشى كله سكر ، ووقع عندابن التين : النشوان السكران سكرا خفيفا . وهذا الأثر وصله nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور والبغوي في " الجعديات " من طريق عبد الله بن الهذيل " أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أتي برجل شرب الخمر في رمضان; فلما دنا منه جعل يقول : للمنخرين والفم " وفي رواية البغوي : " فلما رفع إليه عثر فقال عمر : على وجهك ويحك ، وصبياننا صيام . ثم أمر به فضرب ثمانين سوطا ، ثم سيره إلى الشام " وفي رواية البغوي : " فضربه . . . إلخ ، وكان إذا غضب على إنسان سيره إلى الشام ، فسيره إلى الشام " .
قوله : ( عن خالد بن ذكوان ) هو أبو الحسين المدني نزيل البصرة ، وهو تابعي صغير ، وليس له من الصحابة سماع من سوى nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ وهي من صغار الصحابة ، ولم يخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديثه عن غيرها .
قوله : ( عن الربيع ) في رواية مسلم من وجه آخر عن خالد " سألت الربيع " وهي بتشديد الياء مصغرا وأبوها بكسر الواو والتشديد بوزن معلم ، وهو ابن عوف ويعرف بابن عفراء ، يأتي ذكره في وقعة بدر من المغازي ، إن شاء الله تعالى .
قوله : ( أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار ) زاد مسلم : " التي حول المدينة " وقد تقدم تسمية الرسول بذلك في " باب إذا نوى بالنهار صوما " .
قوله : ( صبياننا ) زاد مسلم " الصغار ، ونذهب بهم إلى المسجد " .
قوله : ( من العهن ) أي : الصوف ، وقد فسره المصنف في رواية المستملي في آخر الحديث ، وقيل : العهن الصوف المصبوغ .
قوله : ( أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار ) هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، ووقع في رواية مسلم : " أعطيناه إياه عند الإفطار " وهو مشكل ، ورواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري توضح أنه سقط منه شيء ، وقد رواه مسلم من وجه آخر عن خالد بن ذكوان فقال فيه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887044فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم " وهو يوضح صحة رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . ووقع لمسلم شك في تقييده الصبيان بالصغار ، وهو ثابت في " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة " وغيره ، وتقييده بالصغار لا يخرج الكبار ، بل يدخلهم من باب الأولى ، وأبلغ من ذلك ما جاء في حديث رزينة - بفتح الراء وكسر الزاي - : nindex.php?page=hadith&LINKID=887045أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مرضعاته في عاشوراء ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواههم ، ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة وتوقف في صحته ، وإسناده لا بأس به ، واستدل بهذا الحديث على أن عاشوراء كان فرضا قبل أن يفرض رمضان ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في أول كتاب الصيام ، وسيأتي الكلام على صيام عاشوراء بعد عشرين بابا ، وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام كما تقدم ؛ لأن من كان في مثل السن الذي ذكر في هذا الحديث فهو غير مكلف ، وإنما صنع لهم ذلك للتمرين ، وأغرب القرطبي فقال : لعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم بذلك ، ويبعد أن يكون أمر بذلك ؛ لأنه تعذيب صغير بعبادة غير متكررة في السنة ، وما قدمناه من حديث رزينة يرد عليه ، مع أن الصحيح عند أهل الحديث وأهل الأصول أن الصحابي [ ص: 238 ] إذا قال : فعلنا كذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان حكمه الرفع ؛ لأن الظاهر اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وتقريرهم عليه مع توفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام ، مع أن هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه فما فعلوه إلا بتوقيف ، والله أعلم .