باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له
1867 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16539أبو العميس عن nindex.php?page=showalam&ids=16733عون بن أبي جحيفة عن nindex.php?page=showalam&ids=9473أبيه قال nindex.php?page=hadith&LINKID=651832آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان
قوله : ( حدثنا أبو العميس ) بمهملتين مصغر ، اسمه عتبة ; ولم أر هذا الحديث إلا من روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=16733عون بن أبي جحيفة ، ولا رأيت له راويا عنه إلا nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون ، وإلى تفردهما بذلك أشار البزار .
قوله : ( آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ) ذكر أصحاب المغازي أن المؤاخاة بين الصحابة وقعت مرتين : الأولى قبل الهجرة بين المهاجرين خاصة على المواساة والمناصرة ، فكان من ذلك أخوة nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة nindex.php?page=showalam&ids=135وحمزة بن عبد المطلب . ثم آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار بعد أن هاجر ، وذلك بعد قدومه المدينة ، وسيأتي في أول كتاب البيع حديث عبد الرحمن بن عوف " لما قدمنا المدينة آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بيني وبين nindex.php?page=showalam&ids=3402سعد بن الربيع " وذكر الواقدي أن ذلك كان بعد قدومه - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أشهر والمسجد يبنى ، وقد سمى ابن إسحاق منهم جماعة منهم أبو ذر والمنذر بن عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=1584فأبو ذر مهاجري والمنذر أنصاري . وأنكره الواقدي ؛ لأن أبا ذر ما كان قدم المدينة بعد ، وإنما قدمها بعد سنة ثلاث . وذكر ابن إسحاق أيضا الأخوة بين سلمان nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء كالذي هنا ، وتعقبه الواقدي أيضا فيما حكاه ابن سعد أن سلمان إنما أسلم بعد وقعة أحد وأول مشاهده الخندق ، والجواب عن ذلك كله أن التاريخ المذكور للهجرة الثانية هو ابتداء الأخوة ، ثم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤاخي بين من يأتي بعد ذلك وهلم جرا ، وليس باللازم أن تكون المؤاخاة وقعت دفعة واحدة حتى يرد هذا التعقب ، فصح ما قاله ابن إسحاق وأيده هذا الخبر الذي في الصحيح وارتفع الإشكال بهذا التقرير ، ولله الحمد . واعترض الواقدي من جهة أخرى فروي عن الزهري أنه كان ينكر كل مؤاخاة وقعت بعد بدر يقول : قطعت بدر المواريث .
قوله : ( فزار سلمان أبا الدرداء ) يعني : في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد أبا الدرداء غائبا .
قوله : ( متبذلة ) بفتح المثناة والموحدة وتشديد الذال المعجمة المكسورة أي : لابسة ثياب البذلة بكسر الموحدة وسكون الذال وهي المهنة وزنا ومعنى ، والمراد أنها تاركة للبس ثياب الزينة . nindex.php?page=showalam&ids=15086وللكشميهني " مبتذلة " بتقديم الموحدة والتخفيف وزن مفتعلة ، والمعنى واحد . وفي ترجمة سلمان من " الحلية لأبي نعيم " بإسناد آخر إلى nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أن سلمان دخل عليه فرأى امرأته رثة الهيئة فذكر القصة مختصرة . nindex.php?page=showalam&ids=12328وأم الدرداء هذه هي خيرة بفتح المعجمة وسكون التحتانية بنت أبي حدرد الأسلمية صحابية بنت صحابي ، وحديثها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسند أحمد وغيره ، وماتت nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء هذه قبل nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، nindex.php?page=showalam&ids=4ولأبي الدرداء أيضا امرأة أخرى يقال لها nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء تابعية اسمها هجيمة عاشت بعده دهرا وروت عنه ، وقد تقدم ذكرها في كتاب الصلاة .
قوله : ( فقال لها : ما شأنك ) ؟ زاد الترمذي في روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه : " يا nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء أمتبذلة؟ " .
قوله : ( ليس له حاجة في الدنيا ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون " في نساء الدنيا " وزاد فيه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة عن يوسف بن موسى عن nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون " يصوم النهار ويقوم الليل " .
قوله : ( فقال له : كل . قال : فإني صائم ) كذا في رواية أبي ذر ، والقائل " كل " هو سلمان والمقول له أبو الدرداء وهو المجيب بإني صائم ، وفي رواية الترمذي : " فقال : كل ، فإني صائم " وعلى هذا فالقائل أبو الدرداء والمقول له سلمان وكلاهما يحتمل ، والحاصل أن سلمان وهو الضيف أبى أن يأكل من طعام nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء حتى يأكل معه ، وغرضه أن يصرفه عن رأيه فيما يصنعه من جهد نفسه في العبادة وغير ذلك مما شكته إليه امرأته .
قوله : ( قال : ما أنا بآكل حتى تأكل ) في رواية البزار عن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=887073فقال : أقسمت عليك لتفطرن " وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة عن يوسف بن موسى ، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني من طريق علي بن مسلم وغيره ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من طريق أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=16544وعثمان ابني أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14748والعباس بن عبد العظيم ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11997أبي خيثمة كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون به ، فكأن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار لم يذكر هذه الجملة لما حدث به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وبلغ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذلك من غيره فاستعمل هذه الزيادة في الترجمة مشيرا إلى صحتها وإن لم تقع في روايته ، وقد أعاده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الأدب عن nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار بهذا الإسناد ولم يذكرها أيضا ، وأغنى بذلك عن قول [ ص: 249 ] بعض الشراح كابن المنير : إن القسم في هذا السياق مقدر قبل لفظ " ما أنا بآكل " كما قدر في قوله تعالى : وإن منكم إلا واردها وترجم المصنف في الأدب " باب صنع الطعام والتكلف للضيف " وأشار بذلك إلى حديث يروى عن سلمان في النهي عن التكلف للضيف أخرجه أحمد وغيره بسند لين ، والجمع بينهما أنه يقرب لضيفه ما عنده ولا يتكلف ما ليس عنده ، فإن لم يكن عنده شيء فيسوغ حينئذ التكلف بالطبخ ونحوه .
قوله : ( فلما كان الليل ) أي : في أوله ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة وغيره " ثم بات عنده " .
قوله : ( فلما كان في آخر الليل ) أي : عند السحر ، وكذا هو في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة ، وعند الترمذي " فلما كان عند الصبح " nindex.php?page=showalam&ids=14269وللدارقطني " فلما كان في وجه الصبح " .
وعن مالك الجواز وعدم القضاء بعذر ، والمنع وإثبات القضاء بغير عذر . وعن أبي حنيفة يلزمه القضاء مطلقا ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وغيره وشبه بمن أفسد حج التطوع فإن عليه قضاءه اتفاقا ، وتعقب بأن الحج امتاز بأحكام لا يقاس غيره عليه فيها ، فمن ذلك أن الحج يؤمر مفسده بالمضي في فاسده ، والصيام لا يؤمر مفسده بالمضي فيه فافترقا ، ولأنه قياس في مقابلة النص فلا يعتبر به ، وأغرب nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فنقل الإجماع على عدم وجوب القضاء عمن أفسد صومه بعذر ، واحتج من أوجب القضاء بما روى الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=887085 " كنت أنا nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدرتني إليه حفصة وكانت ببيت أبيها فقالت : يا رسول الله " فذكرت ذلك فقال : " اقضيا يوما آخر مكانه " قال الترمذي : رواه ابن أبي حفصة nindex.php?page=showalam&ids=16206وصالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري مثل هذا ، ورواه مالك ومعمر nindex.php?page=showalam&ids=15938وزياد بن سعد وابن عيينة وغيرهم من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلا وهو أصح ؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ذكر أنه سأل الزهري عنه فقال : لم أسمع من عروة في هذا شيئا ، ولكن سمعت من ناس عن بعض من سأل عائشة ، فذكره ثم أسنده كذلك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : هذا خطأ; وقال ابن عيينة في روايته : سئل الزهري عنه أهو عن عروة؟ فقال : لا . وقال الخلال : اتفق الثقات على إرساله ، وشذ من وصله . وتوارد الحفاظ على الحكم بضعف حديث عائشة هذا . وقد رواه من لا يوثق به عن مالك موصولا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " غرائب مالك " ، وبين مالك في روايته فقال : إن صيامهما كان تطوعا . وله من طريق أخرى عند أبي داود من طريق زميل عن عروة عن عائشة ، وضعفه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بجهالة حال زميل ، وعلى تقدير أن يكون محفوظا فقد صح عن عائشة أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=887086 - صلى الله عليه وسلم - كان يفطر من صوم التطوع كما تقدمت الإشارة إليه في " باب من نوى بالنهار صوما " .
وزاد فيه بعضهم : nindex.php?page=hadith&LINKID=887087 " فأكل ثم قال : لكن أصوم يوما مكانه " وقد ضعف nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي هذه الزيادة وحكم بخطئها ، وعلى تقدير الصحة فيجمع بينهما بحمل الأمر بالقضاء على الندب ، وأما قول القرطبي : يجاب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة بأن إفطار nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء كان لقسم سلمان ولعذر الضيافة ، فيتوقف على أن هذا العذر من الأعذار التي تبيح الإفطار ، وقد نقل ابن التين عن مذهب مالك أنه لا يفطر لضيف نزل به ولا لمن حلف عليه بالطلاق والعتاق ، وكذا لو حلف هو بالله ليفطرن كفر ولا يفطر ، وسيأتي بعد أبواب من حديث أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=887088 " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما زار أم سليم لم يفطر " وكان صائما تطوعا ، وقد أنصف ابن المنير في الحاشية فقال : ليس في تحريم الأكل في صورة النفل من غير عذر إلا الأدلة العامة كقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم إلا أن الخاص يقدم على العام كحديث سلمان ، وقول المهلب : إن أبا الدرداء أفطر متأولا ومجتهدا فيكون معذورا فلا قضاء عليه . لا ينطبق على مذهب مالك ، فلو أفطر [ ص: 251 ] أحد بمثل عذر nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء عنده لوجب عليه القضاء . ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صوب فعل nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فترقى عن مذهب الصحابي إلى نص الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ومن احتج في هذا بقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم فهو جاهل بأقوال أهل العلم ، فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال : لا تبطلوا أعمالكم بالرياء بل أخلصوها لله . وقال آخرون : لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر . ولو كان المراد بذلك النهي عن إبطال ما لم يفرضه الله عليه ولا أوجب على نفسه بنذر وغيره لامتنع عليه الإفطار إلا بما يبيح الفطر من الصوم الواجب وهم لا يقولون بذلك ، والله أعلم .