[ ص: 319 ] قوله : ( باب الاعتكاف في العشر الأواخر ، والاعتكاف في المساجد كلها ) أي : مشروطية المسجد له من غير تخصيص بمسجد دون مسجد .
قوله : ( لقوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد الآية ) ووجه الدلالة من الآية أنه لو صح في غير المسجد لم يختص تحريم المباشرة به ؛ لأن الجماع مناف للاعتكاف بالإجماع ، فعلم من ذكر المساجد أن المراد أن الاعتكاف لا يكون إلا فيها . ونقل ابن المنذر الإجماع على أن المراد بالمباشرة في الآية الجماع ، وروى الطبري وغيره من طريق قتادة في سبب نزول الآية : كانوا إذا اعتكفوا فخرج رجل لحاجته فلقي امرأته جامعها إن شاء فنزلت .
واتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف ، إلا محمد بن عمر بن لبابة المالكي فأجازه في كل مكان ، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلاة فيه ، وفيه قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي قدم ، وفي وجه لأصحابه وللمالكية يجوز للرجال والنساء ؛ لأن التطوع في البيوت أفضل ، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات ، وخصه أبو يوسف بالواجب منه ، وأما النفل ففي كل مسجد ، وقال الجمهور بعمومه من كل مسجد إلا لمن تلزمه الجمعة فاستحب له nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الجامع " ، وشرطه مالك لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة ، ويجب بالشروع عند مالك ، وخصه طائفة من السلف كالزهري بالجامع مطلقا وأومأ إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم ، وخصه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلاثة ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بمسجد مكة والمدينة nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب بمسجد المدينة ، واتفقوا على أنه لا حد لأكثره ، واختلفوا في أقله فمن شرط فيه الصيام قال : أقله يوم ، ومنهم من قال : يصح مع شرط الصيام في دون اليوم . حكاه ابن قدامة ، وعن مالك يشترط عشرة أيام ، وعنه يوم أو يومان ، ومن لم يشترط الصوم قالوا : أقله ما يطلق عليه اسم لبث ولا يشترط القعود ، وقيل : يكفي المرور مع النية كوقوف عرفة ، وروى عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية الصحابي : " إني لأمكث في المسجد الساعة وما أمكث إلا لأعتكف " ، واتفقوا على فساده بالجماع حتى قال الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : من جامع فيه لزمته الكفارة ، وعن مجاهد : يتصدق بدينارين ، واختلفوا في غير الجماع : ففي المباشرة أقوال ثالثها إن أنزل بطل وإلا فلا . ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث .