[ ص: 357 ] قوله : ( حدثنا وهيب ) أي : بإسناده المذكور وحديثه ، وقد تقدمت طريق موسى هذه في باب غسل الرجلين إلى الكعبين ، وذكر فيها أن مسح الرأس مرة ، وقد تقدم نقل الخلاف في استحباب العدد في مسح الرأس في باب الوضوء ثلاثا ثلاثا في الكلام على حديث عثمان ، وذكرنا قول أبي داود : إن الروايات الصحيحة عن عثمان ليس فيها عدد لمسح الرأس ، وأنه أورد العدد من طريقين صحح أحدهما غيره ، والزيادة من الثقة مقبولة >[1] فيحمل قول أبي داود على إرادة استثناء الطريقين اللذين ذكرهما ، فكأنه قال : إلا هذين الطريقين .
قال ابن السمعاني في الاصطلام >[2] : اختلاف الرواية يحمل على التعدد ، فيكون مسح تارة مرة وتارة ثلاثا ، فليس في رواية " مسح مرة " حجة على منع التعدد . ويحتج للتعدد بالقياس على المغسول لأن الوضوء طهارة حكمية ، ولا فرق في الطهارة الحكمية بين الغسل والمسح . وأجيب بما تقدم من أن المسح مبني على التخفيف بخلاف الغسل ، ولو شرع التكرار لصارت صورته صورة المغسول . وقد اتفق على كراهة غسل الرأس بدل المسح وإن كان مجزئا ، وأجاب بأن الخفة تقتضي عدم الاستيعاب وهو مشروع بالاتفاق فليكن العدد كذلك ، وجوابه واضح .
ومن أقوى الأدلة على عدم العدد الحديث المشهور الذي صححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة وغيره من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص في صفة الوضوء حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن فرغ من زاد على هذا فقد أساء وظلم فإن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور فيه التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة ، فدل على أن الزيادة في مسح الرأس على المرة غير مستحبة ، ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح - إن صحت - على إرادة الاستيعاب بالمسح ، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس . جمعا بين هذه الأدلة .
( تنبيه ) : لم يقع في هذه الرواية ذكر غسل الوجه ، وجوز الكرماني أن يكون هو مفعول غسل الذي وقع فيه الشك من الراوي ، والتقدير : فغسل وجهه أو تمضمض واستنشق . قلت : ولا يخفى بعده .
وقد أخرج الحديث المذكور مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي في روايتهما المذكورة وفيها بعد ذكر المضمضة والاستنشاق " ثم غسل وجهه ثلاثا " فدل على أن الاختصار من مسدد ، كما تقدم أن الشك منه . وقال الكرماني : يجوز أن يكون حذف الوجه إذا لم يقع في شيء منه اختلاف ، وذكر ما عداه لما في المضمضة والاستنشاق من الإفراد والجمع ، ولما في إدخال المرفقين ، ولما في مسح جميع الرأس ، ولما في الرجلين إلى الكعبين ، انتهى ملخصا ، ولا يخفى تكلفه .