[ ص: 358 ] قوله : ( باب وضوء الرجل ) بضم الواو لأن القصد به الفعل .
قوله : ( وفضل وضوء المرأة ) بفتح الواو ; لأن المراد به الماء الفاضل في الإناء بعد الفراغ من الوضوء ، وهو بالخفض عطفا على قوله " وضوء الرجل " .
قوله : ( وتوضأ عمر بالحميم ) أي : بالماء المسخن ، وهذا الأثر وصله nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد صحيح بلفظ " إن عمر كان يتوضأ بالحميم ويغتسل منه " ورواه ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني بلفظ " كان يسخن له ماء في قمقم ثم يغتسل منه " قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني إسناده صحيح ، ومناسبته للترجمة من جهة أن الغالب أن أهل الرجل تبع له فيما يفعل ، فأشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى الرد على من منع المرأة أن تتطهر بفضل الرجل ; لأن الظاهر أن امرأة عمر كانت تتوضأ بفضله أو معه ، فيناسب قوله " وضوء الرجل مع امرأته " أي من إناء واحد .
قوله : ( ومن بيت نصرانية ) هو معطوف على قوله " بالحميم " أي : وتوضأ عمر من بيت نصرانية ، وهذا الأثر وصله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما عن ابن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن أبيه به ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي " توضأ من ماء في جرة نصرانية " ولم يسمعه ابن عيينة من nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق سعدان بن نصر عنه قال " حدثونا عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم " فذكره مطولا . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من وجه آخر عنه بإثبات الواسطة فقال " عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه به " وأولاد زيد هم عبد الله وأسامة وعبد الرحمن ، وأوثقهم وأكبرهم عبد الله ، وأظنه هو الذي سمع ابن عيينة منه ذلك ، ولهذا جزم به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
ووقع في رواية كريمة بحذف الواو من قوله " ومن بيت " وهذا الذي جرأ الكرماني أن يقول : المقصود ذكر استعمال سؤر المرأة ، وأما الحميم فذكره لبيان الواقع . وقد عرفت أنهما أثران متغايران ، وهذا الثاني مناسب لقوله " وفضل وضوء المرأة " لأن عمر توضأ بمائها ولم يستفصل ، مع جواز أن تكون تحت مسلم واغتسلت من حيض ليحل له وطؤها ففضل منه ذلك الماء ، وهذا وإن لم يقع التصريح به لكنه محتمل ، وجرت عادة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالتمسك بمثل ذلك عند عدم الاستفصال ، وإن كان غيره لا يستدل بذلك ففيه دليل على جواز التطهر بفضل وضوء المرأة المسلمة لأنها لا تكون أسوأ حالا من النصرانية . وفيه دليل على جواز استعمال مياه أهل الكتاب من غير استفصال .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : لا بأس بالوضوء من ماء المشرك وبفضل وضوئه ما لم تعلم فيه نجاسة . وقال ابن المنذر : انفرد nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي بكراهة فضل المرأة إذا كانت جنبا .
قوله : ( حدثنا عبد الله بن يوسف ) هو التنيسي أحد رواة الموطأ .
قوله : ( كان الرجال والنساء ) ظاهره التعميم فاللام للجنس لا للاستغراق .
قوله : ( في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) يستفاد منه أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يرى أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يكون حكمه الرفع وهو الصحيح ، وحكي عن قوم خلافه لاحتمال أنه لم يطلع ، وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي تقع لهم ومنهم ، ولو لم يسألوه لم يقروا على فعل غير الجائز في زمن التشريع ، فقد استدل أبو سعيد وجابر على إباحة العزل بكونهم كانوا يفعلونه والقرآن ينزل ولو كان منهيا لنهى عنه القرآن ، وزاد ابن ماجه عن هشام بن عمار عن مالك في [ ص: 359 ] هذا الحديث " من إناء واحد " ، وزاد أبو داود من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر " ندلي فيه أيدينا " وفيه دليل على أن الاغتراف من الماء القليل لا يصيره مستعملا لأن أوانيهم كانت صغارا كما صرح به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم في عدة مواضع ، وفيه دليل على طهارة الذمية واستعمال فضل طهورها وسؤرها لجواز تزوجهن ، وعدم التفرقة في الحديث بين المسلمة وغيرها .
قوله : ( جميعا ) ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة ، وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضئون جميعا في موضع واحد ، هؤلاء على حدة وهؤلاء على حدة ، والزيادة المتقدمة في قوله " من إناء واحد " ترد عليه ، وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب ، وقد أجاب ابن التين عنه بما حكاه عن سحنون أن معناه كان الرجال يتوضئون ويذهبون ثم تأتي النساء فيتوضأن ، وهو خلاف الظاهر من قوله " جميعا " ، قال أهل اللغة : الجميع ضد المفترق ، وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في هذا الحديث من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=883683أنه أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه ، والأولى في الجواب أن يقال : لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب ، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ثم القرطبي والنووي الاتفاق على جواز اغتسال الرجل والمرأة من الإناء الواحد . وفيه نظر ، لما حكاه ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه كان ينهى عنه ، وكذا حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن قوم ، وهذا الحديث حجة عليهم .
ونقل النووي أيضا الاتفاق على جواز وضوء المرأة بفضل الرجل دون العكس ، وفيه نظر أيضا فقد أثبت الخلاف فيه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، وثبت عن ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي المنع لكن مقيدا بما إذا كانت حائضا ، وأما عكسه فصح عن nindex.php?page=showalam&ids=147عبد الله بن سرجس الصحابي nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب والحسن البصري أنهما منعوا التطهر بفضل المرأة ، وبه قال أحمد وإسحاق ، لكن قيداه بما إذا خلت به لأن أحاديث الباب ظاهرة في الجواز إذا اجتمعا ، ونقل الميموني عن أحمد أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة ، قال : لكن صح عن عدة من الصحابة المنع فيما إذا خلت به ، وعورض بصحة الجواز عن جماعة من الصحابة منهم ابن عباس . والله أعلم .
وأشهر الأحاديث في ذلك من الجهتين حديث nindex.php?page=showalam&ids=9669الحكم بن عمرو الغفاري في المنع ، وحديث ميمونة في الجواز .
وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة لأنه كان يقبل التلقين ، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم . وقول أحمد : إن الأحاديث من الطريقين مضطربة إنما يصار إليه عند تعذر الجمع ، وهو ممكن بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء ، والجواز على ما بقي من الماء ، وبذلك جمع nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، أو يحمل النهي على التنزيه جمعا بين الأدلة . والله أعلم .