[ ص: 336 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم " كتاب البيوع " وقول الله تعالى : وأحل الله البيع وحرم الربا وقوله : إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم كذا للأكثر ، ولم يذكر النسفي ولا أبو ذر الآيتين والبيوع جمع بيع ، وجمع لاختلاف أنواعه . والبيع نقل ملك إلى الغير بثمن ، والشراء قبوله ، ويطلق كل منهما على الآخر . وأجمع المسلمون على جواز البيع والحكمة تقتضيه ؛ لأن حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه غالبا ، وصاحبه قد لا يبذله له ، ففي تشريع البيع وسيلة إلى بلوغ الغرض من غير حرج ، والآية الأولى أصل في جواز البيع ، وللعلماء فيها أقوال أصحها أنه عام مخصوص ، فإن اللفظ لفظ عموم يتناول كل بيع فيقتضي إباحة الجميع ، لكن قد منع الشارع بيوعا أخرى وحرمها فهو عام في الإباحة مخصوص بما لا يدل الدليل على منعه . وقيل : عام أريد به الخصوص ، وقيل : مجمل بينته السنة ، وكل هذه الأقوال تقتضي أن المفرد المحلى بالألف واللام يعم . والقول الرابع أن اللام في البيع للعهد ، وأنها نزلت بعد أن أباح الشرع بيوعا وحرم بيوعا فأريد بقوله : وأحل الله البيع أي : الذي أحله الشرع من قبل . ومباحث nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره تدل على أن البيوع الفاسدة تسمى بيعا ، وإن كانت لا يقع بها الحنث لبناء الأيمان على العرف ، والآية الأخرى تدل على إباحة التجارة في البيوع الحالة وأولها في البيوع المؤجلة .
[ ص: 337 ] [ ص: 338 ] قوله : ( باب ما جاء في قول الله - عز وجل - : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله إلى آخر السورة ) كذا لأبي ذر ، وللنسفي " الآيتين " أي إلى آخر الآيتين ، وساق في رواية كريمة الآيتين بتمامهما .
قوله : ( وقوله : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) والآية الأولى يؤخذ منها مشروعية البيع من طريق عموم ابتغاء الفضل ؛ لأنه يشمل التجارة وأنواع التكسب ، واختلف في الأمر المذكور ، فالأكثر على أنه للإباحة ، ونكتتها مخالفة أهل الكتاب في منع ذلك يوم السبت فلم يحظر ذلك على المسلمين ، وقال الداودي الشارح : هو على الإباحة لمن له كفاف ولمن لا يطيق التكسب ، وعلى الوجوب للقادر الذي لا شيء عنده لئلا يحتاج إلى السؤال وهو محرم عليه مع القدرة على التكسب ، وسيأتي بقية تفسير الآيتين في تفسير الجمعة . وأغرب بعض الشراح فقال : إن الآيات المذكورة ظاهرة في إباحة التجارة إلا الأخيرة فهي إلى النهي عنها أقرب ، يعني قوله : وإذا رأوا تجارة أو لهوا إلخ ، ثم أجاب بأن التجارة المذكورة مقيدة بالصفة المذكورة ، فمن ثم أشير إلى ذمها ، فلو خلت عن المعارض لم تذم . والذي يظهر أن مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذه الترجمة قوله : وابتغوا من فضل الله وأما ذكر التجارة فيها فقد أفرده بترجمة تأتي بعد ثمانية أبواب ، والآية الثانية فيها تقييد التجارة المباحة بالتراضي . وقوله : أموالكم أي : مال كل إنسان لا يصرفه في محرم ، أو المعنى : لا يأخذ بعضكم مال بعض . وقوله : إلا أن تكون الاستثناء منقطع اتفاقا والتقدير لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، لكن إن حصلت بينكم تجارة وتراضيتم بها فليس بباطل . وروى أبو داود من حديث أبي سعيد مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=887290إنما البيع عن تراض وهو طرف من حديث طويل ، وروى الطبري من مرسل أبي قلابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=887291لا يتفرق بيعان إلا عن رضا ورجاله ثقات ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=12007أبي زرعة بن عمرو أنه كان إذا بايع رجلا يقول له : خيرني . ثم يقول : قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=887292لا يفترق اثنان - يعني في البيع - إلا عن رضا وأخرجه أبو داود أيضا ، وسيأتي الكلام في الخيار قريبا إن شاء الله تعالى . ومن طريق سعيد عن قتادة أنه تلا هذه الآية فقال : التجارة رزق من رزق الله لمن طلبها بصدقها . ثم ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب أربعة أحاديث : الأول حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
[ ص: 339 ] قوله : ( أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وأبو سلمة ) كذا في رواية شعيب ، وقد تقدم في أواخر كتاب العلم من طريق مالك عن الزهري فقال : " عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج " وهو صحيح عن الزهري عن كل منهم ، وطريقه عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج مختصرة ، وسيأتي في الاعتصام من طريق سفيان عن الزهري أتم منه ، وقد تقدمت مباحث الحديث هناك . والمقصود منه قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887293إن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق " والصفق بفتح المهملة - ووقع في رواية القابسي بالسين وسكون الفاء بعدها قاف - والمراد به التبايع ، وسميت البيعة صفقة لأنهم اعتادوا عند لزوم البيع ضرب كف أحدهما بكف الآخر إشارة إلى أن الأملاك تضاف إلى الأيدي ، فكأن يد كل واحد استقرت على ما صار له . ووجه الدلالة منه وقوع ذلك في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - واطلاعه عليه وتقريره له .
قوله : ( على ملء بطني ) أي : مقتنعا بالقوت أي : فلم تكن له غيبة عنه .
قوله : ( نمرة ) بفتح النون وكسر الميم أي : كساء ملونا . وقال ثعلب : هي ثوب مخطط ، وقال القزاز : دراعة تلبس فيها سواد وبياض . وقد تقدمت بقية مباحثه في أواخر كتاب العلم ؛ لأنه ساق هذا الكلام الأخير هناك من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ويأتي شيء من ذلك في كتاب الاعتصام .