باب الكيل على البائع والمعطي لقول الله تعالى وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون يعني كالوا لهم ووزنوا لهم كقوله يسمعونكم يسمعون لكم وقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتالوا حتى تستوفوا ويذكر عن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل
[ ص: 404 ] قوله : ( باب الكيل على البائع والمعطي ) أي : مؤنة الكيل على المعطي بائعا كان أو موفي دين أو غير ذلك . ويلتحق بالكيل في ذلك الوزن فيما يوزن من السلع وهو قول فقهاء الأمصار ، وكذلك مؤنة وزن الثمن على المشتري إلا نقد الثمن فهو على البائع على الأصح عند الشافعية .
قوله : ( وقول الله - عز وجل - : وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون يعني : كالوا لهم أو وزنوا لهم ) هو تفسير أبي عبيدة في " المجاز " وبه جزم الفراء وغيره ، وخالفهم عيسى بن عمر فكان يقف على " كالوا " وعلى " وزنوا " ثم يقول : هم . وزيفه الطبري ، والجمهور أعربوه على حذف الجار ووصل الفعل ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكون على حذف المضاف وهو المكيل مثلا أي : كالوا مكيلهم وقوله : كقوله يسمعونكم أي : يسمعون لكم . ومعنى الترجمة أن المرء يكيل له غيره إذا اشترى ويكيل هو إذا باع .
قوله : ( ويذكر عن عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : إذا بعت فكل ، وإذا ابتعت فاكتل ) وصله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريق عبيد الله بن المغيرة المصري عن منقذ مولى ابن سراقة عن عثمان بهذا ، ومنقذ مجهول الحال ، لكن له طريق أخرى أخرجها أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من طريق موسى بن وردان عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن عثمان به ، وفيه ابن لهيعة ولكنه من قديم حديثه ؛ لأن ابن عبد الحكم أورده في " فتوح مصر " من طريق الليث عنه ، وأشار ابن التين إلى أنه لا يطابق الترجمة ، قال : لأن معنى قوله : " إذا بعت فكل " أي : فأوف " وإذا ابتعت فاكتل " أي : فاستوف ، قال : والمعنى أنه إذا أعطى أو أخذ لا يزيد ولا ينقص ، أي : لا لك ولا عليك . انتهى . لكن في طريق الليث زيادة تساعد ما أشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولفظه : " إن عثمان قال : كنت أشتري التمر من سوق بني قينقاع ، ثم أجلبه إلى المدينة ، ثم أفرغه لهم وأخبرهم بما فيه من المكيلة فيعطوني ما رضيت به من الربح ، فيأخذونه ويأخذونه بخبري . فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال . . . فظهر أن المراد بذلك تعاطي الكيل حقيقة لا خصوص طلب عدم الزيادة والنقصان ، وله شاهد مرسل أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الحكم قال : " قدم لعثمان طعام " فذكر نحوه بمعناه . ثم أورد المصنف حديث ابن عمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887387من باع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " وسيأتي الكلام عليه بعد أبواب ، وحديث جابر في قصة دين أبيه ، وسيأتي الكلام عليه وعلى ما اختلف من ألفاظه وطرقه في " علامات النبوة " إن شاء الله تعالى : والغرض منه قوله فيه : " ثم قال كل القوم " فإنه مطابق لقوله في الترجمة : " الكيل على المعطي " . وقوله فيه : " صنف تمرك أصنافا " [ ص: 405 ] أي : اعزل كل صنف منه وحده ، وقوله فيه : " وعذق ابن زيد " العذق بفتح العين النخلة وبكسرها العرجون والذال فيهما معجمة ، وابن زيد شخص نسب إليه النوع المذكور من التمر . وأصناف تمر المدينة كثيرة جدا ، فقد ذكر الشيخ أبو محمد الجويني في " الفروق " أنه كان بالمدينة فبلغه أنهم عدوا عند أميرها صنوف التمر الأسود خاصة فزادت على الستين ، قال : والتمر الأحمر أكثر من الأسود عندهم .