باب النجش ومن قال لا يجوز ذلك البيع وقال nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى الناجش آكل ربا خائن وهو خداع باطل لا يحل قال النبي صلى الله عليه وسلم الخديعة في النار ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
قوله : ( باب النجش ) بفتح النون وسكون الجيم بعدها معجمة ، وهو في اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد ، يقال : نجشت الصيد أنجشه بالضم نجشا . وفي الشرع الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها ، سمي بذلك لأن الناجش يثير الرغبة في السلعة ويقع ذلك بمواطأة البائع فيشتركان في الإثم ، ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص بذلك الناجش ، وقد يختص به البائع كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر مما اشتراها به ليغر غيره بذلك كما سيأتي من كلام الصحابي في هذا الباب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة النجش الختل والخديعة ، ومنه قيل : للصائد : ناجش ؛ لأنه يختل الصيد ويحتال له .
قوله : ( ومن قال لا يجوز ذلك البيع ) كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق من طريق عمر بن عبد العزيز : " أن عاملا له باع سبيا فقال له : لولا أني كنت أزيد فأنفقه لكان كاسدا ، فقال له عمر : هذا نجش لا يحل ، فبعث مناديا ينادي : إن البيع مردود ، وإن البيع لا يحل " ، قال ابن بطال : أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله ، واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك ، ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع ، وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك ، وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان ذلك بمواطأة البائع أو صنعه ، والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار ، وهو وجه للشافعية قياسا على المصراة ، والأصح عندهم صحة البيع مع الإثم ، وهو قول الحنفية ، وقال الرافعي : أطلق nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " المختصر " تعصية الناجش ، وشرط في تعصية من باع على بيع أخيه أن يكون عالما بالنهي . وأجاب الشارحون بأن النجش خديعة ، وتحريم الخديعة واضح لكل أحد ، وإن لم يعلم هذا الحديث بخصوصه ، بخلاف البيع على بيع أخيه فقد لا يشترك [ ص: 417 ] فيه كل أحد . واستشكل الرافعي الفرق بأن البيع على بيع أخيه إضرار ، والإضرار يشترك في علم تحريمه كل أحد ، قال : فالوجه تخصيص المعصية في الموضعين بمن علم التحريم ا هـ . وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " المعرفة " و " السنن " عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي تخصيص التعصية في النجش أيضا بمن علم النهي فظهر أن ما قاله الرافعي بحثا منصوص ، ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : النجش أن يحضر الرجل السلعة تباع فيعطي بها الشيء وهو لا يريد شراءها ليقتدي به السوام فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه ، فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالما بالنهي ، والبيع جائز لا يفسده معصية رجل نجش عليه .
قال ابن أبي أوفى : " الناجش آكل ربا خائن " أورده من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن السكسكي ، وقد أخرجه ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور عن يزيد مقتصرين على الموقوف ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من وجه آخر عن ابن أبي أوفى مرفوعا لكن قال : " ملعون " بدل " خائن " ا هـ . وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشتريها في غرور الغير فاشتركا في الحكم لذلك وكونه آكل ربا بهذا التفسير ، وكذلك يصح على التفسير الأول إن واطأه البائع على ذلك وجعل له عليه جعلا فيشتركان جميعا في الخيانة ، وقد اتفق أكثر العلماء على تفسير النجش في الشرع بما تقدم ، وقيد nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر nindex.php?page=showalam&ids=12815وابن العربي وابن حزم التحريم بأن تكون الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : فلو أن رجلا رأى سلعة رجل تباع بدون قيمتها فزاد فيها لتنتهي إلى قيمتها لم يكن ناجشا عاصيا ، بل يؤجر على ذلك بنيته ، وقد وافقه على ذلك بعض المتأخرين من الشافعية ، وفيه نظر إذ لم تتعين النصيحة في أن يوهم أنه يريد الشراء وليس من غرضه بل غرضه أن يزيد على من يريد الشراء أكثر مما يريد أن يشتري به ، فللذي يريد النصيحة مندوحة عن ذلك أن يعلم البائع بأن قيمة سلعتك أكثر من ذلك ، ثم هو باختياره بعد ذلك ، ويحتمل أن لا يتعين عليه إعلامه بذلك حتى يسأله للحديث الآتي " nindex.php?page=hadith&LINKID=887418دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ، فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه " والله أعلم .
قوله : ( وهو خداع باطل لا يحل ) هو من تفقه المصنف ، وليس من تتمة كلام ابن أبي أوفى ، وقد ذكرنا توجيه ما قاله المصنف قبل .