[ ص: 437 ] قوله : ( باب النهي عن تلقي الركبان ، وأن بيعه مردود ؛ لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالما ، وهو خداع في البيع ، والخداع لا يجوز ) جزم المصنف بأن البيع مردود بناء على أن النهي يقتضي الفساد ، لكن محل ذلك عند المحققين فيما يرجع إلى ذات المنهي عنه لا ما إذا كان يرجع إلى أمر خارج عنه فيصح البيع ويثبت الخيار بشرطه الآتي ذكره ، وأما كون صاحبه عاصيا آثما والاستدلال عليه بكونه خداعا فصحيح ، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون البيع مردودا ؛ لأن النهي لا يرجع إلى نفس العقد ولا يخل بشيء من أركانه وشرائطه ، وإنما هو لدفع الإضرار بالركبان ، والقول ببطلان البيع صار إليه بعض المالكية وبعض الحنابلة ، ويمكن أن يحمل قول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن البيع مردود على ما إذا اختار البائع رده فلا يخالف الراجح ، وقد تعقبه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي وألزمه التناقض ببيع المصراة فإن فيه خداعا ومع ذلك لم يبطل البيع ، وبكونه فصل في بيع الحاضر للبادي بين أن يبيع له بأجر أو بغير أجر ، واستدل عليه أيضا بحديث حكيم بن حزام الماضي في بيع الخيار ففيه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887455فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما " قال : فلم يبطل بيعهما بالكذب والكتمان للعيب ، وقد ورد بإسناد صحيح : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887456أن صاحب السلعة إذا باعها لمن تلقاه يصير بالخيار إذا دخل السوق " ثم ساقه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال ابن المنذر : أجاز أبو حنيفة التلقي وكرهه الجمهور .
قلت : الذي في كتب الحنفية يكره التلقي في حالتين : أن يضر بأهل البلد ، وأن يلتبس السعر على الواردين . ثم اختلفوا : فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من تلقاه فقد أساء وصاحب السلعة بالخيار ، وحجته حديث أيوب عن ابن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : nindex.php?page=hadith&LINKID=887457أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تلقي الجلب ، فإن تلقاه فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق قلت : وهو حديث أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من طريق أيوب ، وأخرجه مسلم من طريق هشام عن ابن سيرين بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=887458لا تلقوا [ ص: 438 ] الجلب ، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار " وقوله : " فهو بالخيار " أي : إذا قدم السوق وعلم السعر ، وهل يثبت له مطلقا أو بشرط أن يقع له في البيع غبن؟ وجهان ، أصحهما الأول وبه قال الحنابلة ، وظاهره أيضا أن النهي لأجل منفعة البائع وإزالة الضرر عنه وصيانته ممن يخدعه . قال ابن المنذر : وحمله مالك على نفع أهل السوق لا على نفع رب السلعة ، وإلى ذلك جنح الكوفيون nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي قال : والحديث حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ؛ لأنه أثبت الخيار للبائع لا لأهل السوق . انتهى . واحتج مالك بحديث ابن عمر المذكور في آخر الباب ، وسيأتي الكلام على ذلك .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب ) هو ابن عبد المجيد الثقفي .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد ) هو المقبري .
قوله : ( عن التلقي ) ظاهره منع التلقي مطلقا سواء كان قريبا أم بعيدا ، سواء كان لأجل الشراء منهم أم لا ، وسيأتي البحث فيه .